مخاوف بين مسلمي ميدلزبرة بسبب أعمال الشغب العنصرية
![مخاوف بين مسلمي ميدلزبرة بسبب أعمال الشغب العنصرية](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2025/02/ميدلزبرة.webp)
تتزايد المخاوف بين المسلمين في مدينة ميدلزبرة البريطانية في ظل تصاعد أعمال الشغب ذات الطابع العنصري، والتي عمَّقت الشعور بالقلق وعدم الأمان لدى المجتمع الإسلامي في البلدة الواقعة شمال إنجلترا.
وأشارت الناشطة في مجال حقوق المرأة لشازيا نور إلى تلك الأحداث واصفةً إياها بغير المسبوقة، مؤكدّةً أن هاتفها لم يتوقف هاتفها عن استقبال مكالمات النساء المسلمات المذعورات اللاتي وجدن أنفسهن محاصرات في دائرة من الخوف والتوتر، خلال الأيام العصيبة التي شهدتها المدينة.
وقالت نور: “تلقيت مئات الاتصالات من نساء يشعرن بالهلع، يسألنني: هل يمكننا الخروج؟ هل من الوضع آمن ومناسب للذهاب لشراء حاجياتنا؟”، مضيفةً أن بعضهن تعرضن لهجمات مباشرة، حيث حطم مجهولون نوافذ منازلهن، وهو ما زاد من حدة الرعب الذي خيَّم على المجتمع المسلم.
تصاعد العنصرية في مدينة ميدلزبرة
![ضابط رفيع يعترف بأن العنصرية لا تزال متغلغلة بين ضباط شرطة لندن](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2022/02/met-uns-1.jpg)
ووصلت التوترات إلى ذروتها عندما أقام رجال بيض نقاط تفتيش عشوائية في شوارع ميدلزبرة، مستجوبين السائقين حول أصولهم العرقية، في مشهد ذكَّر الكثيرين بصفحات قاتمة من التاريخ العنصري في المملكة المتحدة.
وتشير نور إلى أن النساء المحجبات كنَّ الأكثر استهدافًا، حيث تعرضن للمضايقات والهجمات اللفظية والجسدية. وتشدد قائلة: ” إن النساء اللاتي يرتدينَ الحجاب أصبحن هدفًا واضحًا للعنصريين، وهو ما حرمنا من الشعور بالأمان في الأماكن العامة”.
ووفقًا لمنظمة “تيل ماما” المتخصصة في رصد جرائم الكراهية ضد المسلمين، فقد سجلت بريطانيا نحو 4971 اعتداء عنصري ضد المسلمين في العام الماضي فقط.
وبالرغم من هذه الأرقام المقلقة، يرى العديد من الناشطين أن الحلول الحكومية ما زالت دون المستوى المطلوب.
وأكدت شاهلة خان، وهي بريطانية من أصول باكستانية وهندية من سكان ميدلزبرة أن العنصرية لم تنسحر حتى بعد انتهاء أعمال الشغب، بل استمرت بأشكال أخرى.
وقالت خان: “انخفضت مبيعات المطاعم والمتاجر المملوكة لمسلمين نتيجة أعمال الشغب، وبدأ البعض يسمع عبارات مهينة مثل: ما زلتم هنا؟”.
وترى خان أن الخطابات السياسية والإعلامية المغلوطة ساهمت في تأجيج الكراهية ضد المسلمين، خاصة بعد انتشار شائعات مغلوطة عبر الإنترنت تتهم لاجئًا مسلمًا بجريمة قتل، بينما كان الجاني الحقيقي شابًا غير مسلم.
العوامل التي تغذي خطاب الكراهية في بريطانيا
![الهجمات العنصرية في بريطانيا طالت ثلث المساجد فيها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة!](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2022/06/هجمات-عنصرية.jpg)
ولم تكن ميدلزبرة بمنأى عن موجات العنف العنصري تاريخيًا، ففي عام 1961، شهدت المدينة هجمات ممنهجة ضد العائلات الباكستانية، أُجبرت خلالها العديد من الأسر على الفرار.
وفي عام 2011، تعرض سائق التاكسي المسلم، محمد زبير، لاعتداء عنصري ليلة مظاهرة مناهضة للإسلام، وهو ما أدى إلى وفاته لاحقًا بأزمة قلبية، تاركًا أثرًا عميقًا في المجتمع المحلي.
ويسعى نشطاء مسلمون إلى تغيير الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين من خلال التوعية المجتمعية لمواجهة هذه الموجة من العنصرية.
وفي هذا الصدد أسس أمجد خزير منظمة “ميديا كالتشر” لإنتاج أفلام تعليمية تهدف إلى مكافحة انتشار الروايات العنصرية في المدارس والأندية الرياضية.
يقول خزير: “إن الحلول المؤقتة ليست كافية، نحن بحاجة إلى فهم جذور المشكلة ومعالجتها عبر التعليم والحوار”، مشيرًا إلى أن انتشار الأخبار الزائفة على وسائل التواصل الاجتماعي كان أحد العوامل الرئيسية في تأجيج أعمال الشغب.
ازدياد التنوع العرقي في مدينة ميدلزبرة
![بريطانيا تتوحد ضد العنصرية](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2024/08/إمام-مسجد.webp)
وتشير إحصائيات المجلس المحلي إلى أن ميدلزبرة باتت أكثر تنوعًا من أي وقت مضى، حيث تشكل الأقليات العرقية نحو 17.6 في المئة من السكان، وهي زيادة بنسبة 51 في المئة منذ عام 2011.
ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تغذي الخطاب المعادي للمهاجرين.
وفي هذا الصدد أكد جوهر إحسان رئيس مسجد ميدلزبرة المركزي أن الحل يكمن في تعزيز التفاهم والحوار بين المجتمعات المختلفة.
يقول إحسان : “نفتح أبواب مسجدنا للجميع، ونؤمن بأن الحوار المباشر يمكنه تبديد الكثير من المفاهيم المغلوطة. لقد رأينا أشخاصًا يأتون إلينا بوجوه متجهمة، ثم يغادرون بابتسامة بعد أن يعرفوا الحقيقة”.
ورغم التحديات المتزايدة، يتمسك مسلمو ميدلزبرة بالأمل في مستقبل أكثر أمانًا، حيث يسعون جاهدين لإرساء قيم التعايش المشترك، في مواجهة موجات الكراهية التي تهدد نسيج مجتمعهم.
المصدر: الجزيرة
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇