مسلمو بريطانيا بعد 20 عامًا على تفجيرات لندن: “نعيش في خطر”
مرّ عشرون عامًا على تفجيرات لندن التي أودت بحياة 52 شخصًا، وتركت تأثيرات عميقة على المجتمع البريطاني، لا سيما على الجالية المسلمة التي شعرت بموجة من العزلة والعداء. في هذا السياق، لا تزال الجالية المسلمة في بريطانيا تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتمييز والعنصرية، فيما تعتبر العديد من الأصوات أن الوضع قد تدهور في ظل السياسات الحكومية الأخيرة.
التأثير النفسي والاجتماعي لتفجيرات 7 يوليو:
الألم الجماعي والشعور بالذنب
عشية الذكرى العشرين لتفجيرات 7 يوليو 2005، لا يزال العديد من أفراد الجالية المسلمة في بريطانيا يتذكرون الألم العميق الذي تركته تلك التفجيرات. الإمام قاري عاصم، الذي كان يعيش في ليدز حيث كان ثلاثة من المنفذين ينحدرون منها، يذكر كيف شعر المسلمون في المدينة بحزن جماعي، لكن أيضًا بمشاعر إضافية من الذنب. ففي ظل الحداد الذي عمّ البلاد، عاشت الجالية المسلمة ضغوطًا نفسية تمثلت في ضرورة تبرير انتمائها ورفض التشدد.
ردود الفعل الأولى بعد التفجيرات
في الأيام التي تلت التفجيرات، شهدت بريطانيا ارتفاعًا كبيرًا في الحوادث العنصرية ضد المسلمين، حيث سجلت الشرطة 180 حادثة عنصرية في ثلاثة أيام فقط، من بينها 58 حادثة ذات صلة بالدين. وقد استهدفت بعض المساجد بهجمات حرق متعمد. كما أظهرت استطلاعات الرأي أن ثلثي المسلمين فكروا في مغادرة البلاد بعد الهجمات.
زيادة الإسلاموفوبيا والسياسات الحكومية:
سياسات مكافحة الإرهاب وتأثيراتها على المسلمين
منذ تلك الحادثة، واجهت الجالية المسلمة تداعيات مستمرة من السياسات الحكومية لمكافحة الإرهاب. فقد أُدخلت سلسلة من القوانين في عهد رئيس الوزراء توني بلير، كان الهدف منها تعزيز الأمن الجماعي، لكنها خلقت مشاعر من العزلة والتهميش في المجتمع المسلم. وبحسب الإمام قاري عاصم، فإن هذه السياسات أدت إلى زيادة في جرائم الكراهية والاعتقالات بناءً على الدين، وأثرت بشكل سلبي على العلاقة بين الجالية المسلمة والسلطات البريطانية.
الزيادة في الاعتداءات ضد المسلمين
بحلول عام 2024، كشف تقرير عن زيادة كبيرة في الاعتداءات الإسلاموفوبية التي ارتفعت بنسبة 73%، مشيرًا إلى دور الخطاب المعادي للإسلام الذي انتشر بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن نظرية “الاستبدال العظيم” التي تروج لها اليمين المتطرف.
التحديات المستمرة:
الثقة المفقودة والتجربة اليومية للمسلمين
أحد التأثيرات المقلقة التي خلفتها التفجيرات هو فقدان الثقة بين المسلمين والسلطات البريطانية. وقالت شبنة بيغوم، المديرة التنفيذية لصندوق رنيميد، إن المسلمين يشعرون بشكل مستمر بأنه يُنظر إليهم كمصدر تهديد، وأنهم يُستبعدون من دائرة “الذين يُعتبرون بريطانيين” بشكل فعلي. ورغم ذلك، أشارت إلى أن هناك مجالًا لتحسين الأوضاع إذا تم تغيير الخطاب السياسي وإعطاء الأولوية للتضامن الاجتماعي.
التغيرات الإيجابية والمشاركة في الحياة العامة:
المشاركة المتزايدة للمسلمين في الحياة العامة
من جهة أخرى، شهدت بريطانيا بعض التغيرات الإيجابية بعد التفجيرات، أبرزها زيادة مشاركة المسلمين في الحياة العامة، وظهور العديد من المنظمات الإسلامية والجمعيات الخيرية التي تسهم في تحسين صورة الجالية المسلمة. ولكن، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتعلق بكيفية تعزيز الثقة بين المسلمين والمجتمع الأوسع.
استراتيجية “كونتست” و”بريفِنت”
واحدة من النقاط المثيرة للجدل كانت استراتيجية “كونتست” التي بدأت في 2005، والتي تضمنت برنامج “بريفِنت” الذي كان يهدف إلى معالجة “جذور الإرهاب”. ورغم محاولات الحكومة تقديم هذا البرنامج كإجراء للحد من التطرف، إلا أن العديد من المسلمين والناشطين يعتبرون أن البرنامج أدى إلى زيادة المراقبة الثقافية وأدى إلى تفكك الثقة بين المجتمع المسلم والسلطات البريطانية.
رأي منصة العرب في بريطانيا AUK:
إن هذه التطورات تمثل جزءًا من قضية أوسع تتعلق بالعلاقة بين المسلمين والدولة في المملكة المتحدة. إن تأثيرات السياسات التي أُقرّت بعد تفجيرات 7/7 على الجالية المسلمة تشير إلى ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات، والتركيز على تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف المكونات الاجتماعية في المملكة المتحدة. وتشير AUK إلى أن نجاح أي مجتمع يعتمد على تبني التنوع والقبول المتبادل، وأن مكافحة الإرهاب يجب أن تتم بدون التأثير على حقوق وكرامة المواطنين.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C
