مدن بريطانية مهددة بالاختفاء بسبب الفيضانات.. وتحذيرات من خسارة الملايين منازلهم
حذّرت صحيفة الغارديان في تقرير استقصائي جديد من أن ملايين المنازل والممتلكات في إنجلترا واسكتلندا وويلز تواجه خطر الفيضانات المدمّرة خلال العقود القادمة، في ظل تصاعد آثار تغيّر المناخ وارتفاع منسوب مياه البحار، ما قد يجعل بعض المناطق غير قابلة للسكن أو التأمين.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المدن والبلدات البريطانية، من بينها لندن ومانشستر وأجزاء من شمال شرق إنجلترا، قد تصبح في مرمى العواصف المتكررة، في حين يُتوقع أن تتحوّل بعض المناطق المنخفضة إلى “أماكن غير قابلة للتأمين”، مع احتمال أن تضطر السلطات للتخلي عنها جزئيًّا في المستقبل القريب.
مدن قد تُهجر بسبب الكوارث المناخية

وتُعَدّ بلدة تينبري ويلز (Tenbury Wells) في مقاطعة ووركشير مثالًا صارخًا على تفاقم الأزمة، إذ أصبحت أول بلدة في بريطانيا تُعلن أن بعض مبانيها العامة لم تعد قابلة للتأمين بعد أن غمرتها الفيضانات أربع مرات خلال السنوات الست الماضية فقط.
وقالت ليسلي ديفيز، نائبة رئيس بلدية تنبري: “نشعر وكأننا تُركنا لمصيرنا. نحن نموذج لما سيحدث قريبًا في مدن أخرى على ضفاف الأنهار في مختلف أنحاء البلاد”.
ويحذر خبراء المناخ من أن التغيرات المناخية ستجعل مثل هذه الحالات أكثر شيوعًا في مختلف أنحاء بريطانيا، مع توقع ارتفاع عدد العقارات المعرضة لخطر الفيضانات في إنجلترا بنسبة 27 في المئة، من 6.3 مليون إلى 8 ملايين عقار بحلول منتصف القرن، وقد تزيد مخاطر الفيضانات المفاجئة بنسبة 66 في المئة.
لندن في خطر!
هذا وحذّرت الرئيسة السابقة لوكالة البيئة البريطانية إيما بويد من أن لندن نفسها ليست بمنأى عن الخطر، منبّهة إلى ضرورة تحديث الدفاعات الحالية ضد الفيضانات بشكل عاجل.
“يفترض الكثيرون أنهم محميون بحاجز نهر التايمز، لكن هذا غير كافٍ على المدى البعيد. نحن بحاجة إلى مشروع ضخم لرفع السدود وبناء حاجز جديد”.
وأشارت بويد إلى أن الحكومة البريطانية قد تواجه قرارات “مؤلمة” تتعلق بترك بعض المناطق المهددة، في ظل محدودية الموارد المالية وارتفاع تكاليف الحماية.
وذكرت شركة التأمين (Aviva) في تحليل جديد أن بعض الأحياء السكنية ستصبح عمليًّا غير قابلة للتأمين، وبخاصة تلك التي تتعرض للفيضانات المتكررة.
ويستفيد السكان حاليًّا من برنامج حكومي يسمّى (Flood Re)، يستهدف إبقاء أسعار التأمين في متناول الجميع، لكن هذا البرنامج سينتهي بحلول عام 2039، وهو ما سيجعل التأمين أكثر تكلفة وربما بعيد المنال عن الأسر ذات الدخل المحدود.
وفي هذا السياق قال الدكتور مارك أندرو من كلية (Bayes) للأعمال: إن إنهاء البرنامج سيؤدي إلى “أزمة توزيع واضحة”؛ لأن العائلات الفقيرة تعيش غالبًا في المناطق الأكثر عرضة للفيضانات، ما يجعلها الأكثر تضررًا.
ويرى الخبراء أن الحل لا يكمن في بناء السدود والحواجز فقط، بل أيضًا في الاعتماد على حلول طبيعية مثل استعادة الأراضي الرطبة وزراعة الأشجار لامتصاص مياه الأمطار.
وقالت الدكتورة جيس نيومان من جامعة ريدنغ: إن الحكومة “لا تبذل ما يكفي لحماية الناس من الفيضانات”، مطالبة بزيادة الاستثمار والتوعية؛ لمساعدة المجتمعات المحلية على الاستعداد للكوارث المستقبلية.
وفي المقابل، أعلنت الحكومة البريطانية عن خطة جديدة لتعزيز الدفاعات ضد الفيضانات تشمل استثمارًا إضافيًّا بقيمة 10.5 مليار باوند لحماية نحو 900 ألف عقار في إنجلترا، مع وضع قواعد جديدة لتسريع تنفيذ مشاريع الحماية.
وقالت وزيرة الفيضانات إيما هاردي: إن الإصلاحات الجديدة “ستمنح المدن المتضررة فرصة للنهوض من جديد، عبر تمويل مشاريع النمو وبناء المنازل وإيجاد فرص عمل جديدة”.
تؤكد منصة العرب في بريطانيا أن ما يحدث ليس مجرد أزمة بيئية فحسب، بل قضية إنسانية واقتصادية تمسّ مستقبل مئات الآلاف من الأسر البريطانية والمهاجرين على حدّ سواء.
وترى المنصة أن على الحكومة أن تتعامل مع الفيضانات بوصفها أولوية وطنية عاجلة، عبر تسريع الاستثمار في البنية التحتية الخضراء، وتوفير ضمانات تأمينية عادلة للأسر ذات الدخل المحدود.
كما تنصح المنصة السكان، ولا سيما المقيمين في مناطق منخفضة أو قريبة من الأنهار، بضرورة التحقق من خرائط مخاطر الفيضانات المتاحة على موقع الحكومة البريطانية، واتخاذ إجراءات وقائية مثل رفع المقابس الكهربائية، وتأمين الوثائق والممتلكات المهمة في أماكن مرتفعة، ووضع خطط إجلاء من أجل حالات الطوارئ.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
