محمد اللهيميد مهاجر خرج من وطنه للبحث عن وطنه

محمد اللهيميد مهاجر خرج من وطنه للبحث عن وطنه
لم يكد الشاب “عديم الجنسية” محمد اللهيميد يصدق عينيه عند رؤيته علم بريطانيا على سفينة إنقاذ تابعة للسلطات البريطانية في بحر المانش، بعد رحلة هجرة طويلة استغرقت أكثر من عامين واجه خلالها أقسى الظروف.
محمد اللهيميد البالغ من العمر 32 عامًا، غادر بلده الكويت تاركًا خلفه عائلته وأصدقائه وذكرياته وكل شيء باحثًا عن ما أسماه “وطن” يعيش فيه كأي إنسان يملك حقوقه الأساسية من أوراق ثبوتية وتعليم وعلاج ومسكن وغيرها.
رحلة البحث عن الوطن

خرج محمد من الكويت نحو تركيا بطريقة غير قانونية “حيث أنه لا يملك جوازًا يسمح له بالسفر بشكل قانوني” وبعد وصوله إلى تركيا بدأ بالتواصل مع “المهربين” الذين سيساعدونه على الوصول إلى وطنه الجديد الذي ينشده “بريطانيا”.
لم يكن محمد يحمل أموالًا كافية يدفعها إلى “المهربين” لمساعدته على الوصول إلى اليونان، كمحطة قبل الوصول إلى وجهته الأخيرة.
يقول محمد: “طلب مني المهرب دفع مبلغ 1200 دولار لكنني لم أكن أملك سوى 100 دولار فقط، اضطررت إلى الإتصال بخالي “المهاجر إلى أستراليا” ليساعدني، وبالفعل أرسل لي المبلغ المطلوب فدفعته للمهربين لتبدأ الرحلة نحو المجهول”.
العبور إلى اليونان

حاول محمد الخروج من تركيا عبر البحر ولكن تم اعتقاله من قبل شرطة “الجندرما التركية” ذائعة الصيت، وبقي في الحبس لأيام قبل ترحيله إلى سوريا “ظنًا من السلطات التركية بأنه لاجئ سوري”.
عاد محمد من سوريا إلى تركيا مجددًا ليبدأ مغامراته الجديدة بهدف الوصول إلى اليونان، وبالفعل نجح في ذلك بعد محاولات عدة. بقي في مخيمات اللجوء في اليونان مدة سنتين محاولًا العبور نحو الدول الأوروبية الأخرى. ولكن .. وبعد عامين قضاهما هناك تم اعتقاله وترحيله إلى تركيا مجددًا ليعود إلى نقطة الصفر التي استسلم عندها كثيرون.
18 محاولة للخروج من مقبرة المهاجرين

بعد إعادته إلى تركيا قرر محمد المحاولة مجددًا دون أن يرق له جفن حتى نجح في العبور إلى صربيا والتي أسماها “مقبرة المهاجرين” حيث يصعب الخروج منها نحو الدول الأوروبية الأخرى لتشديد الإجراءات والتواجد الأمني المكثف على حدودها.
حاول محمد الخروج من “مقبرة المهاجرين” 18 مرة فشل في سبعة عشر محاولة لينجح في محاولته الأخيرة وبعد عناء وجهد وأمراض لحقت به .. نجح في الخروج منها والعبور نحو دول أوروبا الغربية، إلى رومانيا المجر ثم النمسا فألمانيا حتى وصل أخيرًا إلى فرنسا “الوجهة ما قبل الأخيرة”.
أجمل اللحظات .. لحظة تحقيق الحلم

مكث محمد لبرهة في فرنسا متنقلًا بين مدنها وغاباتها قبل أن يقرر بدء رحلته إلى وجهته النهائية “بريطانيا” عبر القوارب المطاطية الصغيرة.
محاولة تلو محاولة حتى استطاع تحقيق حلمه، بعد أن رأى علم بريطانيا ولأول مرة يرفرف على سفينة الإنقاذ التي جاءت لانتشاله هو ومن معه من ذلك القارب المطاطي الذي عبر بهم الحدود الفرنسية نحو بريطانيا.
يقول محمد : “كانت إحدى أجمل لحظاتي حين رأيت ذلك العلم يرفرف أعلى السفينة .. علمت حينها أني حققت حلمي الذي فعلت المستحيل للوصول إليه”.
حياة جديدة في وطن جديد

يعيش محمد حاليًا أجمل لحظات حياته بعد وصوله إلى الأراضي البريطانية، حيث استطاع ولأول مرة الشعور بأنه إنسان لديه كل حقوق المواطنة.. أصبح لدى محمد مسكن وهوية تحمل اسمه وبطاقة بنك وحقوقًا أساسية مثل كل البشر.
بدأ اللهيميد يتعلم اللغة الإنجليزية في إحدى المعاهد الحكومية ليبدأ مشواره نحو حلمه في الحصول على فرصة التعليم ودراسة الجامعة والحصول على الدكتوراه في الإعلام مستقبلًا.
يقول اللهيميد: “وصلت إلى هنا اليوم لأبدأ رحلة جديدة في حياتي نحو هدف جديد، أن أكون ذا صوت مؤثر في وطني الجديد وأعمل ما بوسعي لخدمة قضيتي الأولى “قضية عديمي الجنسية”.
“لن أمل أو أكلّ حتى أساعد من يشاركونني المعاناة، أنا هنا اليوم لأفعل وسأفعل كل ما أستطيع لينال كل “بدون” حقه الأساسي في وطنه”
معاناة عديمي الجنسية في الكويت

قرر محمد الخروج من الكويت للبحث عن وطنه بعمر الثلاثين، ليحقق حلمًا راوده منذ الصغر وبدأ بالتخطيط له بجدية حين بلغ الرابعة والعشرين من العمر. وعند سؤاله عن سبب خروجه قال: “خرجت من وطني لأبحث عن وطن يقدم لي حقوقي الأساسية التي منعت منها دون سبب.
وأضاف: “أحب الكويت فهي مني وأنا منها وأحبها ما حييت وقد أعود للعيش فيها مستقبلًا إن خيرت بأن أعود كمواطن كامل الحقوق”.
بعت “الرقيّ” في شوارع الكويت

أتألم دائمًا لكوني ابن هذا البلد ولكن لم تقبلني الكويت وتمت معاملتي أنا وإخوتي البدون معاملة حكومية غير لائقة. لم أكمل تعليمي ولم أجد وظيفة أحلامي ولم أتزوج، اضطررت لبيع الرقيّ “البطيخ” في الشوارع لأؤمن لقمة عيشي. حرمت من كل الحقوق لأني “بدون”.
“عشنا نحن البدون أسوأ الظروف في الكويت بعد الغزو حيث مُنعنا من الدراسة والعمل والعلاج والزواج وأحقية التملك وحرية التعبير وأهم حق من حقوقنا وهو حق المواطنة”.
من صاحب أرض إلى مقيم بصفة غير قانونية

يعيش البدون في الكويت في ظروف مأساوية وكارثية، يعيشون على المساعدات التي يقدمها لهم المنفقون من أهل الخير الذين أنشؤوا مبرات خيرية لتعليم الأطفال البدون الذين لا يسمح لهم بالدراسة في المدارس الحكومية.
“نعيش ببطاقات أمنية قدمت لنا من (الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية) ومسمى هذا الجهاز غير قانوني أساسًا. ففي الخمسينات كانت الحكومة تسمينا “كويتيين” ، ثم في الستينات والسبعينات “بادية الكويت” وفي الثمانينات حملنا أوراقًا كتب عليها “غير مبين” وبعد التسعينات “غير كويتي” إلى ما بعد الألفية تمت تسميتنا “مقيمين بصورة غير قانونية”.
لم أفكر للحظة في العودة إلى الكويت أثناء رحلة اللجوء

على الرغم من الظروف القاسية التي واجهها محمد خلال رحلته التي استغرقت أكثر من عامين، لم يفكر محمد بالتراجع والعودة إلى الكويت ولو للحظة واحدة.
اكتسب محمد اللهيميد إصراره وعزيمته بعد الله من دافعه الشخصي للوصول إلى الوطن الذي يعطيه حق المواطنة وحقوقه الأساسية كإنسان حتى وصل وحقق حلمه الأسمى ليبدأ برسم أحلامه الجديدة في وطن جديد.
اقرأ أيضًا :
فرنسا: هجرة آلاف العائلات الفرنسية المسلمة للاستقرار في بريطانيا وأمريكا
الرابط المختصر هنا ⬇