العرب في بريطانيا | ماذا نسمي المولود: أحمد الشرع؟ أم نعم لحافظ الأ...

1447 ربيع الأول 26 | 19 سبتمبر 2025

ماذا نسمي المولود: أحمد الشرع؟ أم نعم لحافظ الأسد؟ أم وفق ماذا؟

مقالArtboard-2-copy-4_2 (6)
عدنان حميدان September 18, 2025

قبل أيام ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر أبٍ سوري له موقع رسمي سمّى مولوده الجديد “أحمد الشرع”. مع كامل الاحترام له. لكن الجدل لم يكن حول شخصه، بل حول مبدأ أن يُقحم الأب أبناءه في معترك السياسة من خلال الاسم، وكذلك تكرار ممارسات في مجاملات المسؤولين من المفترض أن الناس ثاروا ضدها. ومن بعد فالطفل سيحمل هذا الاسم معه في المدرسة والعمل والمجتمع، ويدفع ثمن خيارات لم تكن له يد فيها.

وقد أعاد هذا الموقف إلى الأذهان واقعة سورية سابقة عام 1992، حين أقدم أحد الآباء على تسجيل اسم مولوده رسميًا هكذا: “نعم لحافظ الأسد”. تخيّلوا اليوم ذلك الشاب في الثلاثين من عمره، كيف يعرّف نفسه؟ وكيف يتعايش مع اسمٍ تحوّل إلى شعار سياسي قبل أن يكون بطاقة تعريف شخصية؟

هذان المثالان، على تباعد دلالاتهما، يلتقيان في نقطة واحدة: أنّ الأبناء ليسوا أدوات لإعلان المواقف السياسية أو الوطنية، وأن من أهم أهداف الثورات خلع عباءة التطبيل للمسؤولين، والأبناء في النهاية بشر لهم مستقبلهم الخاص، ولا بد أن نمنحهم أسماء تليق بإنسانيتهم، لا أن نحمّلهم أثقالًا لا تخصهم.

بين المعنى والتربية

الأسماء في جوهرها رسائل محبة وهوية، لكنها لا تصنع المستقبل وحدها. الرسول صلى الله عليه وسلم غيّر أسماء منفّرة إلى أخرى لطيفة المعنى، ليؤكد أهمية وقع الاسم في حياة صاحبه. لكن يبقى الأصل أن التربية أعمق من التسمية، والمضامين أثقل من الشكليات.

حتى التيمن باسم بطل مقاوم أو رمز وطني لا يغني عن التربية، بل قد يكون في بعض الأحيان عبئًا على الطفل. فالمجد الحقيقي لا يُختزل في اسمٍ يرافق المولود، بل في القيم التي يغرسها الوالدان في قلبه، وفي السلوك الذي يتربى عليه.

الأسماء والسياسة

قد يُنظر إلى الاسم أحيانًا على أنه تكريم أو اعتزاز، لكنه في النهاية قد يقيّد صاحبه بزمان وموقف. الأجدر أن نُعبّر عن قناعاتنا السياسية والوطنية بأفعالنا وسلوكنا وتربيتنا، لا بأن نجعل أبناءنا لافتاتٍ تُقرأ قبل أن تُسمع أصواتهم.

معادلة الهوية والاندماج

في بلاد المهجر مثل بريطانيا، يقف الوالدان أمام معادلة دقيقة: الحفاظ على هوية أبنائهما العربية والإسلامية عبر الاسم، وفي الوقت نفسه ضمان أن يكون الاسم سهل النطق والكتابة في المجتمع الجديد. والاختيار الأمثل هو اسم عربي أصيل، واضح المعنى، سهل اللفظ، لا يسبب حرجًا ولا تنمّرًا.

معايير عملية للاختيار

  • أن يحمل الاسم معنى حسنًا وجميلاً.
  • أن يكون سهل النطق في البيئات غير العربية.
  • أن يُكتب بتهجئة مستقرة بالإنجليزية لتفادي الارتباك.
  • أن يتناغم مع اسم العائلة ولا يثير التنافر.
  • أن يُختبر بالقول بصوت مرتفع، لأن الاسم موسيقى يومية في حياة الإنسان.

أمثلة لأسماء عربية سهلة وعالمية

  • للذكور: آدم، عمر، سامي، رامي، زين، كريم، طارق، نبيل، جاد، فارس.
  • للإناث: لينا، سارة، ليلى، مايا، ميرا، نور، دانا، ريم.

البعد الإنساني في التسمية

التسمية فعل محبة قبل أن تكون إجراءً رسميًا. الاسم المحبب يزرع في قلب الطفل ثقة، ويجعله أكثر انسجامًا مع محيطه. والأجمل أن يكون الاسم رابطًا بين الأجيال، يذكّر بجَدّ صالح أو يحمل قيمة معنوية تبقى حيّة في الأسرة.

بين “الرئيس أحمد الشرع” و”نعم لحافظ الأسد” يظهر لنا درس واضح: الاحترام للأشخاص والرموز لا يعني أن نُقحم أبناءنا في خياراتنا السياسية.

وحتى التيمن باسم بطل مقاوم في فلسطين أو غيرها ليس هو المطلوب؛ فالأسماء لا تصنع الأجيال، إنما تصنعهم القيم التي نزرعها فيهم، والتربية التي نشد بها عزائمهم. إنّ التركيز على المضامين لا على الشكليات هو ما يضمن أن ينشأ الأبناء واثقين بأنفسهم، أحرارًا في خياراتهم، مكرّمين في إنسانيتهم.

الاسم بداية الطريق، أما التربية فهي المسير كله، وهي الإرث الأبقى.

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
12:12 am, Sep 19, 2025
temperature icon 17°C
overcast clouds
88 %
1021 mb
7 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 6:41 am
Sunset 7:06 pm

آخر فيديوهات القناة