لماذا يثير قانون الرعاية الاجتماعية المعدّل انقسامات في البرلمان البريطاني؟
يواجه مشروع قانون الرعاية الاجتماعية المعدّل معارضة واسعة داخل البرلمان البريطاني، وسط انقسامات حادة بين الحكومة والمعارضة، وحتى داخل صفوف حزب العمال نفسه.
وتأتي هذه الخلافات في وقت تسعى فيه الحكومة لتقليص الإنفاق العام، بينما تحذّر منظمات ونواب من أن التعديلات المقترحة قد تضرّ بذوي الإعاقة وتُضعف شبكة الأمان الاجتماعي.
تراجع حكومي لتخفيف الاحتجاجات
أعلنت الحكومة البريطانية عن تعديل خطتها بعد محادثات أزمة مع نواب معارضين، وأكّدت وزيرة العمل والمعاشات، ليز كيندال، أن التغييرات لن تشمل المستفيدين الحاليين من إعانة الاستقلالية الشخصية (PIP)، بل ستقتصر على المطالبات الجديدة اعتبارًا من نوفمبر 2026.
ويُعدّ هذا التراجع خطوة مهمة، بعدما أثارت التعديلات السابقة مخاوف من فقدان مئات الآلاف للدعم الذي يعتمدون عليه. وتشير تقديرات معهد الدراسات المالية إلى أن القرار الجديد سيحافظ على إعانة نحو 370 ألف شخص، ما سيُكلّف الدولة 1.5 مليار باوند حتى نهاية البرلمان الحالي.
تغييرات تثير القلق
تهدف الحكومة إلى خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية بقيمة 5 مليارات باوند بحلول عام 2030، في إطار ما تقول إنه “إصلاحات ضرورية” لخفض أعداد غير النشطين اقتصاديًا.
لكن منظمات حقوقية ونوابًا حذّروا من أن تقليص شروط استحقاق إعانة (PIP) سيؤدي إلى حرمان كثيرين من ذوي الإعاقة من الدعم.
إصلاحات في الائتمان الشامل
تضمّن المشروع أيضًا تغييرات على نظام الائتمان الشامل، إذ قررت الحكومة خفض الدعم الصحي للمطالبين الجدد إلى 50 باوند أسبوعيًا بدءًا من 2026، مع الإبقاء على مبلغ 97 باوند للمستفيدين الحاليين ومن تنطبق عليهم شروط الحالات الصحية الشديدة.
وتهدف هذه الخطوة إلى تشجيع المزيد من الأشخاص على العودة إلى سوق العمل. وقالت وزيرة العمل إن مليار باوند إضافي سيُخصّص لبرامج دعم توظيف ذوي الإعاقة والمرضى المزمنين، ضمن خطة أوسع لتحفيز “العودة إلى العمل”.
انقسام داخل حزب العمال
لا تقتصر المعارضة على الحكومة، إذ يواجه زعيم حزب العمال، كير ستارمر، تحديات داخل حزبه، بعدما وقّع أكثر من 120 نائبًا على تعديل يطالب بتأجيل القانون لحين التشاور مع ذوي الإعاقة.
ورغم إشادة بعض النواب بالتنازلات الحكومية ووصفها بأنها “صفقة جيدة”، لا يزال العديد من نواب الجناح اليساري في الحزب يرفضون دعم القانون. ومن بينهم ريتشارد بورغون ونادية ويتوم، اللذان عبّرا عن قلقهما من خلق نظام “بطبقتين” في توزيع الدعم.
وبحسب تقارير، أنشأ النواب المعارضون مجموعة عبر تطبيق “واتساب” لتنسيق المواقف، وتشير مصادر إلى أن نحو 50 نائبًا ينوون التصويت ضد المشروع.
لحظة اختبار سياسي
مع اقتراب التصويت في مجلس العموم، يجد كل من الحكومة وحزب العمال نفسيهما أمام لحظة حاسمة.
الحكومة تسعى إلى تمرير قانون ترى أنه ضروري للسيطرة على النفقات، بينما يحاول حزب العمال الحفاظ على تماسكه الداخلي وسط ضغوط من قواعده الشعبية ومنظمات الدفاع عن الحقوق الاجتماعية.
ويبقى التصويت المرتقب اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة على كسب الدعم داخل البرلمان، ولمدى نجاح المعارضة في توحيد موقفها تجاه قانون أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والمجتمعية.
وجهة نظر المنصة
في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، يبدو أن الحكومة اختارت المسار الأسهل من خلال تقليص الدعم بدلًا من معالجة الأسباب الجذرية لتراجع الإنتاجية وتوسع الفجوة الاجتماعية.
ورغم أهمية ترشيد الإنفاق، فإن أي إصلاحات يجب أن تكون قائمة على مبادئ العدالة الاجتماعية، والتشاور مع الفئات المتضررة، لا أن تُفرض من الأعلى دون اعتبار لتأثيراتها الواقعية.
إن تجاهل أصوات ذوي الإعاقة والمنظمات الحقوقية في هذا النقاش يعكس خللًا في الأولويات، ويهدد بتقويض الثقة بين الحكومة والمجتمع. أما حزب العمال، فمطالب بإثبات التزامه بحماية الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما في لحظات الاختبار السياسي الحقيقية.
المصدر: news.sky
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇