لماذا لا يزال آلاف المشردين يبيتون في شوارع لندن في عام 2025؟

رغم أن لندن تُعد واحدة من أغنى العواصم العالمية وأكثرها ازدهارًا، إلا أن مشهد النوم في العراء بات جزءًا من يومياتها. فالمدهش في هذه المدينة التي تستقطب المستثمرين والسياح من مختلف أنحاء العالم، هو استمرار معاناة آلاف البشر من انعدام المأوى.

إن أزمة التشرد لم تعد ظاهرة هامشية، بل أصبحت أزمة بنيوية تعكس هشاشة شبكات الأمان الاجتماعي، وعمق الفجوة بين الثراء الظاهر والانهيار الخفي لحق أساسي كالسكن.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أبعاد الأزمة بالأرقام، ونبحث في أسبابها، وتداعياتها، ونستعرض جهود الحكومة والمجتمع المدني، في وقت باتت فيه الجالية العربية والمهاجرة جزءًا من هذه المعادلة، سواء من حيث التأثر أو من خلال المشاركة في الحلول.

أرقام صادمة… رغم الثراء

• في خريف عام 2024، وثّقت هيئة الإسكان والمجتمعات المحلية وجود نحو 4,600 شخص ينامون في العراء ليلة واحدة فقط في إنجلترا، وهو رقم يعادل سكان قريتين تمشيان بلا مأوى في الشوارع.
• نحو 30% من هذا العدد تم تسجيله في لندن وحدها، أي أكثر من 1,300 شخص ناموا في الشارع في ليلة واحدة فقط، بحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الإسكان.
• خلال العام المالي 2024–2025، تجاوز عدد من ناموا في الشارع في لندن 13,000 شخص، وهو ما يعادل تقريبًا واحدًا من كل 47 شخصًا من سكان العاصمة.

مدن أخرى لا تقلّ تأثرًا

• لا تقتصر الأزمة على لندن. مدن مثل مانشستر وبرمنغهام وسلاو ولوتون سجّلت نسبًا مرتفعة أيضًا، حيث تشير التقديرات إلى وجود شخص مشرّد من بين كل 50–60 شخصًا.
• وعلى المستوى العالمي، تُقدّر الأمم المتحدة عدد من لا يملكون مأوى مستقرًا بأكثر من 330 مليون إنسان، مع مئات الملايين الآخرين يعيشون في مساكن غير صالحة للسكن أو مزدحمة بشكل خطير.

لماذا يتشرد الناس في لندن؟

تعود أسباب التشرد في العاصمة البريطانية إلى عدة عوامل متداخلة، من أبرزها:

• فقدان الوظيفة أو مصدر الدخل فجأة، في ظل ارتفاع غير مسبوق للإيجارات.
• تفكك الروابط الأسرية، لا سيما بين الشباب أو في أوساط اللاجئين الذين تنقصهم شبكات دعم اجتماعي.
• الخروج من السجن دون ضمان مكان للسكن.
• السياسات المرتبطة باللجوء، وخاصة نظام “Move‑on”، الذي يُنهي دعم الإيواء بعد 28 يومًا من انتهاء وضع اللجوء، مما يترك كثيرين في العراء.
• مشاكل صحية نفسية أو الإدمان، ما يصعّب على البعض الاستقرار أو الوصول إلى خدمات الدعم المناسبة.

كلفة الأزمة وحلول متعثّرة

• تنفق بلديات لندن أكثر من 4 ملايين جنيه إسترليني يوميًا على الإيواء المؤقت، بحسب تقارير محلية موثقة.
• تم الإعلان عن خطة إنمائية بتمويل قدره 170 مليون باوند ضمن سياسة “Housing First” التي تهدف لتأمين سكن دائم أولًا، ثم تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لاحقًا. إلا أن منظمات حقوقية شكّكت في كفاية التمويل الحالي لمواجهة حجم الأزمة.
• البرلمان البريطاني أقرّ مؤخرًا إلغاء تجريم “النوم في الشارع”، وهي خطوة رآها البعض ضرورية لكنها متأخرة.
• كذلك، جرى تمديد مدة دعم السكن للاجئين من 28 إلى 56 يومًا في تجربة مؤقتة وافقت عليها لجنة برلمانية، لكن المنظمات المعنية بالتشرد مثل Shelter وHomeless Link أكدت أن هذه الإجراءات تبقى “خطوة أولى فقط” لا تعالج جوهر المشكلة.
• أزمة التشرد في لندن لم تعد ظرفًا مؤقتًا، بل أزمة هيكلية تطال قرابة 1% من سكان المدينة سنويًا.
• ورغم ثقل العاصمة المالي والسياسي، إلا أن الحلول المعروضة حتى الآن تفتقر إلى الشمول والتكامل.
• غياب سياسة إسكان اجتماعي فعّالة، واستمرار الضغط على الفئات الضعيفة، يجعل من الصعب تصوّر نهاية قريبة لهذه الأزمة.
• الحل لا يكمن في المال وحده، بل في وجود إرادة سياسية، وتعاون متكامل بين الدولة والمجتمع المدني، ودعم ثقافي يرسّخ أن السكن حق إنساني أساسي وليس امتيازًا.
• وفي هذا السياق، تبدو الحاجة ملحّة لإبراز أصوات المتضررين، بما في ذلك المهاجرين واللاجئين، وإشراكهم في رسم سياسات تعكس واقعهم بدلًا من تهميشهم.

اقرأ أيضًا:

• أفضل شواطئ بريطانيا لعام 2025: ثلاثة منها على بُعد ساعتين فقط من لندن
• سائح يُسرق في لندن ويستعيد هاتفه بطريقة لا تُصدّق
• ارتفاع معدل المواليد في لندن خلال 2025