لماذا تُعد بيئة العمل في بريطانيا من بين الأسوأ في أوروبا؟
تشهد بيئة العمل في بريطانيا جدلاً متزايدًا حول مستوى الرضا الوظيفي، إذ أظهرت تقارير ودراسات حديثة تراجعًا ملحوظًا مقارنةً بنظيراتها الأوروبية. يعزو الخبراء هذا التراجع إلى عوامل متعددة تشمل ضغوط العمل المتزايدة، ضعف التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، وتراجع الأمان الوظيفي.
يتسم سوق العمل في بريطانيا بثقافة الأداء المفرط التي تُلقي بثقلها على الموظفين. وأشارت تقارير صادرة عن منظمة العمل الدولية إلى أن ساعات العمل الطويلة تؤثر سلبًا على الإنتاجية والصحة النفسية. إذ يعاني العديد من العاملين من الإرهاق المزمن، وهو ما يساهم في تدني مستوى الرضا الوظيفي.
أجور متآكلة أمام ارتفاع تكاليف المعيشة
رغم أن متوسط الأجور الأسبوعية يبلغ حوالي 600 باوند، إلا أن ارتفاع تكلفة المعيشة يجعل هذه الأجور غير كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية. يُضاف إلى ذلك أن ارتفاع أسعار السكن والخدمات يعمق الشعور بعدم الأمان المالي، ما يدفع العديد من الموظفين للبحث عن مصادر دخل إضافية أو الانتقال للعمل في دول ذات تكلفة معيشية أقل.
تنتشر عقود العمل المؤقتة في بريطانيا، ما يؤدي إلى شعور واسع بعدم الاستقرار الوظيفي. ورغم وجود بعض المزايا الاجتماعية مثل الإجازات المرضية المدفوعة، إلا أنها تظل محدودة مقارنةً بدول مثل ألمانيا وفرنسا، التي توفر حماية أكبر للموظفين.
مقاربات سياسية لإصلاح الخلل
أثارت هذه التحديات انتقادات واسعة للحكومة البريطانية بسبب ضعف التشريعات الداعمة لحقوق العاملين. ودعت النقابات العمالية وأحزاب المعارضة إلى إصلاحات جذرية، تشمل خفض ساعات العمل دون المساس بالأجور، وتعزيز العقود طويلة الأمد، وتوفير بيئة عمل داعمة للصحة النفسية.
يتطلب تحسين بيئة العمل في بريطانيا جهودًا متكاملة على المستويين التشريعي والثقافي. فبينما تسعى بعض الشركات لإدخال تغييرات تدريجية، يبقى التحدي الأكبر هو صياغة سياسات حكومية شاملة تعيد التوازن للعلاقة بين أصحاب العمل والموظفين.
هل يمكن تحقيق التغيير؟
في الوقت الذي تتنافس فيه بريطانيا مع الدول الأوروبية ذات المعايير الأفضل، يبقى تحقيق بيئة عمل مثالية مرهونًا بقدرة الحكومة على الاستجابة لمطالب الموظفين والمجتمع المدني. تحسين الأمان الوظيفي وزيادة الأجور الحقيقية قد يكونان مفتاحًا لاستعادة الثقة في سوق العمل البريطاني.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇