لماذا أصبحت بريطانيا الخيار الأول لطلاب أمريكا؟
شهدت الجامعات البريطانية ارتفاعًا غير مسبوق في عدد الطلبات المقدّمة من طلاب أمريكيين، في ظل تزايد القلق داخل الولايات المتحدة بشأن مستقبل التعليم العالي، لا سيما في ظل الهجمات المتكررة التي يشنّها الرئيس السابق دونالد ترامب على المؤسسات الأكاديمية.
ووفقًا لأحدث بيانات خدمة قبول الجامعات والكليات البريطانية (UCAS)، تقدّم 7,930 طالبًا أمريكيًا للالتحاق بالمرحلة الجامعية في خريف هذا العام، بزيادة سنوية بلغت 13.9%، وهي النسبة الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات عام 2006
تراجع جاذبية الجامعات الأمريكية
يرى خبراء في شؤون التعليم أن هذا الاتجاه يعكس أثر السياسات والخطابات العدائية التي تبنّاها ترامب خلال فترته الرئاسية، والتي استهدفت الجامعات الأمريكية، خاصة المؤسسات النخبوية مثل هارفارد وكولومبيا، عبر تهديدات بتقليص التمويل وسحب تأشيرات الطلاب.
وقال مارك بينيت، نائب رئيس قسم الأبحاث في Keystone Education Group، إن هذه التهديدات دفعت الكثير من الطلاب الأمريكيين للبحث عن بدائل أكثر استقرارًا، وكان أبرزها الجامعات البريطانية. وأضاف: “أفعال إدارة ترامب، وخطابها المعادي للجامعات، جعل من المملكة المتحدة وجهة أكثر جذبًا”.
أما كارا سكين من منصة Studyportals فقد أشارت إلى أن التوتر المتصاعد حول حرية التعبير في الجامعات الأمريكية دفع عددًا متزايدًا من الطلاب إلى التفكير جديًا في الدراسة بالخارج، مضيفة أن “الجامعات العالمية باتت تتنافس على استقطاب طلاب يشعرون بعدم الترحيب داخل وطنهم”.
اهتمام متزايد بالعلوم الاجتماعية
جامعة سانت أندروز الاسكتلندية، التي تحتضن نحو 10% من الطلاب الأمريكيين الدارسين في المملكة المتحدة، أعلنت عن ارتفاع بنسبة 14% في عدد طلبات القبول من الولايات المتحدة، مع تركيز لافت على تخصصات العلوم الاجتماعية كالعلاقات الدولية والاقتصاد.
وبحسب بيانات UCAS، ارتفع إجمالي عدد الطلاب الدوليين المتقدّمين للجامعات البريطانية بنسبة 2.2% هذا العام.
وقال جيفري ويليامز، المدير التنفيذي لمنصة Enroly المتخصصة في إدارة ملفات التحاق الطلاب الأجانب، إن القطاع بدأ بالتعافي من حالة الارتباك التي سببتها سياسات الحكومة السابقة، مؤكدًا أن “بريطانيا تُنظر إليها بشكل متزايد على أنها الخيار الأكثر موثوقية، مقارنة بما تشهده الولايات المتحدة وكندا وأستراليا من اضطرابات”.
زيادة في الإيداعات رغم انخفاض أرقام التأشيرات
أشارت بيانات Enroly إلى أن عدد الطلاب الأمريكيين الذين دفعوا مبالغ لتأمين أماكنهم في الجامعات البريطانية ارتفع بنسبة 19% مقارنة بالعام الماضي. كما ارتفعت الإيداعات من جميع الطلاب الدوليين بنسبة 18% للمرحلة الجامعية، و30% للدراسات العليا.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن الأرقام الرسمية لطلبات التأشيرات لا تزال دون المستويات التاريخية، ما يدعم التحذيرات التي أطلقتها هيئة تنظيم الجامعات في مارس الماضي حول هشاشة التعافي المالي للقطاع واعتماده على توقعات “مفرطة في التفاؤل” بشأن عدد الطلاب.
وتواجه الجامعات البريطانية أزمة تمويل أدّت إلى موجة من تقليص الوظائف وإلغاء بعض البرامج الدراسية خلال العام الماضي. وفي هذا السياق، أوصى تقرير رسمي بإصلاح شامل لطريقة تمويل وتنظيم القطاع.
وقد أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لرفع سقف الرسوم الجامعية المحلية في إنجلترا لأول مرة منذ عام 2017، كما اقترحت فرض رسوم إضافية على دخل الجامعات من الطلاب الدوليين، وسط ترقّب لإصلاحات أوسع في ورقة بيضاء مرتقبة بشأن المهارات والتعليم العالي.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن التحول المتزايد للطلاب الأمريكيين نحو الجامعات البريطانية يؤكد المكانة الأكاديمية المرموقة للمملكة المتحدة على المستوى العالمي، لكنه في الوقت ذاته يعكس أزمة ثقة عميقة تعصف بالنموذج الأمريكي في التعليم العالي، الذي طالما مثّل وجهة مفضّلة للطلاب حول العالم.
وفي ظل هذه المعطيات، تدعو المنصة إلى حماية التعليم البريطاني من أي محاولات لفرض ضرائب إضافية قد تُثقل كاهل الطلاب الدوليين، وتشجع على فتح مزيد من الفرص العادلة والمتاحة للجميع، من منطلق أن التعليم ليس سلعة، بل استثمار في العقل والمستقبل.
المصدر: فاينانشال تايمز
إقرأ أيضا
اتحادات طلابية تهدد بالانسحاب من الاتحاد البريطاني للطلاب بسبب موقفه المتخاذل تجاه غزة
إصابة 7 أشخاص إثر سقوط حافلة طلاب في نهر بمقاطعة هامبشاير
تعرف إلى المدرسة البريطانية التي لا يتحدث أي من طلابها اللغة الإنجليزية كلغة أولى
الرابط المختصر هنا ⬇