لاجئون سوريون يطعنون في قرار ترحيلهم إلى بلغاريا أمام القضاء البريطاني

في خطوة قانونية تستهدف وقف ترحيلهم، يطعن عدد من طالبي اللجوء السوريين أمام المحاكم البريطانية بقرار وزارة الداخلية الذي يقضي بإعادتهم إلى بلغاريا، الدولة التي عبروا من خلالها في طريقهم إلى المملكة المتحدة. ويستند السوريون في طعنهم إلى تقارير وشهادات موثّقة تتحدث عن سوء معاملة، وتعذيب وظروف احتجاز “غير إنسانية ومهينة” يتعرّض لها المهاجرون في بلغاريا، ما قد يجعل تنفيذ القرار خرقًا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
لاجئون سوريون يواجهون خطر الترحيل
المحامي جورج شيلدون غرون، من شركة (Duncan Lewis Solicitors) البريطانية، الذي يتولّى الدفاع عن المجموعة، أكد لموقع (InfoMigrants) أن موكليه يواجهون خطر الترحيل بناءً على تصنيف بلغاريا “دولة ثالثة آمنة”، وهو ما يسمح من الناحية القانونية بإعادتهم إليها دون البتّ في طلبات لجوئهم داخل المملكة المتحدة.
وقال غرون: “نحن نطعن في هذا القرار. موكلونا لا يزالون على الأراضي البريطانية، ونسعى لمنع ترحيلهم، ما سيتيح لهم لاحقًا تقديم طلبات اللجوء هنا”. وأضاف: إنه لا يستطيع الإفصاح عن شهادات موكليه حاليًّا، إلا إذا وصلت القضية إلى جلسة استماع علنية.
ويأتي ذلك في وقت تعمل فيه بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، على تفعيل اتفاقيات ثنائية لترحيل طالبي اللجوء إلى دول أوروبية سبق أن دخلوا منها، مثل بلغاريا، بسبب عدم إمكانية تطبيق قاعدة “دولة الدخول الأولى” الأوروبية تلقائيًّا بعد “بريكست”.
وحذّر محامون ومنظمات حقوقية من أن الترحيل إلى بلغاريا قد يُعَدّ خرقًا للمادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحظر التعذيب والمعاملة المهينة أو اللاإنسانية. وإذا ثبت تعرّض اللاجئين لمثل هذه المعاملة، فقد يُسقط هذا عن بلغاريا صفة “الدولة الآمنة”، ما قد يجعل قرار الترحيل باطلًا قانونيًّا.
وقال غرون: “إذا ثبت أن بلغاريا تُمارس انتهاكات منهجية بحق طالبي اللجوء، فلن يكون بالإمكان اعتبارها دولة آمنة، وهو ما قد يُضعف موقف الحكومة البريطانية قضائيًّا”.
شهادات مروعة وانتهاكات موثّقة

وقد وثّقت تقارير إعلامية وحقوقية حالات عديدة من التعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز والاستقبال البلغارية. وبهذا الصدد نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن لاجئين سوريين قولهم: إنهم تعرّضوا للعنف والإجبار على توقيع وثائق “عودة طوعية” إلى سوريا. السلطات البلغارية نفت هذه المزاعم، لكن منظمات إنسانية أكدت أن هذه الممارسات منتشرة.
وفي حادث مأساوي، توفي ثلاثة مراهقين مصريين على الحدود البلغارية التركية في ديسمبر الماضي، بعد أن تُركوا في درجات حرارة دون الصفر، في ظل تقارير تفيد بأن السلطات البلغارية عرقلت جهود إنقاذهم.
من جهتها نشرت منظمة (No Name Kitchen) تقريرًا الأسبوع الجاري يتضمن شهادات 21 مهاجرًا -بينهم 17 سوريًّا- رُحّلوا إلى بلغاريا من دول أوروبية. وذكر التقرير أن أكثر من ثلثيهم تعرّضوا لضغوط للتوقيع على أوراق “عودة طوعية”، في حين أفادت لاجئة سورية رُحِّلت من ألمانيا بأن السلطات البلغارية هدّدتها بالاحتجاز 18 شهرًا إن رفضت التوقيع. كما أكد لاجئ آخر رُحِّل من بريطانيا تعرّضه لضرب مبرح أدّى إلى كسر في أنفه.
أوضاع متدهورة في مراكز الاستقبال
وفي تقرير صدر عام 2024، وصف المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين (ECRE) ظروف اللجوء في بلغاريا بأنها “آخذة في التدهور” خلال السنوات العشر الماضية؛ بسبب نقص التمويل، مشيرًا إلى وجود مشكلات في النظافة، وانتشار القوارض، ونقص الغذاء، ووجود شبكات إجرامية داخل مراكز الإيواء.
وكشف التقرير أن 2 في المئة فقط من طالبي اللجوء الذين توقفهم السلطات على الحدود يُمنحون إمكانية مباشرة لتقديم طلب لجوء، أما الغالبية فيُحتجَزون أولًا في مراكز الترحيل. كما أفاد أن بعض الجنسيات، لا سيما من أفغانستان وتركيا، تعرّضت لمعاملة تمييزية.
وحتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يتلقَ موقع (InfoMigrants) أي ردّ من وزارة الداخلية البلغارية بشأن الاتهامات الموجهة إليها أو بشأن ترحيل السوريين من بريطانيا.
وبينما تستمر المعركة القضائية داخل بريطانيا، تظل حياة عدد من اللاجئين السوريين معلّقة بين قرار الترحيل، ومخاوف العودة إلى ظروف قاسية قد تقوّض حقوقهم الأساسية.
المصدر: Infomigrants
اقرأ أيضًا:
- يعرب الأصفري: السوريون مستعدون لإعادة بناء وطنهم.. التضامن العالمي هو المفتاح
- أطفال لاجئون سوريون يعانون من سوء التغذية في فنادق اللجوء في بريطانيا
- لاجئون سوريون يطلبون من الملك تشارلز مساعدة المتضررين من الزلزال
الرابط المختصر هنا ⬇