كيف غيّر صيف 2025 المشهد المناخي في بريطانيا؟

أكد مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن صيف 2025 كان الأشد حرارة على الإطلاق في تاريخ البلاد، بعد أن شهدت المملكة المتحدة أربع موجات حر متتالية خلال موسم واحد.
وسجّل متوسط درجة الحرارة خلال أشهر يونيو ويوليو وأغسطس 16.1 درجة مئوية، متجاوزًا بفارق كبير الرقم القياسي السابق البالغ 15.76 درجة والمسجَّل في عام 2018.
تغير مناخي متسارع
أوضح مكتب الأرصاد أن جميع السنوات الخمس الأشد حرارة على الإطلاق حدثت منذ عام 2000، وهو ما يعكس بشكل جلي تأثير تغيّر المناخ العالمي الناتج عن ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبيّن تحليل سريع أجراه المكتب أن احتمالية تسجيل مثل هذا الصيف ارتفعت بمقدار 70 مرة نتيجة التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري.
صيف غير مسبوق في الاحتمالات
قال الدكتور مارك مكارثي، رئيس قسم إسناد المناخ في مكتب الأرصاد:
“في مناخ طبيعي، قد يحدث صيف مثل صيف 2025 مرة واحدة كل 340 عامًا، بينما في المناخ الحالي يمكن أن نشهد مثل هذه الفصول الحارة بمعدل مرة كل خمس سنوات تقريبًا”.
وأضاف أن ما كان يُعتبر استثنائيًا في الماضي أصبح اليوم أمرًا متكررًا، مع إمكانية أن تشهد المملكة المتحدة فصولًا أشد حرارة في المستقبل القريب.
تفاصيل الحرارة القياسية
تفوق صيف 2025 بفارق ملحوظ على صيف 2018، حيث تجاوز المتوسط الجديد الرقم السابق بأكثر من ثلث درجة مئوية، في حين أن الفروق بين السنوات الأربع الأخرى لم تتجاوز أجزاء من المئة.
وبلغ متوسط درجات الحرارة هذا العام أعلى من المعدل المناخي طويل الأمد بـ 1.51 درجة مئوية.
موجات حر متتالية وجفاف حاد
شهد شهرا يونيو ويوليو طقسًا حارًا بشكل استثنائي، مع أربع موجات حر تخطّت خلالها درجات الحرارة 30 درجة مئوية في عدة أيام.
كما عانت إنجلترا من نقص حاد في الأمطار، ما دفع الحكومة لوصف الوضع بأنه “نقص مائي وطني مهم”، وفرضت مناطق واسعة حظرًا على استخدام خراطيم المياه بعد أن جفّت الخزانات والأنهار والمياه الجوفية.
حرارة مستمرة ولكن ليست قصوى
على الرغم من الدفء المتواصل، لم تصل درجات الحرارة القصوى إلى المستوى المسجَّل عام 2022. فقد بلغت أعلى درجة هذا العام 35.8 درجة مئوية في فافرشام بمقاطعة كِنت في الأول من يوليو، أي أقل من الرقم القياسي المطلق البالغ 40.3 درجة في يوليو 2022.
لكن يونيو وحده شهد موجتي حر جعلت منه الأحر في تاريخ إنجلترا، والثاني على مستوى المملكة المتحدة. ثم جاءت موجة ثالثة في يوليو ورابعة في أغسطس، لترفع المعدل العام إلى مستويات قياسية.
تحذيرات العلماء
في أواخر يونيو، خلصت تحليلات علمية إلى أن موجات الحر التي عانى منها سكان جنوب شرق إنجلترا أصبحت أكثر احتمالًا بمئة مرة نتيجة أزمة المناخ.
وأرجع خبراء الأرصاد هذا الدفء المتواصل إلى جفاف التربة منذ الربيع، وهيمنة أنظمة الضغط المرتفع، ودفء البحار غير المعتاد حول المملكة المتحدة، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة الصغرى بشكل استثنائي.
وقالت عالمة الأرصاد الدكتورة إميلي كارلايل: “لقد خلقت هذه الظروف بيئة تتراكم فيها الحرارة بسرعة وتستمر لفترات طويلة، مع كون درجات الحرارة العظمى والصغرى أعلى بكثير من المعدلات الطبيعية”.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن ما شهده صيف 2025 في المملكة المتحدة لا يمثل مجرد ظاهرة مناخية عابرة، بل هو مؤشر واضح على تسارع أزمة المناخ العالمية، وانعكاس مباشر لآثارها على حياة الناس اليومية ومواردهم الأساسية مثل المياه. وتؤكد المنصة أن التعامل مع هذه التغيرات يتطلب استجابة جادة على المستويين الوطني والدولي، تشمل سياسات أكثر صرامة للحد من الانبعاثات الكربونية، واستثمارات في حلول مستدامة تضمن حماية البيئة والأجيال المقبلة.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇