العرب في بريطانيا | كيف غطى الإعلام البريطاني خطة ترامب بشأن غزة؟

1447 ربيع الثاني 7 | 30 سبتمبر 2025

كيف غطى الإعلام البريطاني خطة ترامب بشأن غزة؟

chuttersnap-tzymjuiSqCE-unsplash (2)
اية محمد September 30, 2025

منذ صباح الإثنين 30 سبتمبر/أيلول 2025، تصدّر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما وصفه بـ”خطة السلام” في غزة عناوين الصحف البريطانية. الخطة التي تضمّنت تشكيل “مجلس عالمي للسلام” برئاسته وإشراك رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في هيكلها، تحولت إلى محور رئيسي للنقاش والتحليل.

بينما اكتفت بعض الصحف باستعراض البنود العشرين التي طرحها البيت الأبيض بشكل تقريري، لم تغب الخلفية الإنسانية القاسية عن أجزاء أخرى من التغطية؛ إذ أُرفقت تفاصيل الخطة بصور الدمار والمجازر في غزة، لتُختبر من خلالها مصداقية أي مبادرة تُطرح لإنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نحو عامين.

تغطية بي بي سي

كيف غطى الإعلام البريطاني خطة ترامب بشأن غزة؟

بحسب تغطية بي بي سي (BBC)، فقد رحّب قادة أوروبا والشرق الأوسط بالخطة الأمريكية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، فيما وجّه ترامب تحذيرًا مباشرًا لحركة حماس بضرورة قبولها.

أوضحت بي بي سي أن البيت الأبيض سلّم حماس عبر وسطاء قطريين ومصريين خطة مكوّنة من 20 نقطة، تتضمن:

  • وقفًا فوريًا للعمليات العسكرية.
  • الإفراج عن 20 رهينة إسرائيلية أحياء وجثامين أكثر من عشرين آخرين، مقابل مئات من الأسرى الفلسطينيين.
  • إدارة غزة من خلال لجنة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف “مجلس السلام” برئاسة ترامب وعضوية شخصيات دولية بينها توني بلير.
  • إعادة إعمار القطاع عبر “خطة تنمية اقتصادية”، مع وعود بعدم ضم غزة أو تهجير سكانها.

ونقلت بي بي سي تصريحات نتنياهو التي شدّد فيها على أنه سيكمل “مهمة تدمير حماس” إذا رفضت الخطة. كما أشارت إلى أن السلطة الفلسطينية وصفت جهود ترامب بأنها “صادقة وحازمة”، فيما اعتبرت عدة دول عربية وإسلامية أن الخطة قد تكون خطوة نحو حل الدولتين.

كما ذكرت الصحيفة أن بنود الخطة تنص على تجميد خطوط القتال، وتسليم حماس أسلحتها وتدمير أنفاقها، مقابل إطلاق جثامين الشهداء الفلسطينيين، بواقع 15 مقابل كل رهينة إسرائيلي. وفي المقابل، أكّد مسؤول في حماس أن أي اتفاق يجب أن يضمن انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من غزة ووقفًا نهائيًا للعدوان، مشددًا على أن “أسلحة المقاومة خط أحمر” لا يمكن التفاوض عليه إلا في إطار دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.

الغارديان: تفاصيل الصفقة والانسحاب المرحلي

كيف غطى الإعلام البريطاني خطة ترامب بشأن غزة؟

أما صحيفة الغارديان فقد ركّزت على تفاصيل الصفقة، مشيرة إلى أن وقف العدوان سيكون مشروطًا بإطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين خلال 72 ساعة من إعلان إسرائيل قبولها للاتفاق علنًا.

وقالت الصحيفة إن الخطة تنص على:

  • إطلاق 250 أسيرًا فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد و1,700 معتقل من غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
  • انسحاب مرحلي للقوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها داخل القطاع، مع تجميد العمليات العسكرية.
  • منح العفو لعناصر حماس الذين يوافقون على التعايش السلمي ويسلّمون أسلحتهم، مع توفير ممرات آمنة للراغبين بمغادرة غزة.
  • إعادة إعمار غزة عبر “خطة ترامب الاقتصادية”، مع التأكيد أن السكان لن يُجبروا على التهجير.
  • وأشارت الغارديان إلى أن المساعدات ستدخل عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر دون تدخل من الطرفين، على أن يؤدي ذلك إلى إعادة فتح معبر رفح جنوبي غزة الذي دمّرته إسرائيل.

رويترز: “غزة الجديدة”

كيف غطى الإعلام البريطاني خطة ترامب بشأن غزة؟

أما وكالة رويترز فقدمت عرضًا مركزًا للخطة التي أطلق عليها ترامب اسم “غزة الجديدة”، موضحة أنها جاءت نتيجة مفاوضات مطوّلة مع قادة عرب وإسرائيليين.

أبرز ما نقلته الوكالة:

  • تدمير الأنفاق والبنية العسكرية لحماس تحت إشراف مراقبين دوليين.
  • نزع سلاح المقاومة بشكل كامل وضمان عدم عودة البنية العسكرية.
  • نشر “قوة استقرار دولية مؤقتة” بدعم أمريكي وعربي، على أن يُسلّم الجيش الإسرائيلي الأراضي تدريجيًا لهذه القوة.
  • الخطة لا تقدم مسارًا واضحًا للدولة الفلسطينية، بل تتركه غامضًا ومشروطًا بإعادة إعمار غزة وإصلاح السلطة الفلسطينية.

فاينانشال تايمز: دعم نتنياهو وردود الفعل الدولية

أما صحيفة فاينانشال تايمز (FT) فقد ركزت على إعلان نتنياهو دعمه للخطة، واصفًا إياها بأنها “خطوة حاسمة لإنهاء العدوان وتعزيز السلام”، فيما اعتبر ترامب أن الاتفاق سيكون “تتويجًا لإنجازاته”.

وقالت الصحيفة إن الخطة: تستبعد حماس نهائيًا من الحكم، وتمنح عناصرها العفو مقابل نزع السلاح أو الخروج الآمن من غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض القادة العرب والمسلمين رحّبوا بالخطة، لكنهم طالبوا بدور أكبر للسلطة الفلسطينية.

غزة: الغائب الحاضر في التغطية

اللافت أن معظم التغطيات تعاملت مع غزة كـ”ملف سياسي” أو “معضلة أمنية”، بينما جاء صوتها الحقيقي باهتًا أو غائبًا في النقاشات. الغارديان وحدها تقريبًا طرحت بجدية سؤال الشرعية: من يقرر مصير غزة؟ هل يمكن لهيكل دولي ترأسه قوة داعمة لإسرائيل أن يمنح الفلسطينيين العدالة؟

في خلفية كل تقرير بريطاني، ظل شبح الإبادة حاضرًا: أحياء أُبيدت، عائلات دفنت تحت الركام، وأطفال شُرّدوا بلا مأوى. ورغم ذلك، بدت لغة “السلام” في كثير من المواد أقرب إلى محاولة إعادة إنتاج وصفة قديمة: “التنمية بلا حرية” و”الحماية الدولية بلا سيادة”.

بالنسبة للفلسطيني الذي يعيش تحت القصف والحصار، تُقرأ هذه التغطيات بمرارة. كيف يُطرح نزع سلاح المقاومة بينما لم يُطرَح يومًا نزع سلاح الاحتلال أو كبح جماح المستوطنين؟ كيف يُدار الحديث عن إعادة إعمار غزة وكأنها منحة، بينما هي حقّ طبيعي لأهلها الذين دفعوا دماءهم ثمنًا للصمود؟

إن الإعلام البريطاني أظهر تباينًا واضحًا: بين صحف تُعامِل غزة كملف تفاوضي و”مجال اختبار” لقيادة ترامب وبلير، وبين أصوات نادرة تتساءل عن غياب الفلسطينيين أنفسهم عن الطاولة. وما بين السطور، يظل سؤال المقاومة حاضرًا: أليس من حق شعب يُباد علنًا أن يتمسك بأدوات الدفاع عن نفسه؟

ما وراء السرد الإعلامي

ما نشرته الصحف البريطانية اليوم يكشف أن “مجلس السلام” الذي يريده ترامب ليس سوى محاولة جديدة لتكريس الوصاية وتبييض الاحتلال، وأن إدماج بلير يعيد إلى الواجهة سجلًّا مثقلًا بالشكوك. وفي حين تختلف لغة التغطيات بين برود الخبر وسخونة النقد، يبقى الثابت أن غزة ليست بحاجة إلى مجالس وصاية جديدة، بل إلى وقف الإبادة فورًا، ورفع الحصار، والاعتراف بحقها في الحرية والمقاومة.

وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن تغطية الإعلام البريطاني لخطة ترامب ركزت بشكل شبه كامل على أبعاد الصفقة السياسية والأمنية، وعلى تصريحات ترامب ونتنياهو، دون إعطاء المساحة الكافية لحقوق الفلسطينيين.

وتؤكد المنصة أن أي خطة للسلام لا يمكن أن تُكتب لها المصداقية ما لم تُعطَ الأولوية لحقوق الفلسطينيين، ووقف الجرائم بحقهم، ومعالجة ملف الأسرى والشهداء، بدلًا من اختزال القضية في بنود تفاوضية ومشاريع اقتصادية.


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
10:04 am, Sep 30, 2025
temperature icon 14°C
scattered clouds
78 %
1026 mb
2 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 41%
Visibility 10 km
Sunrise 6:59 am
Sunset 6:41 pm

آخر فيديوهات القناة