كم يبلغ حجم المساعدات التي وصلت غزة منذ حصار مارس الماضي؟
رغم الإعلان المتكرر من السلطات الإسرائيلية عن تخفيف “قيودها” على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، تُظهر البيانات الميدانية والتقارير الحقوقية أن حجم ما وصل إلى القطاع منذ حصار مارس الماضي لا يزال دون الحد الأدنى المطلوب لتفادي كارثة إنسانية، في ظل مؤشرات خطرة على تفشي الجوع وسوء التغذية وارتفاع عدد الوَفَيات المرتبطة بذلك.
فمنذ مارس، شهدت غزة واحدة من أشد مراحل الحصار الإسرائيلي، إذ فُرض إغلاق شبه كامل للمعابر، ما أدى إلى تراجع دخول المساعدات إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب. ورغم الإعلان الإسرائيلي عما سُمّي بـ”توقفات تكتيكية” في يونيو لتسهيل إيصال المساعدات، لم يُسجَّل تحسن فعلي في الكميات المسموح بدخولها.
مساعدات ضئيلة لا تسد الحاجة

وبحسَب تحقيق أجرته شبكة (NBC) الأميركية، فإن المساعدات التي دخلت غزة عبر القنوات الثلاث: الإسقاط الجوي، ومؤسسة (GHF) المدعومة إسرائيليًّا وأميركيًّا، وقوافل الأمم المتحدة، لا تزال محدودة للغاية. ففي أفضل الأحوال، لم تتجاوز المساعدات الغذائية اليومية خلال الأسبوع الماضي وجبة واحدة أو نصف وجبة للفرد، في قطاع يقطنه نحو مليونَي فلسطيني.
مؤسسة (GHF)، التي أثارت جدلًا واسع النطاق منذ بدء نشاطها في مايو، أعلنت توزيع نحو 1.7 مليون وجبة في أحد أيام الأسبوع الماضي، وهو رقم يبدو ضخمًا على الورق، لكنه يعادل أقل من وجبة واحدة للفرد.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن دخول 1200 شاحنة مساعدات إلى غزة خلال أسبوع، لكن منظمات الإغاثة تُشير إلى أن ذلك الرقم لا يعكس الواقع على الأرض، حيث لا تزال مئات الشاحنات عالقة في المعابر أو غير مُستلمة بسبب انعدام الأمن أو القيود البيروقراطية.
من جهتها أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن عدد الشاحنات اليومية قبل الحرب كان يتجاوز 500 شاحنة، ما يعني أن معدل المساعدات الحالية لا يزال بعيدًا عن المستوى المطلوب لسداد الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع.
برامج الغذاء: الاحتلال يعرقل جهودنا
برنامج الأغذية العالمي (WFP) أفاد أن إسرائيل لم توافق إلا على ثُلثَي طلبات إدخال الغذاء التي قدّمتها الأمم المتحدة منذ بدء “التوقفات التكتيكية”، مشيرًا إلى أن الشاحنات التي تدخل تعاني من عراقيل عديدة، بينها التأخير المتعمد ومنع المرور الآمن، إضافةً إلى استهداف بعض القوافل بنيران الجيش.
كما أفادت لجنة الإنقاذ الدولية أن استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية يجعل من شبه المستحيل تأمين الغذاء الكافي، محذرة من أن “مجاعة واسعة النطاق باتت أقرب من أي وقت مضى”، وأن آلاف الأرواح مهددة إذا لم يرفع الاحتلال الحصار فورًا.
وقد كشف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أكثر من 1300 فلسطيني استُشهدوا منذ أواخر مايو أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية. وشمل ذلك:
• 859 شهيدًا قُتلوا قرب نقاط التوزيع الخاصة بمؤسسة GHF
• 514 آخرين استهدفوا أثناء الاقتراب من قوافل المساعدات.
وأكد المكتب أن معظم هذه الهجمات نفّذها الجيش الإسرائيلي، دون أي مؤشرات على تورط جماعات فلسطينية، معتبرًا أن هذا النمط من القتل يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
تجويع متعمّد: مسؤولية أخلاقية وقانونية
وفي وقت تتحدث فيه المنظمات الدولية عن “أزمة غذائية غير مسبوقة”، تصف الأمم المتحدة ما يحدث في غزة بأنه “مجاعة من صنع الإنسان”، لا نتيجة كارثة طبيعية، محذرة من أن سياسات التجويع تُستخدم كسلاح ضد السكان المدنيين.
وتُظهر المعطيات أن السياسات الإسرائيلية لم تُغيّر من طبيعتها رغم الحديث عن “تسهيلات”، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لإنهاء هذه المأساة قبل أن تخرج عن السيطرة.
هذا وترى منصة العرب في بريطانيا أن ما يجري في غزة من تجويع للسكان هو جريمة ممنهجة تعكس فشلًا أخلاقيًّا وقانونيًّا للمجتمع الدولي، ولا سيما في ظل استمرار الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل. وتدعو المنصة الحكومة البريطانية إلى اتخاذ موقف أكثر إنسانية ووضوحًا عبر الضغط لرفع الحصار فورًا، وضمان فتح ممرات إنسانية آمنة. كما تشجع المنصة العرب في بريطانيا على تكثيف حملات الضغط الشعبي والإعلامي؛ للمطالبة بوقف الانتهاكات الإسرائيلية، والتضامن مع الفلسطينيين في نضالهم المشروع من أجل الحياة والكرامة.
المصدر: NBC News
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
