كذبة المتحف البريطاني بشأن السفيرة الإسرائيلية تنهار بوثيقة رسمية

انهارت رواية المتحف البريطاني بشأن استضافته فعاليةً نظّمتها السفارة الإسرائيلية، بعد أن كشفت وثائق رسمية، حصل عليها موقع ميدل إيست آي بموجب قانون حرية المعلومات (FOI)، أن المتحف لم يكن ملزمًا قانونيًّا أو سياسيًّا بتنظيم هذا الحدث، خلافًا لما ادّعته إدارته سابقًا.
“تضليل متعمّد باسم الحياد السياسي”
في الـ13 من مايو الماضي، استضاف المتحف فعالية احتفالية نظّمتها السفارة الإسرائيلية بمناسبة الذكرى الـ77 لما يُسمى “استقلال إسرائيل”. وبعد غضب واسع النطاق في صفوف الموظفين الذين أكدوا أنهم لم يُبلغوا بالفعالية مسبقًا، برّرت الإدارة موقفها بالقول: إن المتحف، بوصفه هيئة شبه حكومية، “لا يمكنه أن يحيد عن سياسات الحكومة البريطانية الخارجية”.
لكن ردًّا رسميًّا على طلب حرية المعلومات فضح هذه الرواية، إذ أكد أن المتحف لا يمتلك أي مستند قانوني أو توجيهات رسمية تُجبره على استضافة الفعالية، ما يعني أن القرار كان اختياريًّا بالكامل.
وورد في الوثيقة أن إدارة المتحف ومجلس الأمناء هما الجهتان المخولتان باتخاذ قرارات تشغيلية، وأن هذا “الواجب” تجاه الجمهور ليس منصوصًا عليه قانونًا، بل يُسترشد فيه بتوجيهات عامة مثل “مدونة السلوك لأعضاء مجالس الهيئات العامة”.
ويشير الرد إلى أن المتحف، رغم كونه هيئة ممولة جزئيًّا من المال العام، لا يخضع لتعليمات ملزمة فيما يتعلق بتنظيم فعاليات تجارية أو سياسية، وأنه يتمتع بهامش استقلال يتيح له رفض مثل هذه الطلبات.
ووصف أحد موظفي المتحف الوثائق بأنها “محرجة جدًّا جدًّا”، وأضاف في تصريحات للموقع: “هذا يُثبت أنهم ضللونا -نحن الموظفين- عمدًا… عليهم أن يقدّموا توضيحًا، بل موقفًا واضحًا الآن. لا شيء يُجبرنا على الإذعان التام لسياسات الحكومة البريطانية”.
وأكد الموظف أن بعض زملائه يفكرون في الاستقالة؛ احتجاجًا على طريقة التعامل مع القضية، وقال: “نشعر جميعًا بالاشمئزاز، لا يمكن وصف الأمر بطريقة أدق. ونتساءل: هل هناك ما هو أسوأ في الطريق”؟
كما دعا الموظف إلى اتخاذ خطوات ملموسة مثل وقف إعارة القطع الأثرية لإسرائيل وإنهاء أي تفاعل ثقافي معها.
حملة بريطانية: “المتحف تعمّد الخداع”
بدورها علّقت حملة “حظر الطاقة من أجل فلسطين” (EEFP) على الوثائق، مؤكدة أن المتحف “كذب عن قصد” بشأن أسباب استضافته للفعالية. وقالت المتحدثة باسم الحملة: “المتحف لم يُجبَر على إقامة الحدث، بل اختار ذلك، ومصالح إدارته تتماهى مع المؤسسات التي تربح من الإبادة الجماعية، سواء كانت السفارة الإسرائيلية أو شركات مثل (BP) التي وقّعت على عقد رعاية معه بقيمة 50 مليون باوند”.
وكشف موقع ميدل إيست آي أيضًا عن مراسلات أجراها المتحف مع وزارة الثقافة والإعلام والرياضة (DCMS) في الـ16 من إبريل، وهي خطوة وُصفت بأنها “غير اعتيادية” بالنسبة لهيئة عامة غير وزارية تتدخل على هذا المستوى في فعاليات خاصة.
وفي ردّها اكتفت إدارة المتحف بالقول: “الحدث كان فعالية تجارية بحتة، ويختلف عن تلك التي يُنظمها المتحف بنفسه”.
وفي وثيقة منفصلة، كشف طلب (FOI) آخر موجّه إلى وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا عن رسالة إلكترونية من السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفلي دعت فيها الوزير البريطاني بيتر كايل للحضور وإلقاء “الكلمة الرئيسة” ممثلًا للحكومة البريطانية.
وقدّمت حوتوفلي الحدث في رسالتها باعتباره “جهدًا مشتركًا بين الحكومة البريطانية والإسرائيلية” لتعزيز العلاقات الثنائية و”دعم وجود إسرائيل وأمنها”، ما يناقض بوضوح رواية المتحف عن كونه “حدثًا تجاريًّا”.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن الوثائق التي كُشف عنها تؤكد مجددًا اتساع الفجوة بين القيم المعلنة لبعض المؤسسات البريطانية وممارساتها الواقعية، ولا سيما عندما يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وتؤكد المنصة أن على المتحف البريطاني تحمّل مسؤولياته الثقافية والتاريخية، والابتعاد عن كل ما يُمكّن الاحتلال من التغلغل داخل الفضاء الثقافي البريطاني، وأن يُعيد النظر في علاقاته التجارية والثقافية بما يتماشى مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇