العرب في بريطانيا | قواعد بريطانية جديدة تمنح الشرطة حصانة من العقا...

1447 جمادى الأولى 4 | 26 أكتوبر 2025

قواعد بريطانية جديدة تمنح الشرطة حصانة من العقاب عند إساءة استخدام القوة

قواعد بريطانية جديدة تمنح الشرطة حصانة من العقاب عند إساءة استخدام القوة
صبا الشريف October 23, 2025

أثارت قواعد جديدة في إنجلترا وويلز جدلاً واسعًا وقلقًا لدى الحقوقيين والنشطاء، بعد أن قلّلت من إمكانية مساءلة ضباط الشرطة في حالات يُشتبه فيها إساءة استخدام القوة. واعتبر منتقدون أن هذه الخطوة قد تُفاقم ظاهرة “الإفلات من العقاب” وتقوّض سيادة القانون.

تقول الحكومة إن الهدف من التعديلات هو طمأنة ضباط وحدات الأسلحة النارية الذين يشعرون بأنهم معرضون للملاحقة القانونية أثناء أداء واجبهم، بينما يرى معارضون أن الإجراءات تمثل تراجعًا عن معايير المساءلة واستجابةً لضغوط اللوبيات الأمنية.

خلفية التغييرات: مقتل كريس كابا وتداعياته

تعود جذور أزمة الثقة والنقاش حول مساءلة الشرطة إلى حادثة مقتل الشاب كريس كابا برصاص ضابط من شرطة العاصمة. وأسفرت الحادثة عن محاكمة الضابط بتهمة القتل، قبل أن تبرّئه هيئة المحلفين بعد نحو 3 ساعات من المداولات في أكتوبر الماضي.

أثارت النتيجة مخاوف لدى الحكومة وقيادات الشرطة من أن أي حكم بالإدانة قد يؤدي إلى استقالات واسعة بين ضباط الأسلحة النارية، ما قد يضعف قدرة لندن على توفير تغطية مسلحة كافية.

ما الذي تغيّر؟

أعلنت الحكومة، استنادًا إلى مراجعة أجراها قاضٍ سابق ورئيس شرطة متقاعد، عن سلسلة إجراءات تهدف إلى تعزيز “الحماية القانونية” للضباط. أبرزها رفع معيار الإثبات في جلسات المساءلة التأديبية من مبدأ “ترجيح الاحتمالات” إلى معيار “ما وراء الشك المعقول”، وهو نفس المعيار المعتمد في القضايا الجنائية.

نظرًا لأن الضباط يبرّرون غالبًا استخدامهم للقوة بأنه دفاع عن النفس، فإن الانتقال إلى معيار أعلى يجعل دحض هذا الادعاء أكثر صعوبة وإثبات إساءة استخدام القوة تحديًا أكبر. كما فتحت الحكومة الباب أمام مراجعات إضافية لبحث ما إذا كان ينبغي تقييد دور التحقيقات القضائية في إصدار أحكام “القتل غير المشروع”، إضافة إلى دراسة إجراءات لتسريع هذه القضايا.

ردود الفعل: بين ترحيب الشرطة واستنكار الحقوقيين

رحّب قادة الشرطة بهذه التغييرات، معتبرين أنها تمنح الضباط وضوحًا ومعيارًا ثابتًا للمساءلة. ومع ذلك، اعتبرت منظمات حقوقية هذه التعديلات انحرافًا عن مبدأ المساءلة.

قالت ديبورا كولز من منظمة Inquest المتخصصة بمتابعة الوفيات الناتجة عن تدخل أجهزة الدولة: “هذه الإجراءات تقوّض سيادة القانون في طريقة تطبيقه على أفراد الشرطة، وتزيد من الإفلات من العقاب وانعدام العدالة. وزارة الداخلية تجاهلت مرة أخرى تجربة العائلات المكلومة واكتفت بترديد مخاوف لوبي الشرطة”.

وحذّرت ألبا كابور من منظمة العفو الدولية من أن تعديل صلاحيات مكتب السلوك الشرطي (IOPC) وآليات المساءلة الداخلية قد يؤدي إلى إفلات مزيد من الضباط من العقاب، حتى في قضايا العنف الواضح. وأضافت: “في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى هياكل مساءلة فعّالة، من غير المفهوم أن تختار الحكومة إضعافها بدلًا من إصلاحها”.

تزامن مثير للجدل مع تحقيقات فساد وسلوك عنصري

جاء الإعلان في اليوم نفسه الذي بدأت فيه عمليات فصل عدد من الضباط بعد كشف تحقيق سري أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) داخل مركز شرطة تشارينغ كروس، حيث أظهر التحقيق سلوكًا تمييزيًا وتفاخرًا باستخدام القوة المفرطة.

ووصفت كولز هذه الحوادث بأنها دلائل على أن “الوفيات على يد الشرطة ليست حوادث فردية بل جزء من نمط ضمن منظومة يغلب عليها الطابع العنصري والذكوري والفاسد”.

حجج قيادة الشرطة

قال مفوّض شرطة العاصمة السير مارك رولي إن الإجراءات لا تهدف إلى “التملّص من المساءلة” ولا تمنح الضباط رخصة لاستخدام القوة المفرطة أو المتهوّرة، بل تمنحهم “ثقة أكبر” بأنهم سيُحاسبون وفق معايير ثابتة تُقيّم ما كانوا يعتقدونه بصدق وقت الواقعة، لا وفق معايير تُطبّق بأثر رجعي بعد أشهر أو سنوات.

وجاءت تصريحاته بعد انهيار جلسات المساءلة المتعلقة بضابط يُعرف بالرمز W80، الذي أطلق النار عام 2015 على رجل أعزل في لندن كان متورطًا في مخطط لمساعدة سجين على الهرب، وذلك بعد تحقيق استمر لعشر سنوات. ويواجه ضباط الوحدات المسلحة عادة سلسلة من الإجراءات تشمل التحقيقات الجنائية، التحقيقات القضائية، وجلسات المساءلة الداخلية، وغالبًا ما تؤدي الطعون القانونية أو رفض الإدلاء بالشهادات إلى إطالة أمد القضايا.

من جهته، أكد المفتش آندي جورج، رئيس الرابطة الوطنية لضباط الشرطة السودّ، أن القواعد الجديدة تأتي “للتغطية على إخفاقات متجذرة في ثقافة وقيادة شرطة العاصمة”، مضيفًا أن “استعادة الثقة لا تتحقق عبر خفض المعايير، بل عبر قيادة تستمع وتتعلم وتتحمّل المسؤولية”.

موقف الحكومة

دافعت وزيرة الداخلية شابانا محمود عن التعديلات، مشيرة إلى أن الإطار القانوني الحالي أحدث “ارتباكًا وتفاوتًا في المعايير” وأضرّ بمعنويات الضباط، وخصوصًا في صفوف وحدات الأسلحة النارية.

وأضافت أن الضباط بحاجة إلى الثقة الكاملة في قدرتهم على التصرف الحاسم في المواقف الصعبة، لأن أي ضعف في هذه الثقة ينعكس سلبًا على قدرتهم على حماية الجمهور.

التعديلات الأخيرة تمثل انعطافة خطيرة نحو تعزيز الحصانة القانونية للشرطة على حساب الشفافية والمساءلة، مما قد يزيد شعور المواطنين بأن العدالة لا تُطبَّق بالتساوي، خصوصًا بين الأقليات والمجتمعات المهمشة.

تخفيف الضوابط على استخدام القوة وإضعاف صلاحيات التحقيقات الداخلية يفتح المجال أمام ضباط الشرطة للإفلات من العقاب حتى في حالات واضحة لسوء السلوك، ما يهدد الثقة بين الشرطة والجمهور ويجعل أي إصلاحات مستقبلية أكثر صعوبة.

اعتماد هذه السياسات على حماية معنويات الضباط بدل تعزيز المساءلة يعكس توجهًا خطيرًا قد يقوض قدرة السلطات على الحفاظ على الأمن بطريقة عادلة وشفافة، ويزيد من شعور المواطنين بالإحباط والشكوك تجاه تطبيق القانون.

المصدر : الغارديان


إقرأ أيضًا :

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
9:31 pm, Oct 26, 2025
temperature icon 10°C
broken clouds
90 %
1003 mb
17 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 6:43 am
Sunset 4:45 pm

آخر فيديوهات القناة