العرب في بريطانيا | قصة الغربة بعيون العرب: وجع الرحيل وأمل الاستقر...

1447 ربيع الأول 18 | 11 سبتمبر 2025

قصة الغربة بعيون العرب: وجع الرحيل وأمل الاستقرار في بريطانيا

مقالArtboard-2-copy-4_2 (9)
بيان العكيديSeptember 10, 2025

لم تعد الهجرة في زمننا المعاصر مجرد انتقال من بلد إلى آخر، بل تحولت إلى معركة يومية بين الأمل والخوف. آلاف الشباب في الشرق الأوسط يتركون أوطانهم؛ هربًا من الفقر والبطالة والحروب الممتدة لعقود، حاملين في قلوبهم حنينًا لا ينطفئ لوطنٍ يفتقد الأمان، ومتجهين إلى الغرب؛ بحثًا عن حياة كريمة وحقوق أساسية، كالعمل والتعليم والرعاية الصحية.

لكن هذا الطريق لم يعد مفروشًا بالآمال وحدها، بل امتلأ بالعقبات والصعوبات. فالمهاجر الذي يصل إلى أوروبا يصطدم بقوانين لجوء صارمة، وغربة ثقافية قاسية، وصراع دائم بين التمسك بالجذور ومحاولة الاندماج في واقع جديد. ومع تصاعد الخطاب الشعبوي وكراهية الأجانب، يصبح المهاجر هدفًا سهلًا للتمييز والتهميش.

إن دوافع الرحيل كثيرة، أبرزها الحروب والقمع السياسي والفقر والبطالة. كثير من الشباب لم يجدوا أمامهم سوى الحدود والبحر طريقًا للهروب من واقع يزداد قسوة يومًا بعد يوم. لكن هذه الرحلة محفوفة بالأثمان الباهظة: خطر الغرق، أو الوقوع في شباك المهربين وتجار البشر، أو مواجهة حياة معقدة ملأى بالبيروقراطية والاستغلال في سوق العمل، وظروف سكنية لا تليق بالكرامة الإنسانية حتى لمن نجح في الوصول.

سياسات بريطانيا تجاه الهجرة

في بريطانيا اتخذت الحكومة خلال السنوات الأخيرة سياسات أكثر تشددًا تجاه المهاجرين، تمثلت في نقل طالبي اللجوء من الفنادق إلى معسكرات عسكرية سابقة بذريعة تقليل التكاليف. غير أن هذه المعسكرات، بما تحمله من رمزية العزل والحرب، لا تشبه شيئًا من أحلام أولئك الذين خاطروا بحياتهم بحثًا عن الأمان. قد تبدو مؤقتة على الورق، لكنها في مشاعر ساكنيها تحولت إلى محطات عالقة بين زمنين: ماضٍ منهك ومستقبل لم يتشكل بعد.

عقبات العرب في بريطانيا

وسط هذا الواقع، يواجه العرب في بريطانيا صعوبات متعددة: البحث عن عمل يليق بالكفاءات والمؤهلات، ومواجهة أزمة السكن في مدن غالية، والتأقلم مع نظام عقاري باهظ. ومع ذلك، لا تخلو الحكاية من قصص نجاح مشرّفة، لأطباء ومهندسين وأكاديميين عرب استطاعوا تحويل وجع الاغتراب إلى إنجازات، وتركوا أثرًا يليق بجاليتهم ويمنحها صورة إيجابية في المجتمع البريطاني.

الهجرة قد تفتح أبوابًا لتعليم أفضل أو فرص عمل كريم، لكنها في الوقت ذاته تزرع الغربة وتزيد من الشوق إلى الوطن، وتترك المهاجر عالقًا بين وطنٍ لم يعد يوفر الأمان وبلدٍ جديد لا يمنحه القبول بسهولة. أما أوروبا، فترى في المهاجرين قوة عمل إضافية، لكنها تخوض في المقابل نقاشات حادة بشأن الهُوية والاندماج، في حين تخسر الدول العربية عقولًا وكفاءات هي بأمسّ الحاجة إليها.

وهكذا يبقى المهاجر أمام معادلة قاسية: إما البقاء في وطن مثقل بالصراعات والفقر، وإما الرحيل إلى بلدٍ لا يرحب به تمامًا ويعامله ببرود وربما بعداء. لم تعد الهجرة اليوم خيارًا لحياة أفضل بقدر ما أصبحت معركة للبقاء بين مطرقة الأزمات وسندان الغربة. وإذا لم تُعالج الأسباب الجذرية من غياب العدالة وانتشار الفساد وتفشي البطالة، فستظل الهجرة خيارًا اضطراريًّا لا حلمًا اختياريًّا. ويبقى السؤال المؤرق: هل يأتي يوم تصبح فيه الهجرة بحثًا عن مستقبلٍ أفضل، لا هروبًا من حاضرٍ قاسٍ؟


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
11:15 am, Sep 11, 2025
temperature icon17°C
few clouds
72 %
1002 mb
12 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds20%
Visibility10 km
Sunrise6:29 am
Sunset7:25 pm
uk ads space mobile
uk ads space mobile
uk ads space mobile

آخر فيديوهات القناة