العرب في بريطانيا | فيلم “الخرطوم” يفتتح عروضه في مهرجان لندن السين...

1447 جمادى الأولى 24 | 15 نوفمبر 2025

فيلم “الخرطوم” يفتتح عروضه في مهرجان لندن السينمائي وسط اهتمام واسع

OMytTsr2psM-HD
فريق التحرير October 19, 2025

من بين أبرز الأفلام الوثائقية التي أثارت اهتمام الجمهور هذا العام في مهرجان لندن السينمائي (BFI) يبرز فيلم الخرطوم، وهو عمل وثائقي سوداني جماعي يتتبع خمس شخصيات من سكان العاصمة، تتقاطع مصائرهم مع اندلاع الحرب التي بدّدت أحلامهم ودَفعتهم إلى المنفى.

عُرض الفيلم في المهرجان يومي 11 و12 أكتوبر 2025، وجاء إلى لندن بعد جولة ناجحة في كبرى المهرجانات الدولية، وسط تزايد الاهتمام العالمي بقصص السودانيين في ظل الصراع المستمر في البلاد.

أخرج الفيلم كلٌّ من أنس سعيد وراوية الحاج وإبراهيم “سنوبي” أحمد وتيميه محمد أحمد، بإشراف المخرج البريطاني فيليب (فيل) كوكس، الذي عمل مخرجًا فنيًا للعمل. يمزج الفيلم بين الشهادة الحية وإعادة التمثيل والمشاهد الواقعية، عبر قصص خمسة أشخاص: موظف حكومي يحاول حماية أسرته، وبائعة شاي تحوّل رصيفها إلى مساحة تواصل اجتماعي، وناشط في المقاومة الشعبية يواجه المداهمات، وطفلان يجمعان الزجاجات الفارغة للبقاء؛ جميعهم يحملون أجزاءً من روح المدينة إلى جغرافيات جديدة ومجهولة.

من مدينة نابضة بالحياة إلى فيلم في المنفى

بدأ التصوير بينما كانت الخرطوم ما تزال مدينة حيّة تضج بالموسيقى وأحلام الشباب والهتافات المطالِبة بالتغيير. ثم اندلعت الحرب الأهلية عام 2023، ففرّ فريق العمل وأبطال الفيلم إلى دول الجوار. عندها تغيّرت طريقة الإنتاج: أعاد المخرجون تصوير بعض الأحداث من الذاكرة، ودمجوا مشاهد واقعية مع أخرى رمزية كي يخلّدوا المدينة على الشاشة في الوقت الذي أصبحت فيه بعيدة المنال.

انتقل الخرطوم من مهرجان صندانس 2025 إلى برلين وجنيف — حيث فاز بجائزة غيلدا فييرا دي ميلو في مهرجان أفلام حقوق الإنسان — ثم إلى فانكوفر قبل أن يصل إلى لندن هذا الخريف. وتشير الجهة المنتجة إلى وجود عروض إضافية في بريطانيا بعد المهرجان، ما يعكس الزخم المتزايد الذي يرافق الفيلم.

لندن… محطة رمزية لصوت السودان

لطالما كانت لندن مركزًا للنشاط الثقافي والسياسي السوداني في المهجر. وخلال أيام المهرجان، عُرض الفيلم أيضًا في تشاتهام هاوس ضمن ندوة حول التكلفة الإنسانية للحرب، في تقاطع نادر بين الفن والسياسة والعمل الإنساني — ما يوضح عمق الرسالة التي يحملها الفيلم.

وقد سلطت وسائل إعلام بريطانية ودولية الضوء على العمل، من بينها هوليوود ريبورتر، التي أبرزت كيف تحوّل المنفى من عائق إلى وسيلة لإتمام المشروع. ومع توالي العروض في لندن والمنصات الثقافية المستقلة، يتّضح أن جمهور السودان في المهجر بدأ يجد في هذا الفيلم مرآة لذكرياته وواقعه.

بين الوثيقة والشعر البصري

لا يقدّم الخرطوم مجرد أرشيف سياسي، بل ينسج من تفاصيل الحياة اليومية لغة إنسانية شفافة.
تتنقّل الكاميرا بين ملاعب كرة القدم وأكشاك الشاي وبيوت النزوح، بينما تُستخدم مشاهد إعادة التمثيل بعناية لإحياء الذاكرة لا لاستدرار العاطفة. أما تصميم الصوت فيغلب عليه خليط من ضجيج الشوارع والأنغام المحلية وهمس الخطر الذي لا يغيب.

بهذه المقاربة، يعيد الفيلم الإنسانية إلى الحكاية السودانية التي غالبًا ما تُختزل في أرقام الضحايا وتقارير الحرب. إنه جزء من موجة جديدة من الأفلام السودانية التي تضع الشهادة الشخصية في قلب السرد الوطني، لتكشف كيف ينهض الأمل وسط الركام.

جمهور لندن وما بعده

بالنسبة للجمهور البريطاني، يشكّل الخرطوم أكثر من نافذة على حربٍ بعيدة؛ إنه شهادة على ذاكرةٍ حيّة لمدينةٍ ما زالت تنبض في قلوب أهلها في المنفى.

وبينما تستعد القاعات البريطانية لعرضه في جولات إضافية، يبدو أن الفيلم بدأ يرسّخ مكانته كأحد أهم الأعمال التي خرجت من رحم المأساة السودانية، ليقدّم للعالم صورة أخرى عن الخرطوم..

مدينة تحترق لكنها لا تموت.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة