“فقدنا السيطرة على الحدود” .. ماذا بعد هذا الاعتراف الحكومي؟
في اعتراف نادر بحدة الأزمة، تحذّر وزيرة الداخلية البريطانية شعبانة محمود من أنّ بريطانيا “فقدت السيطرة على حدودها”، محذّرة من أنّ العبور غير النظامي عبر القنال يهدّد ثقة الجمهور في السياسة ويمسّ بـ”مصداقية الدولة ذاتها”. وجاءت تصريحاتها قبيل قمة تستضيفها لندن لوزراء من دول غرب البلقان وشركاء أوروبيين بهدف صياغة تفاهمات جديدة لمكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
رسالة حازمة: لا حلّ دون تعاون دولي

تشدد محمود على أنّ الرأي العام “يتوقع بحق أن تحدد حكومته من يدخل البلاد ومن يغادرها”، معتبرة أنّ الواقع الحالي لا يلبّي هذا المعيار لا في بريطانيا وحدها بل في دول أوروبية عدة. وتؤكد أنّ معالجة الظاهرة لا تكون بالانكفاء الوطني بل عبر “استجابة دولية منسّقة وقوية” تستهدف سلاسل التهريب وشبكات الجريمة المنظمة. وتلفت إلى أنّ المملكة المتحدة تقود جهدًا مشتركًا لتعزيز تبادل المعلومات، وتفكيك سلاسل الإمداد لدى العصابات، وتكثيف التنسيق بين أجهزة الشرطة والحدود. ويشارك المدير العام لوكالة الجريمة الوطنية غرايم بيغار لبحث تعطيل شبكات التهريب، إلى جانب جلسة مخصصة لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات. وتحتل دول غرب البلقان—ومنها ألبانيا وصربيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود—حيزًا محوريًا في ممرات التهريب داخل أوروبا، حيث يُشار إلى أنّ نحو 22 ألف شخص جرى تهريبهم عبر مسارات في الإقليم خلال 2024.
هجوم مضاد من المعارضة: أرقام وانتقادات

الحزب المحافظ وصف تحذير الوزيرة بأنّه “مفارقة”، واتهم الحكومة الراهنة بفقدان السيطرة على الحدود. وقال كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل، إنّ الأشهر التسعة الأولى من العام سجّلت “أسوأ” أرقام عبور غير نظامي في سجل القنال، وإنّ الحكومة تؤوي عددًا أكبر من المهاجرين في فنادق مقارنةً بفترة الانتخابات، ولم تُعِد سوى 26 شخصًا إلى فرنسا خلال فترة شهدت وصول نحو 14 ألفًا؛ وهو ما اعتبره “ردعًا معدومًا”. واقترح المحافظون الخروج من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لتمكين ترحيل “كافة المهاجرين غير النظاميين خلال أسبوع من وصولهم”، زاعمين أنّ ذلك كفيل بوقف العبور سريعًا. وتردّ محمود بأنّ “الهجرة غير النظامية تهديد مشترك” لا يعالج بقرارات أحادية، وأنّ الدعوات إلى الانعزال وإضعاف التعاون الدولي تُقوّض فعالية الاستجابة وتُضعف الحدود بدلًا من تعزيزها.
غرب البلقان في قلب خريطة التهريب

تؤكد وزارة الداخلية أنّ الإقليم بات معبرًا رئيسًا لشبكات التهريب وتهريب المخدرات نحو الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ويهدف اجتماع لندن إلى توسيع اتفاقات تبادل البيانات، وتنسيق عمليات تفكيك الشبكات، ورفع جاهزية الشرطة وحرس الحدود في الدول المعنية. وتراهن الحكومة على أنّ تشديد الخناق على العصابات العابرة للحدود، مع تسريع إجراءات العودة للشركاء الأوروبيين وتحسين مسارات اللجوء المنظمة، كفيل بخفض العبور غير النظامي واستعادة ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة.
ترى «العرب في بريطانيا» أنّ الاعتراف بحجم التحدي خطوة ضرورية، لكن استعادة السيطرة على الحدود تتطلب مزيجًا متوازنًا من التعاون الدولي الفعّال، وإنفاذ القانون الذكي القائم على الأدلة، وتسريع المسارات القانونية والإنسانية لمن يستحقون الحماية، مع ضمان حقوق الأفراد والإجراءات العادلة. وتدعو المنصة إلى إبعاد الملف عن المزايدة السياسية والشعارات، والالتزام بالشفافية في الأرقام والسياسات، وبناء ثقة الجمهور عبر نتائج ملموسة تحمي الحدود وتصون قيم دولة القانون وحقوق الإنسان في آن واحد.
المصدر: إندبندنت
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
