فضيحة جديدة.. مقاول وزارة الداخلية البريطانية يجمع بيانات مواطنين دون علمهم

كشفت صحيفة الغارديان النقاب عن فضيحة جديدة تتعلق بجمع مقاول وزارة الداخلية البريطانية بيانات شخصية لمئات الآلاف من المواطنين البريطانيين دون علمهم، وذلك خلال عمليات التدقيق المالي المرتبطة بطلبات الهجرة.
وجاء التسريب عندما أرسل مسؤول حكومي عن طريق الخطأ تقريرًا سريًا، أعده مقاول خاص لصالح الوزارة، إلى إحدى الجمعيات الخيرية.
وتضمن التقرير معلومات حساسة لأكثر من 260 شخصًا، شملت أسماؤهم، تواريخ ميلادهم، وبيانات من السجل الانتخابي.
حفظ بيانات المواطنين دون مبرر قانوني
هذا وأُعدَّ التقرير في إطار طلب إعفاء من رسوم الهجرة، وهو إجراء يتطلب فحوصات مالية للتحقق من عدم قدرة مقدم الطلب على دفع الرسوم المقررة.
لكن المفاجأة كانت أن الأفراد المدرجين في التقرير لا تجمعهم أي علاقة مباشرة بمقدم الطلب، سوى أنهم سكنوا أو عملوا سابقًا في نفس العنوان أو المنطقة البريدية.
واللافت أن بعض الأسماء المدرجة تعود لأفراد غادروا العنوان ذاته منذ ما يقرب من أربعة عقود، وتحديدًا منذ عام 1986، وهو ما يثير تساؤلات خطيرة حول آليات جمع البيانات وشرعيتها.
وأُنجِزَ التقرير من قبل شركة “إكويفاكس” – وهي إحدى أكبر وكالات الائتمان في العالم – بتاريخ 25 حزيران/ يونيو 2024، قبل إرساله في اليوم ذاته إلى أحد العاملين في منتدى اللاجئين والمهاجرين في إسيكس ولندن (Ramfel).
وكانت شركة “إكويفاكس” كانت قد تعرضت سابقًا لأحد أكبر الاختراقات السيبرانية في التاريخ عام 2017، وانتهى ذلك بتسريب بيانات عشرات الملايين من الأشخاص.
ورغم ذلك، لا تزال الشركة تعتمد على أساليب مشكوك فيها لجمع البيانات، وورد في التقرير:
“إن حجم وطبيعة المعلومات المتاحة في هذه الخدمة يصعّبان على شركة “إكويفاكس” عملية التحقق من صحة المعلومات، كما أن هذه الخدمة متاحة فقط للاستخدام الشخصي أو الداخلي”.
وزارة الداخلية تتجاهل التحذيرات
ورغم خطورة المعلومات المسربة، أكدت منظمة (Ramfel) أنها أبلغت وزارة الداخلية البريطانية بالحادثة عبر بريد إلكتروني أولي، إلا أن الأخيرة لم تستجب.
ونتيجة استمرار الصمت الرسمي، وجهت المنظمة رسالة إلى ماثيو ريكروفت، السكرتير الدائم في الوزارة، خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، محذرة من خطورة الأمر.
وورد في الرسالة: “لقد أثار الحادث تساؤلات عميقة حول الشفافية، وحماية الخصوصية، وإمكانية جمع البيانات دون موافقة مسبقة، فمن غير المعقول أن يكون معظم هؤلاء الأفراد – وغالبيتهم مواطنون بريطانيون– قد وافقوا على حفظ بياناتهم واستخدامها في هذا السياق”.
وطالبت المنظمة بتوضيحات حول مصير البيانات الخاصة بالمواطنين، وما إذا كانت ستُحذف بعد استخدامها، إضافة إلى الإجراءات المتبعة للحد من جمع المعلومات غير الضرورية.
إلا أن الرد الرسمي الذي تلقته المنظمة في كانون الأول/ ديسمبر جاء غامضًا وغير واضح، حيث اكتفت جوانا رولاند، المديرة العامة لمجموعة خدمات العملاء في الوزارة، بالقول:
“لا يمكنني التعليق على تفاصيل العمليات الداخلية، لكنني أؤكد أن وزارة الداخلية تلتزم بلوائح حماية البيانات في المملكة المتحدة، وتعمل على معالجة الحد الأدنى من المعلومات الشخصية اللازمة لإنجاز مهامها بشكل قانوني وفعال، مع حذف البيانات غير الضرورية”.
تأتي هذه الفضيحة في وقت تشهد فيه بريطانيا ارتفاعًا حادًا في طلبات الإعفاء من رسوم الهجرة، وذلك عقب قرار حكومة المحافظين الصارد في شهر شباط/ فبراير 2024، والذ ينص على رفع رسوم التأمين الصحي للمهاجرين من 624 إلى 1,035 باوند سنويًا للمهاجرين البالغين.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، ارتفع عدد المتقدمين بطلبات الإعفاء بشكل كبير، حيث سجلت الأعداد القفزات التالية:
13,600 طلب إعفاء في الربع الأخير من عام 2023.
18,500 طلب في الربع الأول من 2024.
22,800 طلب في الربع الثاني.
25,600 طلب بين يوليو وسبتمبر، مع استمرار تراكم الملفات.
وفي ظل هذه المعطيات، طالب نيك بيالز، رئيس الحملات في (Ramfel)، بضرورة إلغاء عمليات التدقيق المالي الموسع، خصوصًا للأفراد من ذوي الدخل المنخفض أو المستفيدين من إعانات الإعاقة.
وقال بيالز: “مع وصول تكلفة طلبات الإقامة في المملكة المتحدة إلى ما يقارب 4,000 باوند، فإن التدقيق المالي الإضافي غير ضروري، ويؤدي فقط إلى تأخير الإجراءات وتكدس الملفات.
وأضاف: “إلغاء هذه الفحوصات من شأنه أن يساعد الحكومة العمالية في تسريع إصدار التأشيرات، وتخفيف الأعباء عن المهاجرين، ووقف عمليات جمع البيانات العشوائية عن مواطنين لم يوافقوا على مشاركة معلوماتهم”.
شركة “إكويفاكس” في دائرة الاتهام مجددًا
هذا وتُعد “إكويفاكس” شريكًا لعدد من الجهات الحكومية البريطانية، من بينها وزارة العمل والمعاشات، مصلحة الضرائب، وزارة الدفاع، شركة قروض الطلاب، وزارة العدل، وهيئة خدمات الأعمال التابعة لهيئة الصحة الوطنية (NHS).
ورغم سجلها السابق في انتهاكات حماية البيانات، لا تزال الشركة تمارس نشاطها بشكل مثير للجدل، حيث سبق أن فُرضت عليها غرامة بقيمة 11 مليون باوند في عام 2023، بسبب اختراق بيانات طال نحو 14 مليون مستهلك بريطاني نتيجة فشلها في توفير الحماية الإلكترونية اللازمة.
الوزارة تفتح تحقيقًا ولكن..
وأكدت وزارة الداخلية أنها تحقق في مدى وقوع خرق رسمي للبيانات، لكنها لم تقدم أي تفاصيل حول الإجراءات المتخذة لمعالجة الأزمة.
كما أوضحت أنها أنهت تعاملها مع “إكويفاكس” في معالجة طلبات إعفاء رسوم التأشيرة.
من جهتها، دافعت الوزارة عن نفسها بالقول: “إن أي خرق للبيانات يشكل مصدر قلق بالغ، ونتعامل معه بجدية تامة. نحن مستمرون في مراقبة إجراءات التدريب وتعزيز الضوابط لضمان حماية البيانات الشخصية”.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇