فادي عيتاني .. من رحم المعاناة في لبنان إلى تقلّد أعلى الأوسمة في بريطانيا
فادي عيتاني من رحم المعاناة بلبنان إلى تقلّد أعلى الأوسمة في بريطانيا
هاجر اللبناني فادي عيتاني شابًا من لبنان في أواخر الثمانينيات الميلادية تاركًا أهله وأصدقاءه خلفه نحو بريطانيا باحثًا عن مستقبل جديد بعد أن شهد أوضاعًا مأساوية.
بعد أكثر من ثلاثين عامًا حاز فادي عيتاني على وسام (OBE) الشرفي المقدم من من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لجهوده في العمل الخيري بشتى أنواعه، حيث يشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذيّ لمنتدى المنظمات الخيرية الإسلامية في بريطانيا.
في لقاء خاص لمنصة العرب في بريطانيا، حكى فادي عيتاني قصة كفاحه في العمل الخيري حتى وصل إلى قمته.
فادي عيتاني في حوار لمنصة العرب في بريطانيا
– نرحب بك أ.فادي في منصة العرب في بريطانيا .. حبذا لو بدأنا بالجانب الشخصيّ ، من هو فادي عيتاني؟!
بدايةً الشكر موصول لكم على هذه الاستضافة الكريمة ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنّكم الكريم ، حقيقةً الإنسان لم يتعود أن يتكلم عن نفسه ولكنّ الغرض من ذلك تحفيز الشباب العربيّ المسلم من مواليد بريطانيا أو القادمين الجدد من جيل الشباب.
قصتي لا تختلف كثيرًا عن قصص الشباب في الوطن العربيّ الذين يحلمون بالسفر والهجرة للخارج بسبب الظروف المعيشية الصعبة في بلدانهم ، فأنا وبسبب الظروف في ذلك الوقت في بيروت “حيث تشتعل الحرب” كنت كثيرًا ما أفكر في الهجرة أنا ومجموعة من أصدقائي إلى أيّ بلد يضمن لنا حياة كريمة، لكن حدث أمرٌ كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وهو انفجار سيارة مفخخة بالقرب من مكان عملي ما جعلني أخطو خطوات جدية نحو الهجرة.
– حمدًا لله على سلامتكم ، وقعت الحادثة التي جعلتك تقرر الهجرة ، فمتى وصلت إلى بريطانيا وكيف بدأت حياتك فيها؟
وصلت تقريبًا عام 88 ميلادي ، بداية ً كنت أفكر في إكمال دراستي ، لكن بسبب الظروف الصعبة في لبنان كان واجبًا عليّ أن أجد عملًا لأساعد أسرتي في لبنان ، فعملت في عدة وظائف مختلفة على شكل يوميات ، إلى أن أشار عليّ أحد الإخوة بالعمل في إحدى المؤسسات الخيرية وهي منظمة ISLAMIC RELIEF.
كانت المنظمة في بدايتها بحاجة إلى من يقوم بأعمال المكتب في لندن ، بعدها قررت أن أتخصص بالعمل في المجال الخيريّ ، كما لا يفوتني أن أنبّه الشباب أنّ الذي يجد نفسه في أيّ مجال “يتخصص فيه” ولا يضيع وقته في الانتقال بين الأعمال دون فائدة.
في ذلك الوقت كان العالم يموج بأحداث كثيرة مما اضطرني لتأجيل الدراسة قليلًا والتفرغ للعمل الخيريّ بالكامل ، كما أنّ ISLAMIC RELLIEF كانت نشطة جدًا في استجابتها للكوارث والطوارئ حول العالم كزلزال إيران مثلًا ، فيضان بنغلاديش ، الحرب في كوسوفا وغيرها.
بعد قرابة 10 سنوات قررت إكمال الماجستير في إدارة القطاع العام ، وقد قضيت في ISLAMIC RELIEF حوالي 13 سنة ولله الحمد.
التدرج في العمل الخيري
– جميل جدًا ، كيف تدرجت في المنظمة حتى أصبحت مديرها، وهل كان لديك عمل آخر ؟
أعتقد أنّني حسمت الأمر بنقطتين الأولى هي التخصص في العمل الخيريّ والثانية هي أنّني لم أكن أنظر للوراء متأسيّا بسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فقد بدأ العمل منذ وصوله للمدينة مع أنّ مكة كانت أحبّ البقاع إليه ، فلذلك لم أكن التفت إلى بلدي الأمّ لبنان بل كان جلّ وقتي للعمل الخيريّ.
وبالمناسبة كنت أول موظف بدوام كامل في ISLAMIC RELIEF. وأُرسلت في بداية عملي إلى دول مثل باكستان لعمل تقارير حول أوضاع اللاجئين الأفغان هناك.
تدرجت في العمل في المنظمة بدايةً من مدير مكتب لندن إلى أن أصبحت المدير العام لمكتب ISALMIC RELIEF في بريطانيا، ثمّ في عام 2000 ميلادي انتقلت للعمل في (دار الرعاية الإسلامية).
– ما أوجه الاختلاف بين المنظمتين في رأيك ؟
الفرق بينهما كبير صراحة، فالعمل في ISLAMIC RELIEF كنّا نجمع الأموال من المتبرعين ونرسلها إلى المحتاجين في الخارج ، أمّا في دار الرعاية الإسلامية فقد كنّا مع الناس في أرض الواقع نتلمس هموهم واحتياجاتهم ، وكنّا نعمل على التحديات المختلفة التي تواجه الجالية العربية والمسلمة كاللغة مثلًا والاندماج ، وعملت هناك تقريبًا حتى عام 2005 ميلادي.
خوض تجارب جديدة
– ما أبرز الصعوبات التي واجهتها في العمل الدوليّ متمثلاً بإسلاميك ريليف ، والعمل المحليّ متمثلًا بدار الرعاية الإسلامية ؟
أبرز التحديات التي واجهتها كانت في التعامل مع الجاليات العربية ضياع بعض شبابنا للأسف ، فكنّا نحاول أن نجعل المسجد متعدد الأدوار وليس مكانًا للعبادة فقط، كإقامة الدورات العلمية والتربوية التي تساعد الأهالي في تربية أبنائهم وهذا ما انتهجه كثير من المساجد في بريطانيا ولله الحمد.
– من خلال هذه المسيرة المباركة يتضح أنّك منذ قدومك إلى بريطانيا وأنت منشغل في العمل مع العرب والمسلمين ، فكيف استطعت الاندماج مع المجتمع البريطانيّ بشكل عام ؟
في ISLAMIC RELIEF كان عملنا دوليًّا كما أسلفت، أما مع دار الرعاية كنّا حريصين على بناء جسور بيننا وبين المنظمات والسلطات المحلية البريطانية ، فنحن عملنا مع الشرطة المحلية بحيث يتمّ تخفيف الضغط على الجالية الإسلامية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، كما كان لنا تعاون مع البلدية وعدة جهات أخرى.
– ماذا بعد دار الرعاية الإسلامية التي تركتها في عام 2005 ؟
عدت مجددا إلى ISLAMIC RELIEF وكان ذلك بطلب من د. هاني البنا الذي عرض علي منصب مدير العلاقات الدولية، عملت هناك قرابة سنتين ثم انتقلت إلى ( بيت الزكاة ) لمدة سنتين كذلك.
بعد ذلك عملت مع مكتب ( قطر الخيرية ) التي كانت ترعى كلّ المشاريع الخيرية في أوروبا التابعة للجالية في ذلك الوقت إلى أن قرروا إغلاق مكتبهم في لندن ، ثمّ أخيرًا بدأت مسيرة جديدة في عام 2018 ميلادي مع ( منتدى المنظمات الخيرية الإسلامية ) التي مازلت أعمل معها إلى يومنا هذا.
– حبذا لو نأخذ فكرة بسيطة عن المنتدى والخدمات التي يقدمها المنتدى؟
فكرة المنتدى قائمة على ثلاثة محاور ؛-
1- تدريب الأعضاء العاملين في المجال الخيريّ .
2- عمل الأبحاث للمنظمات وجلب الدعم لها بأنواعه كافة.
3- أن تكون صوتًا للمؤسسات الخيرية عند المسؤولين وصناع القرار .
التكريم من العائلة المالكة في بريطانيا
– ما شاء الله ، بعد هذه المسيرة التي امتدت قرابة 30 عامًا مع مختلف المنظمات الخيرية ، حصلت على التكريم المستحق من قبل جلالة الملكة ، لو حدثتنا عن حيثيات هذا التكريم ؟
هناك جائزتان في السنة مقدمة من جلالة الملكة تُكرّم بها المبدعين والمؤثرين في بريطانيا على كافة الأصعدة، الجائزة كانت وسامًا شرفيًا من جلالة الملكة عبارة عن شكر وتقدير نظير الجهود المبذولة في خدمة المجتمع واستلمت الوسام من يد ابنة الملكة الأميرة آن نيابة عنها لظروف الملكة الصحية، استطعت بفضل الله اصطحاب زوجتي التي لطالما ساندتني في مسيرتي.
لا تعرف في الحقيقة من الذي اختارك ومن الذي زكاك للحصول على الوسام، لكن هذه هي عادة المجتمعات الحية والحضارية تُكرّم المبدعين حتى تحث الناس على البذل والعطاء.
– شكرًا لك أ.فادي على هذا اللقاء الجميل ومبارك لك هذا التكريم ونتمنى لك مزيدًا من التقدم
شكراً لك أ.صلاح وشكرًا لمنصة العرب في بريطانيا على إتاحة الفرصة ، كما آمل أن أكون قد فتحت نافذة للأمل عند الشباب في جاليتنا العربية والإسلامية في بريطانيا.
اقرأ أيضًا :
سيدة لبنانية تفوز بجائزة ليدز للخدمة المجتمعية
الرابط المختصر هنا ⬇