العرب في بريطانيا | لندن ودبلن تدعوان للسلام ووقف الكارثة الإنسانية...

1447 ربيع الأول 26 | 19 سبتمبر 2025

لندن ودبلن تدعوان للسلام ووقف الكارثة الإنسانية في غزة

غزة
شروق طه September 13, 2025

في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وتتعالى الدعوات الدولية لوقف التصعيد، اجتمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بنظيره الإيرلندي مايكل مارتن يوم الجمعة الماضية في مقر رئيس الوزراء الريفي بتشيكرز، حيث ناقشا بشكل موسع تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط إلى جانب ملفات ثنائية بين لندن ودبلن.

وخلال اللقاء، عبّر الزعيمان عن “فزعهما” من الضربة التي وقعت في الدوحة هذا الأسبوع ومن “المشاهد غير المحتملة في غزة”، مؤكدين أن الأولوية العاجلة تتمثل في إنهاء المجاعة التي تفرضها إسرائيل على القطاع، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، وفتح مسار واضح نحو حل الدولتين بوصفه مدخلًا لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

آفاق العلاقات البريطانية الإيرلندية

غزة
رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن يلتقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في تشيكرز يوم الجمعة.

ويأتي اللقاء الأخير بعد اجتماع مماثل في آذار/مارس الماضي بمدينة ليفربول، أُعلن خلاله عن سلسلة قمم سنوية بين بريطانيا وإيرلندا، وُصفت بأنها بداية “الفصل التالي” في العلاقات الثنائية بعد سنوات من التوتر.

وفي تصريحات قُبيل اجتماعه مع ستارمر، أكد مارتن أنه يتطلع لمناقشة التقدم في تنفيذ برنامج التعاون البريطاني الإيرلندي 2030، إضافة إلى ملفات الإرث التاريخي في إيرلندا الشمالية، وتعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فضلًا عن القضايا الدولية العاجلة، وعلى رأسها “الوضع الكارثي في غزة”، والدعم المستمر لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي.

بهذا تبدو لندن ودبلن متفقتين على أن الكارثة الإنسانية في غزة تستدعي تحركًا عاجلًا، وأن الحل السياسي القائم على الدولتين قد يكون السبيل الوحيد لإنهاء المأساة وإرساء سلام دائم في المنطقة.

موقف إيرلندا وتعاطف تاريخي

تتبنى إيرلندا موقفًا متعاطفًا مع القضية الفلسطينية، وهو ما يعزوه كثيرون إلى تاريخها الخاص مع الاستعمار والصراع من أجل الاستقلال.

ففي أيار/مايو من العام الماضي، بادرت دبلن إلى الاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب إسبانيا والنرويج، متحديةً بذلك الموقف السائد لدى معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما طرحت خططًا لفرض حظر تجاري على إسرائيل، وهو ما واجه اعتراضًا من بعض الحلفاء الأوروبيين.

وبالتوازي مع الخطوات السياسية، اتخذت مؤسسات إيرلندية أخرى مواقف مشابهة؛ إذ أعلنت هيئة الإذاعة الوطنية (RTE) أنها ستقاطع مسابقة الأغنية الأوروبية العام المقبل إذا شاركت فيها إسرائيل، في خطوة جاءت بعد قرارات مماثلة من محطات سلوفينية وهولندية.

رؤية تاريخية للصراع

غزة
مايكل مارتن مع وزيري الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس والنرويجي إسبن بارث إيدي. اعترفت الدول الثلاث بفلسطين في مايو ٢٠٢٤. رويترز

أوضحت البروفيسورة جين أولماير، أستاذة التاريخ الحديث في كلية ترينيتي بدبلن، أن تجربة إيرلندا كأقدم مستعمرة بريطانية شكّلت طريقة نظرها للنزاعات ما بعد الاستعمارية، مشيرة إلى أن قانون حكومة إيرلندا لعام 1920 استُخدم لاحقًا كنموذج لتقسيم كل من فلسطين وإسرائيل عام 1948، والهند وباكستان عام 1947. وأكدت أن ذلك يفسر عمق التعاطف الإيرلندي مع الفلسطينيين.

وعلى النقيض من دبلن، دعمت لندن في البداية العدوان الإسرائيلي على غزة، فضلًا عن عدوانها على لبنان واليمن وإيران. لكنها اتجهت في الأشهر الأخيرة إلى اتخاذ مواقف أكثر انتقادًا مع تفاقم الأزمة الإنسانية، ولا سيما مع استمرار إسرائيل في توسيع نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية.

واتخذت الحكومة البريطانية بالفعل عدة خطوات لزيادة الضغط على تل أبيب، منها فرض عقوبات على وزيرين من اليمين الإسرائيلي المتطرف ومستوطنين يهود متهمين بممارسة العنف، إلى جانب فرض حظر جزئي على مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

كما أعلنت أنها تستعد للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من أيلول/سبتمبر الجاري.

ترى البروفيسورة جين أولماير أن الزعماء في لندن ودبلن يمكن أن يستمدوا الأمل من تجربة اتفاقية “الجمعة العظيمة” التي أنهت عقودًا من الصراع في إيرلندا الشمالية. وقالت: “رغم التجربة الإيرلندية مع الاستعمار الاستيطاني، فإن اتفاقية الجمعة العظيمة أرست السلام في الجزيرة. وربما تمثل بصيص أمل في هذا الظلام الحالك، ونموذجًا يُحتذى به في الشرق الأوسط مستقبلًا”.

مبادرات السلام والتحديات

وكان ستارمر قد حاول هذا العام الترويج لإنشاء صندوق دولي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على غرار الصندوق الذي ساعد في دعم عملية السلام بإيرلندا الشمالية، غير أن المبادرة انهارت بعد أن اقترحت إسرائيل فرض ضريبة بنسبة 90 في المئة على أموال المساعدات الخارجية التي تتلقاها المنظمات غير الحكومية.

أما إيرلندا، فرغم تعاطفها مع الفلسطينيين، فهي تحظر الانتماء أو تقديم الدعم لمنظمات مثل حماس وحزب الله المحظورتين في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. ومع ذلك، فقد أبدى الرأي العام الإيرلندي تعاطفًا مع فرقة “نيكاب” الغنائية باللغة الغيلية، بعد أن وُجهت إلى مغنيها الرئيس تهم أمام محكمة بريطانية لرفعه علم حزب الله على المسرح.

هذا وأوضحت أولماير أن الصراع يُرى أحيانًا من خلال “عدسة” الاضطرابات في إيرلندا الشمالية، مشيرة إلى أن الجداريات في بلفاست تعكس هذا الانقسام، حيث يتعاطف القوميون الجمهوريون مع فلسطين، فيما يبدي الموالون/الاتحاديون تأييدًا لإسرائيل. لكنها نبهت إلى أن هذا لا يعني بالضرورة أن الكاثوليك معادون للصهيونية أو أن البروتستانت ضد الفلسطينيين.

المصدر: The National News


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
12:33 am, Sep 19, 2025
temperature icon 16°C
overcast clouds
88 %
1021 mb
7 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 6:41 am
Sunset 7:06 pm

آخر فيديوهات القناة