غزة والبيئة.. موسم الأعياد يتحول إلى سجن للمتضامنين في بريطانيا
وسط حملة قمع غير مسبوقة، سيقضي أربعون ناشطًا، تتراوح أعمارهم بين 22 و58 عامًا، موسم عيد الميلاد هذا العام وراء قضبان السجون، بسبب مشاركتهم في احتجاجات ضد أزمة المناخ والعدوان على غزة. تأتي هذه الأرقام لتسلط الضوء على قسوة الإجراءات التي تواجه الناشطين في بريطانيا، في وقت يتزايد فيه القلق حول مصير الحريات الديمقراطية.
من بين هؤلاء المعتقلين، 21 ناشطًا – 19 منهم رهن الحبس الاحتياطي – اتُّهموا بالمشاركة في أنشطة مؤيدة لفلسطين تهدف إلى تعطيل إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل. ويشمل ذلك أعضاء حركة “بالستين أكشن” (Palestine Action)، الذين اتُّهموا بتنفيذ هجوم على مصنع لشركة “إلبيت سيستمز” قرب بريستول. ويزعم المصنع، المملوك لأكبر شركة أسلحة إسرائيلية، أن الهجوم تسبب في أضرار قُدرت بمليون باوند.
ظروف احتجاز قاسية وتمييز ديني
مؤخرا، تحدثت عائلات المعتقلين عن الظروف القاسية التي يعانيها أبناؤهم في السجون لموقع ديكلاسيفايد. كلير روجرز، والدة زوي البالغة من العمر 21 عامًا والتي تعاني من التوحد، وصفت اعتقال ابنتها بأنه “صادم ولا إنساني”. وذكرت أن زوي خضعت لاستجوابات متواصلة لمدة سبعة أيام بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، دون توجيه أي تهم، وفي ظروف قاسية تضمنت استجوابات ليلية داخل زنزانة مظلمة.
زوي، التي تخضع الآن لأوامر صارمة تمنعها من الاتصال بزملائها، تجد نفسها معزولة وغير قادرة على المشاركة في أنشطة السجن. وقالت والدتها: “حتى عندما تقدمت زوي بطلب للحصول على وظيفة في ورشة لتصليح الدراجات، لم تتم الموافقة عليه، وكانت تُمنع أحيانًا من الذهاب إلى المكتبة خشية تواجد زميلة أخرى على قائمة المنع”.
أما سكينة رجواني، والدة الناشطة فاطمة زينب البالغة من العمر 20 عامًا، فتحدثت عن معاناة ابنتها في السجن، مشيرة إلى تعرضها لتمييز ديني بسبب كونها مسلمة ترتدي الحجاب. وقالت: “تعرضت لاختبارات مخدرات عشوائية بشكل متكرر، وتم حجب رسائلها البريدية، وهي إجراءات لم يتعرض لها أحد غيرها”.
اتهامات بالتسييس والقمع
تشير المنظمات الحقوقية إلى أن التعامل مع هذه القضايا يتجاوز الحدود القانونية، معتبرة أن الناشطين باتوا سجناء سياسيين. وتستشهد هذه المنظمات بوثائق كشفت عنها حركة “بالستين أكشن”، تظهر اجتماعات جمعت مسؤولين في شركة “إلبيت سيستمز” مع شخصيات حكومية رفيعة، بما في ذلك وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل. ويُزعم أن باتيل وعدت مسؤولي الشركة باتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات المناهضة لها.
جاكوب سميث، من منظمة Rights and Security International، وصف استخدام قوانين مكافحة الإرهاب ضد الناشطين بأنه “تجاوز خطير” وانتهاك واضح لحقوق الإنسان. وأضاف: “منع النشطاء من الاتصال ببعضهم البعض دون أدلة تثبت خطورتهم يمثل تصعيدًا مقلقًا وغير مبرر”.
واقع مقلق وحريات مهددة
أثارت هذه الإجراءات غير المسبوقة قلقًا واسعًا بين منظمات الحريات المدنية. جودي بيك، من منظمة “ليبرتي”، وصفت الوضع بأنه “انعكاس مرير لتراجع الديمقراطية في المملكة المتحدة”. وأوضحت أن الاستمرار في محاكمة الناشطين بسبب احتجاجاتهم السلمية لن يؤدي سوى إلى تفاقم أزمة العدالة الجنائية، ومنع الناس من إسماع أصواتهم.
وفي الوقت نفسه، وصف المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن المدافعين عن البيئة، ميشيل فورست، الوضع في بريطانيا بأنه “مرعب”، مشيرًا إلى أن البلاد أصبحت في طليعة الدول التي تسجن النشطاء البيئيين.
الأمل في مواجهة الظلم
ورغم قتامة المشهد، يتمسك المعتقلون بأمل التغيير. آنا هولاند، الناشطة في مجموعة “جست ستوب أويل”، التي ستقضي عيد الميلاد في السجن بسبب احتجاجها في المعرض الوطني، قالت: “السجن يُستخدم كوسيلة للردع، لكن يجب ألا نسمح له بإخماد أصواتنا أو كسر عزيمتنا. يجب أن نستمر في الحلم بعالم أفضل، وأن نعمل معًا لتحقيقه”.
فيما تواصل عائلات المعتقلين والمنظمات الحقوقية الدعوة لاحترام حقوق الاحتجاج السلمي، وإلغاء التشريعات التي تتيح هذا القمع. ويطالبون بإعادة النظر في الإجراءات القاسية التي تهدد بإسكات الأصوات المعارضة، وتحويل بريطانيا من نموذج ديمقراطي إلى ساحة قمع ممنهج.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇