غزة.. تُقتل بـ”الصواريخ والجوع والصمت العربي والإسلامي”!

صورة لمخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” في غزة تكشف جريمة ما زالت تُرتكَب منذ أكثر من شهر، حيث بدت مخازن الوكالة الأممية فارغة من أي من المواد الغذائية والمساعدات والطرود والدقيق، وهو ما يُبرِز الحالة المزرية والمأساوية والكارثية في غزة من جوع ونقص في المساعدات؛ بسبب استمرار الاحتلال في إغلاق المعابر المؤدية لغزة ومنع إدخال أي من المساعدات للمحاصرين.
إغلاق المعبر ومنع إدخال الطعام والشراب لم يكونا سرًّا بل أعلن الاحتلال ذلك صراحة أمام العالم، مؤكدًا استخدام سلاح التجويع ضد أكثر من مليوني فلسطيني من نساء وأطفال ورجال وكبار في السن، دون أن يُحرِّك العالم ساكنًا لوقف ذلك أو الضغط لإدخال شربة ماء للسكان الذين يعانون الجوع والتشريد والموت منذ عام ونصف.
الاحتلال يمنع الطعام والماء ويشن حرب إبادة جماعية
انتشر الجوع ونقص المياه في كل بيت في غزة، فالاحتلال فعليًّا لم يسمح بإدخال أي شيء لا للتجار ولا للمؤسسات الإغاثية والدولية والأممية، ليطبق الحصار بالكامل على غزة ويقتل السكان فيها بالتجويع، فضلًا عن قتلهم بالصواريخ والرصاص.
فغزة بلا مياه ولا طعام ولا خبز ولا حليب أطفال ولا مستلزمات طبية ولا صحية ولا وقود.. كل شيء يُمنَع عن غزة، أبسط حقوق الحياة الكريمة يمنعها الاحتلال في غزة المحاصرة المظلومة المكلومة المُبادة.
وما هو موجود من الإمدادات الإنسانية في الأسواق على وشك النفاد، وفق ما تقوله الأمم المتحدة التي أكدت أن إغلاق المخابز كان بسبب عدم وجود الدقيق.
منع دخول المساعدات ليس وليد اللحظة، فهو السياسة المتبعة منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 وإن كان في الوقت الحالي أشد وأقسى، وهو سياسة يتعمدها للضغط على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث يتجاوز الاحتلال القانون الدولي ويُشهر سلاح التجويع في أوجه المدنيين والأطفال والنساء دون اكتراث بالمؤسسات والقوانين الدولية التي تمنع ذلك.
لماذا يواصل العالم الصمت أمام جرائم الاحتلال؟
التجويع والتشريد سياسة قديمة جديدة، بدأت مع تأسيس الكيان، وأخذت أشكالًا ومراحل مختلفة، لكنها اليوم باتت سلاحًا واضحًا ومعلنًا بكل وقاحة، في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي.
فالعصابات الصهيونية المُسلّحة ارتكبت خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين؛ لإجبار سكانها على الرحيل.
وبحسَب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -ومقره بيروت- فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بين 1937 و1948 زاد على 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلًا عن إصابة الآلاف.
أما التشريد والنزوح في قطاع غزة فقد طالا كل فلسطيني هناك منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، فمنهم من نزح من بيته وخيمة نزوحه عشرات المرات خلال الشهور الـ15، وما يزال النزوح والتشريد مستمرّين مع استمرار الإبادة الجماعية.
بعد تدمير بيوتهم.. ينزح السكان من خيامهم التي يعيشون فيها دون أي مقومات للحياة.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): إن نحو 1.9 مليون شخص في غزة، ويشمل ذلك آلاف الأطفال، تعرضوا لتهجير قسري متكرر، في ظل القصف والخوف منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضافت الوكالة أن انهيار وقف إطلاق النار في غزة تسبب في موجة أخرى من النزوح طالت آثارها ما يربو على 142 ألف شخص.
مخيمات الضفة تواجه الإبادة: الاحتلال يتمدد والصمت يتواطأ..
أما مخيمات شمال الضفة الغربية، فلا يبدو وضعها بأحسن حال، فمنذ يناير 2025 يواصل الاحتلال عدوانه على مدن شمال الضفة الغربية ومخيماتها، وتحديدًا في محافظات جنين وطولكرم وطوباس ونابلس، ما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات من المواطنين، بينهم أطفال ونساء، ونزوح أكثر من 40 ألف مواطن قسرًا، وتدمير مئات المنازل والبنية التحتية.
في المقابل، تخلى المجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته وتجمعاته عن قوانينه التي سنّها على مدار عشرات الأعوام، وحل مكان تلك القوانين والتشريعات الصمت المطبق؛ فالأمر يتعلق بالاحتلال لذلك يبدو الجميع صامتًا خائفًا متراجعًا عن مبادئه.
أما أكبر مشجع لجريمة العقاب الجماعي تلك والإبادة قتلًا وتجويعًا، فهو ضعف الحراك الشعبي العربي والإسلامي، والعجز الرسمي ووقوف الناس موقف المتفرج، ما جعل الاحتلال يطمع في تطبيق مزيد من تلك المخططات.
وتناسى العالم العربي ما حل به في عام 1967 من احتلال لأرضه، ونسي شعار الاحتلال المعلن بأن حدود كيانه من النيل إلى الفرات، وقد بدا ذلك وشيكًا للأسف في ظل غفلة العرب والمسلمين.
فهذه الحرب هدفها أبعد من غزة، والصمت على ما يجري في غزة يعني استكمال حدود تلك الحرب، لتمتد للدول العربية والإسلامية وفق طبيعة الاحتلال التوسعية.
وفي مقابل ذلك كله، يبقى الصمود الفلسطيني -وإن كان وحده- مستمرًّا في وجه هذا الظلم والجبروت، وما يزال لدى الشعب الفلسطيني أمل كبير بأنه سينتصر ويحطم مخططات الاحتلال.
د.عصام يوسف، رئيس قوافل أميال من الابتسامات.
اقرأ أيضًا:
- غزة أولًا… لأن المواجهة أوسع من حدودها
- كيف ستلقَون الله يا ولاة الأمور؟
- اختفاء حساب د. محمد طاهر عن إنستغرام بعد منعه من دخول غزة: مصادفة أم تقييد متعمد؟
الرابط المختصر هنا ⬇