أين صنع محرك الطائرة التي قتلت عمال الإغاثة في غزة؟

أثار الاستهداف الإسرائيلي لعدد من عمال الإغاثة الأجانب، وقتلهم في قطاع غزة (بينهم ثلاثة مجندين سابقين في الجيش البريطاني) سخطًا كبيرًا في الأوساط السياسية الأوروبية، وتساءل مراقبون عما إذا كان محرك الطائرة التي استهدفت عمال الإغاثة من قطع السلاح التي صدرتها بريطانيا إلى إسرائيل.

ماذا قال خبراء الأسلحة عن حادثة مقتل عمال الإغاثة في غزة؟

وكان عمال الإغاثة السبعة قد وزعوا أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية تحت لواء جمعية المطبخ المركزي العالمية، قبل أن يستهدفهم الطيران الإسرائيلي المسيّر في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، علمًا أن الهجوم نفّذته طائرة مسيّرة من نوع هيرميس 450.

وأكدت مدير جمعية المطبخ المركزي العالمية أن إسرائيل استهدفت عمال الإغاثة عمدًا، في حين وصف الجيش الإسرائيلي الحادثة بالخطأ الفادح، وقد قوبل استهداف عمال الإغاثة السبعة بإدانات عالمية واسعة النطاق، وتصاعدت الدعوات داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل.

هذا ورجح خبراء الطيران والأسلحة أن محرك الطائرة المسيّرة الإسرائيلية التي قتلت عمال الإغاثة قد صُنِع في شركة (UAV Engines Limited) التي تتخذ من بريطانيا مقرًّا لها.

وتقع الشركة المذكورة في ويست ميدلاندز، وهي تابعة لسلسة شركات الأسلحة الإسرائيلية (Elbeit Systems).

وبهذا الصدد قال سام بيرلو فريمان، المسؤول عن الأبحاث في حملة مناهضة تجارة السلاح في بريطانيا: “هناك أدلة كثيرة على أن محرك الطائرة صُنِع في بريطانيا، وإن لم يكن كذلك فيجب على شركة (Elbeit Systems) الإفصاح عن مصدر المحرك”.

“يمكننا القول: إن هيكل الطائرة صُمِّم في بريطانيا على أقل تقدير”.

وأشار فريمان إلى أن المواقع الإلكترونية المتخصصة نشرت العديد من التقارير، التي تؤكد أن المحرك الخاص بهيرميس 450 مصنوع في بريطانيا.

هذا ولم تعلق شركتا تصنيع الأسلحة (UAV Engines) و(Elbeit Systems UK) على ذلك، لكن متحدثًا باسم شركة (Elbeit Systems UK)، قال لصحيفة ديلي ميل: إن جميع فروع شركته لم تشارك في برنامج صناعة طائرة هيرميس 450 المسيّرة.

ورفضت وزارة الأعمال والتجارة التعليق بشأن ما إذا كانت قطع الطائرة المذكورة مصنوعة في بريطانيا.

واكتفى متحدث باسم الحكومة البريطانية بالقول: “مستمرون بمراقبة الوضع في قطاع غزة”.

وأضاف: “نرحب بالالتزام الذي أظهرته إسرائيل بعد أن أذنت بفتح تحقيق عاجل وفوري وشفاف في الهجوم، الذي أدى إلى مقتل عمال الإغاثة يوم الإثنين، ويجب أن نرى نتائج التحقيق في أسرع وقت ممكن”.

هل ساهمت بريطانيا في تطوير الطائرة التي قتلت عمال الإغاثة؟

وأشار ناشطون من حملة مناهضة تجارة الأسلحة، إلى أن مسألة المحركات الخاصة بالطيران المسيّر شكلت مصدر حيرة لهم منذ عام 2009.

فقد كشفت منظمة العفو الدولية عن أدلة تثبت أن المحركات الخاصة بالطيران المسيّر، الذي استخدمته إسرائيل لقصف قطاع غزة في كانون الثاني/يناير عام 2009، قد يكون من صناعة شركة (UEL) الإسرائيلية.

لكن شركة (Elbeit Systems UK) نفت ذلك، وقالت: إن المحركات المصنوعة في بريطانيا استخدمت في برامج تطوير الطيران المسيّر في بريطانيا وعدة دول أخرى، نافيةً استخدام القوات الإسرائيلية لها.

وبعد شهر من ذلك اعترف مدير الفريق البريطاني المسؤول عن الحد من انتشار الأسلحة، بأنه ليس متأكدًا ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت طيران هيرميس 450 المزود بمحركات بريطانية في قصف قطاع غزة، في ظل عدم إمكانية فحص نوعية المحركات التي تصدرها بريطانيا إلى إسرائيل.

وقال أولي سبراغ مسؤول برامج الجيش والأمن والشرطة في منظمة العفو الدولية ضمن بريطانيا: “لطالما تساءلنا عما إذا كانت إسرائيل تستخدم محركات بريطانية لتشغيل طيرانها المسيّر، الذي يستخدم في قصف قطاع غزة”.

وأضاف: “كنا ننتظر سقوط إحدى هذه الطائرات، والحصول على دليل قاطع على أن محركاتها تحمل عبارة صُنِع في بريطانيا”.

وأضاف: “إن شركة (UEL) أصبحت تابعة لشركة (Elbeit) الإسرائيلية منذ عام 1995، ما يعني أنها تمتلك براءات الاختراع والخبرة الكافية لابتكار وتصنيع مثل هذه المحركات”.

وأردف: “السؤال الأهم: هل هناك دور لبريطانيا في تصميم المحرك؟ بلا ريب؛ لأن أسلوب تركيب المحرك وطريقة تصميمه بريطانية، لكن الأمر الذي لسنا متأكدين منه هو ما إذا كانت عملية تصنيع المحرك وتركيبه جرت في بريطانيا قبل تصديره إلى إسرائيل، لاستخدامه من أجل تشغيل الطيران المسيّر”.

ويرجح سبراغ أن المحركات المستخدمة لتشغيل الطيران المسيّر من نوع هيرميس 450 كانت قد صُنِعت في إسرائيل بالاعتماد على التكنولوجيا والخبرة التي حصلت عليها الشركات الإسرائيلية من نظيرتها البريطانية، دون صدور ترخيص بريطاني مباشر لنقل مثل هذه الخبرات”.

وقال جو كولز الصحفي المتخصص بشؤون الطيران: “يمكننا القول إن محرك الطائرة بريطاني التصميم، وإن لم يكن مصنعًا في بريطانيا”.

وافترض كولز أن مثل هذه المحركات تُصنَع في بريطانيا، وهي خاصة بطائرات (Watchkeeper)، لا طائرات هيرميس 450.

وأشار خبراء الأسلحة إلى أن المحرك الخاص بالطائرة المذكورة، قد يكون من المحركات التي صدرتها بريطانيا إلى إسرائيل، في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقالت وزارة التجارة الدولية: إن شركة (UEL) حصلت على تراخيص لإرسال قطع غيار لمحركات الطائرات العسكرية الإسرائيلية عام 2021.

وبالمقابل أشار خبراء الأسلحة إلى عدم وجود عدد كبير من التراخيص الخاصة بتصدير محركات الطائرات من شركة (UEL) إلى إسرائيل، ما يعني أن العديد من هذه الطائرات تُنتَج في إسرائيل.

الضغط على الحكومة البريطانية لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل

ويأتي ذلك في ظل تصاعد الضغوط على الحكومة البريطانية لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل.

وخلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة إلى أن قطع غيار الطائرات المصنوعة في بريطانيا، ربما استُخدمت في هجوم إسرائيل على مجمع طبي، يضم أطباء بريطانيين يعملون لدى مؤسسة خيرية بريطانية ومنظمة أمريكية في قطاع غزة.

وفي تسجيل مسرب نشرته صحيفة الأوبزرفر الأسبوع الماضي، قالت النائبة عن حزب المحافظين أليسيا كيرنز: “إن مستشاري الحكومة البريطانية أبلغوا المسؤولين بأن إسرائيل انتهكت القانون الدولي في قطاع غزة”.

وجاء ذلك بعد أن تهرب مسؤولو وزارة الخارجية البريطانية من الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع، خلال إحدى الجلسات البرلمانية التي عُقدت في آذار/مارس الماضي.

وقد أدى التسريب، الذي صدر بعد مقتل ثلاثة بريطانيين من عمال الإغاثة في قطاع غزة، إلى تصاعد الدعوات لوقف تصدير الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، وكان من بين المطالبين بذلك المستشار السابق للأمن القومي البريطاني، إضافة إلى ثلاثة قضاة سابقين في المحكمة العليا ومئات المحامين.

المصدر: Middle East Eye

اقرأ أيضاً :

• هل ينجح الحراك النيابي في بريطانيا بإيقاف تصدير الأسلحة للإحتلال؟
• رفع دعوى قضائية ضد حكومة بريطانيا لتصديرها الأسلحة إلى إسرائيل
• لماذا يصر سوناك على تصدير السلاح لإسرائيل رغم المشورة القانونية؟

• #الطيران المسير
• #تصدير السلاح
• #عمال الإغاثة
• #قطاع غزة
• #محرك الطائرة