العرب في بريطانيا | عراقي يقاضي شركة بريتيش بتروليوم بسبب وفاة ابنه...

1445 ذو القعدة 11 | 19 مايو 2024

عراقي يقاضي شركة بريتيش بتروليوم بسبب وفاة ابنه

IMG-20240424-WA0010
فريق التحرير April 24, 2024

في سابقة قانونية يواجه العراقي حسين جلود، عملاق النفط البريطاني بريتيش بتروليوم (BP)، مطالبًا بتعويض عن وفاة ابنه البالغ من العمر واحد وعشرين عامًا. يدعي جلود أن ممارسات حرق الغاز، التي تُجرى في أحد حقول النفط التي تديرها BP في العراق، قد تسببت في إصابة ابنه علي بمرض اللوكيميا.

وفقًا لتحقيق أجرته خدمة بي بي سي العالمية في عام 2022، كشفت النتائج عن وجود مستويات مرتفعة من الملوثات السرطانية في قرية علي التي تقع ضمن حدود الحقل النفطي، وهي ناتجة عن عمليات الحرق.

يُعتبر هذا الطلب للتعويض غير مسبوق، إذ يُعد جلود أول شخص يقاضي شركة نفطية كبرى بسبب ممارساتها المتعلقة بالحرق.

تحقيقات البي بي سي في حرق الغاز في العراق

الوثيقة الادعائية التي اطلعت عليها بي بي سي تزعم أن اللوكيميا التي أصيب بها علي وأدت إلى وفاته كانت نتيجة “الانبعاثات السامة من حقل الرميلة النفطي”، وأن شركة BP تتحمل جزءًا من المسؤولية كمقاول رئيس.

ويطالب جلود بتعويض يشمل تكاليف العلاج الطبي لابنه، بما في ذلك العلاج الكيميائي في الخارج وعمليات زرع النخاع العظمي، بالإضافة إلى فقدان الأرباح، وتكاليف الجنازة، و”الخسارة المعنوية” لابنه.

في حديثه مع بي بي سي، عبر حسين جلود عن أمله في أن تأخذ BP بعين الاعتبار معاناته قائلًا: “لست أمثل نفسي فحسب، بل أمثل أيضًا أولئك الفقراء الذين يعيشون هنا ويعانون من التلوث”.

وأضاف وسيم جزراوي، الشريك في شركة هاوسفيلد & كو للمحاماة التي تمثل جلود، أن هذه القضية تُمثل مثالًا مهمًا على التقاضي البيئي الذي يسعى للحصول على تعويضات عن الانبعاثات الضارة من قبل الشركات الكبرى المنتجة للكربون، مشيرًا إلى أن هذه الشركات غالبًا ما تتمتع بالحصانة من المحاسبة على ممارساتها البيئية الضارة، خاصة في الجنوب العالمي.

ما هو حرق الغاز ولماذا يعد مشكلة؟

حرق الغاز هو إجراء يُحرق فيه الغاز الطبيعي المنبعث خلال استخراج النفط، وهو يشكل خطورة بالغة على الصحة العامة نظرًا لاحتوائه على مزيج من المواد الكيميائية المسرطنة مثل البنزين. حقل الرميلة النفطي، حسبما ورد، يسجل أعلى مستويات الحرق في العالم وفقًا لتحليل بي بي سي لبيانات البنك الدولي.

وقد أكد حسين جلود أن أهم أهداف دعواه القضائية هو إيقاف الحرق المتكرر في حقل الرميلة لمنع تحمل المزيد من العائلات تبعات هذه الممارسات الضارة.

توفي علي جلود في العام الماضي بعد صراع دام ست سنوات مع مرض اللوكيميا الذي بدأ عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا. خلال مرضه، خضع لعلاجات مكثفة شملت دورات متعددة من العلاج الكيميائي والإشعاعي، وزراعة نخاع عظمي.

وقد أدى المرض إلى منعه من مواصلة حياته الطبيعية والعودة إلى المدرسة، رغم تأكيد شفائه مؤقتًا في عام 2021، حيث كان قد بدأ بتشغيل متجر للهواتف المحمولة محليًا.

على الرغم من إعلان شفائه، عاد السرطان لجسد علي بعد عام، وسعى والده جاهدًا لجمع الأموال لإرساله إلى الهند لتلقي علاج تجريبي، لكنه توفي في 21 أبريل من العام الماضي قبل أن يتمكن من السفر.

في تصريحاته لبي بي سي، وصف حسين جلود العام بأنه كان “عامًا مؤلمًا للغاية للعائلة”، مضيفًا أن “علي كان شخصًا لا يُنسى، وقد كان بمثابة عمودي الفقري، حيث أعتمد عليه في عملي وحياتي وكل شيء في المنزل. لقد طغى الحزن على أيامنا كلها عقب وفاته”.

في عام 2021، وثّق علي حياته ضمن حدود حقل الرميلة النفطي كجزء من تحقيق أجرته بي بي سي العربية بشأن الحرق، والذي كشفت نتائجه عن مستويات عالية من التعرض للبنزين وغيره من المواد المسرطنة، ما يشير إلى أن السكان المحليين يواجهون خطرًا متزايدًا يتمثل بالإصابة باللوكيميا نتيجة لعمليات الحرق المستمرة.

تملك الحكومة العراقية حقل الرميلة النفطي، لكن شركة بريتيش بتروليوم (BP) هي المقاول الرئيس لإدارة الموقع بالتعاون مع شريكتها بتروتشاينا ضمن تحالف يُعرف بمنظمة تشغيل الرميلة (ROO). وفقًا للمعايير التشغيلية لـROO، التي وافقت عليها BP، فإن “الأشخاص الذين تتأثر صحتهم بمستويات التلوث التي تتجاوز الحدود القانونية يحق لهم الحصول على تعويضات.”

يكشف التحليل الذي أجرته بي بي سي لبيانات البنك الدولي أن حصة بي بي من انبعاثات الحرق في حقل الرميلة، استنادًا إلى نسبتها في الشركة التشغيلية التي تبلغ 47.6٪، كانت 3.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ في عام 2021، وهو ما يعادل انبعاثات أكثر من مليوني سيارة في المملكة المتحدة سنويًا.

على الرغم من أن النشاطات تجري في العراق، إلا أن السيد جلود يستطيع تقديم الدعوى في المحاكم البريطانية نظرًا لأن المقر الرئيس لشركة BP يقع في المملكة المتحدة.

ردًا على طلب تعليق من بي بي سي، قالت BP: “كما أشرنا سابقًا، BP لم تكن أبدًا المشغل لحقل الرميلة، ومع ذلك، نواصل دعم المقاول الرئيس، شركة الطاقة البصرية المحدودة (BECL)، في عملها لمساعدة مشغل الحقل، منظمة تشغيل الرميلة (ROO)، لتقليل الحرق والانبعاثات.”

وعود زائفة 

العام الماضي، بعد بث الوثائقي من بي بي سي وبعد أسبوع فقط من وفاة علي، توجه حسين جلود إلى مجلس إدارة BP في الاجتماع السنوي للشركة وطلب منهم إيقاف عمليات الحرق. وقد أقر برنارد لوني، الرئيس التنفيذي للشركة في ذلك الوقت، أن الحرق كان مشكلة في الموقع وأن منظمة تشغيل الرميلة كانت تسعى لتقليله.

بالنسبة للتأثيرات الصحية، صرح برنارد لوني أن BP تواصل التعامل مع ممثلي المجتمع المحلي كما يُتوقع، وأكد أن منظمة تشغيل الرميلة تُعطي الأولوية للرفاهية الاجتماعية وتدعم مبادرات صحة المجتمع.

ومع ذلك، منذ ذلك الوقت، أشار حسين جلود إلى أنه شاهد الحرق والدخان الأسود يتصاعدان بشكل شبه يومي. وقال: “إنها وعود زائفة فقط. لا تحسن. البيئة ملوثة بطريقة لا يمكنك التنفس فيها”، مُعبرًا عن خيبة أمله لبي بي سي.

كما أشار السيد جلود إلى وقوع أربع أو خمس وفيات محلية بسبب السرطان منذ وفاة ابنه علي، بما في ذلك وفاة صبي صغير في الشهر الماضي.

محامو السيد جلود يقولون إن بي بي يمكنها الدخول في مفاوضات بشأن التعويض أو يمكنها دحض الادعاء، ما سيدفع حسين جلود لإصدار دعوى قضائية، وقد يُنظر في القضية أمام القضاة في المملكة المتحدة.

هذه الدعوى تمثل نقطة تحول محتملة في النزاعات القانونية المتعلقة بالبيئة والصحة، حيث يسعى الأفراد المتضررون للحصول على العدالة ضد الشركات الكبرى التي يُنظر إليها على أنها تخل بالمعايير البيئية في سعيها للربح.

 

المصدر: بي بي سي


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.