ضغوط صهيونية حتى تحذف بي بي سي وثائقي غزة.. فهل ترضخ؟

تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ضغوطًا صهيونية متزايدة لسحب فيلم وثائقي عن أطفال غزة، بعد الكشف عن أن الراوي الرئيسي للفيلم، وهو فتى يبلغ من العمر 13 عامًا، هو نجل مسؤول في الحكومة التي تديرها حركة حماس. وأثار الوثائقي، الذي يحمل عنوان: “غزة: كيف تنجو في منطقة حرب”، جدلًا واسع النطاق في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية، في ظل انتقادات حادة من مسؤولين إسرائيليين وصحفيين بريطانيين بارزين.
ضغوط صهيونية على “بي بي سي”
وتصاعدت حدّة الجدل بعد أن قدّمت السفيرة الإسرائيلية في لندن شكوى رسمية إلى “بي بي سي”، في حين أعلنت وزيرة الثقافة البريطانية، ليزا ناندي، أنها ستناقش القضية مع الهيئة. كما وجّه 45 صحفيًّا وإعلاميًّا يهوديًّا بارزًا، من بينهم المديرة السابقة لـ”بي بي سي” روث دييتش، رسالة إلى الشبكة يطالبون فيها بسحب الفيلم من منصتها الرقمية (iPlayer).
وتركزت الانتقادات على تقرير نشره الباحث ديفيد كولير، كشف فيه أن الراوي، الطفل عبد الله، هو ابن الدكتور أيمن اليازوري، الذي شغل منصب نائب وزير الزراعة في حكومة غزة. وسائل إعلام بريطانية وصفت اليازوري بأنه “قيادي في حماس”، في حين ذهب بعض المنتقدين إلى تسميته “زعيمًا إرهابيًّا”.
من هو أيمن اليازوري؟
وكشف موقع “ميدل إيست آي” عن تفاصيل جديدة لخلفية اليازوري، تشير إلى أنه شخصية تكنوقراطية ذات خلفية علمية، وليس شخصية سياسية بارزة في حماس.
ووفقًا لسيرته الذاتية، عمل اليازوري بين عامَي 1995 و2003 مدرسَ كيمياء في إحدى المدارس الثانوية في دبي، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في الكيمياء التحليلية من جامعة أنجليا روسكين في كامبريدج عام 2004، ثم أكمل الدكتوراه في الكيمياء البيئية التحليلية من جامعة هاديرسفيلد عام 2010.
وبين عامَي 2003 و2011، عمل متخصصًا في وزارة التعليم الإماراتية، حيث كان مسؤولًا عن تصميم المناهج الدراسية وتحرير المواد العلمية. وفي 2011، تولى منصب وكيل مساعد في وزارة التعليم بغزة، قبل أن يُعيَّن نائبًا لوزير الزراعة في يوليو 2021، حيث يشرف على الأنشطة الزراعية، ويشمل ذلك زراعة المحاصيل والثروة الحيوانية وصيد الأسماك.
“بي بي سي” تعتذر وتواجه ضغوطًا متزايدة
وتعرّضت هيئة الإذاعة البريطانية لانتقادات شديدة؛ بسبب عدم الكشف المسبق عن صلة راوي الوثائقي بوزير في حكومة غزة. وقال داني كوهين، المدير السابق لقسم التلفزيون في “بي بي سي”، لصحيفة ديلي ميل: “يبدو أن بي بي سي خصّصت ساعة من وقت الذروة لنجل قيادي بارز في حركة حماس… إما أنهم لم يُجروا تدقيقات صحفية أساسية، وإما أنهم كانوا على علم بذلك وخدعوا الجمهور”.
وردًّا على الضغوط، أضافت “بي بي سي” توضيحًا إلى وصف الفيلم على منصتها الرقمية، جاء فيه: “راوي هذا الفيلم هو عبد الله، فتى يبلغ من العمر 13 عامًا. والده يشغل منصب نائب وزير الزراعة في حكومة غزة التي تديرها حماس. وقد كانت لفريق الإنتاج سيطرة تحريرية كاملة على عملية التصوير”.
هل تأثرت الرواية؟
ورغم تصنيف حماس “منظمة إرهابية” في بريطانيا، لا توجد أدلة على أن الطفل عبد الله عضو في الحركة، أو أن روايته تأثرت بوالده.
عبد الله قال إنه أراد المشاركة في الوثائقي “لتوضيح المعاناة التي يشهدها سكان غزة بلغة يفهمها العالم، وهي الإنجليزية”.
وأشار معلّقون إلى أن الصحافة البريطانية سبق أن أجرت مقابلات مع شخصيات من جماعات محظورة، مثل لقاء البودكاست الشهير بين السياسيين البريطانيين السابقين ألاستير كامبل وروري ستيوارت مع أحمد الشرع، زعيم جماعة هيئة تحرير الشام المصنفة “إرهابية”.
اختبار صعب لبي بي سي
ويرى منتقدو الحملة ضد الوثائقي أنها جزء من محاولات تضييق الخناق على التغطية الإعلامية للوضع في غزة. وقال المخرج والصحفي ريتشارد ساندرز، الذي أنتج عدة أفلام وثائقية عن غزة لمصلحة شبكة الجزيرة خلال الحرب الأخيرة: إن “الهجوم على وثائقي بي بي سي كان متوقعًا”، مشيرًا إلى أن “حماس عنصر أساسي في الحياة الفلسطينية، فهي الحكومة المنتخبة في غزة”.
وأضاف: “استبعاد أي شخص على صلة بها يعني إسكات الفلسطينيين، وهو بالطبع الهدف من هذا الجدل”.
ووصف ساندرز القضية بأنها “اختبار كبير” لبي بي سي، قائلًا: “إذا لم تدعم الهيئة صُنّاع الفيلم، فستبعث برسالة كارثية عن استقلالية الصحافة”.
وفي ظل هذا الجدل المحتدم، يبقى السؤال: هل ستتمكن بي بي سي من الصمود أمام الضغوط السياسية والإعلامية، أم ستضطر إلى سحب الوثائقي من منصاتها؟
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇