ضرائب قد ترتفع في ميزانية وزارة المالية البريطانية الأسبوع المقبل
تتجه الأنظار في بريطانيا نحو الميزانية الخريفية التي ستعلنها المستشارة راشيل ريفز (Rachel Reeves) أمام مجلس العموم يوم الأربعاء المقبل، في ظل تكهنات واسعة حول احتمال رفع الضرائب لتعويض العجز المتفاقم في المالية العامة.
ومن المقرر أن يُقدَّم البيان في الساعة 12:30 ظهرًا عقب جلسة أسئلة رئيس الوزراء، على أن يستمر لنحو ساعة، ويعقب ذلك ردّ مباشر من كيمي بادنوك (Kemi Badenoch)، زعيمة المعارضة.
بعد الإعلان، ستسعى الحكومة لإقرار مشروع قانون مالي (Finance Bill) يُفعَّل بعد نيل الموافقة الملكية، فيما تدخل معظم التغييرات عادةً حيز التنفيذ مع بداية السنة الضريبية في أبريل.
أهداف مالية صارمة تفرض خيارات صعبة

تسعى المستشارة راشيل ريفز لتحقيق هدفين أساسيين عدّتهما “غير قابلين للتفاوض”:
- عدم الاقتراض لتمويل النفقات اليومية قبل نهاية هذا البرلمان.
- خفض الدين العام كنسبة من الدخل القومي في الفترة ذاتها.
لكن معهد الدراسات المالية (Institute for Fiscal Studies – IFS) يرى أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب “تشديدًا” ماليًا يصل إلى 22 مليار باوند، في حين تشير وزارة المالية إلى أن الهامش المالي المتاح حاليًا أصغر من المطلوب، ما يدفع إلى خيارات ضريبية غير مريحة.
وتؤكد ريفز أنها ترفض العودة لسياسات التقشف، فيما يتزايد الدين العام، ما يجعل رفع الضرائب الخيار الأكثر واقعية أمام الحكومة.
هل ستُرفع الضرائب؟ مؤشرات قوية على ذلك
يرجّح معهد الدراسات المالية (IFS) أن المستشارة ستضطر “تقريبًا بشكل مؤكد” إلى رفع الضرائب، خصوصًا بعدما شددت ريفز خلال لقاءات دولية — من بينها اجتماع مع رجال أعمال في السعودية — على ضرورة توفير “هامش أمان مالي كافٍ” لمواجهة أي صدمات اقتصادية مستقبلية.
وتشير هذه التصريحات إلى أن الهامش الذي حققته في ميزانية العام الماضي، والبالغ 9.9 مليار باوند، غير كافٍ، مما يزيد احتمالات زيادات ضريبية واسعة.
تغييرات متوقعة في ضرائب العقارات

تشير التوقعات إلى أن قطاع العقارات سيكون الأكثر تأثرًا، خاصة مع استبعاد الحكومة رفع ضريبة الدخل والتأمين الوطني وضريبة القيمة المضافة.
أبرز ما يتم تداوله:
- استبدال ضريبة الدمغة بضريبة عقارية جديدة.
- فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية (Capital Gains Tax – CGT) على المنازل عالية القيمة، رغم وعود رئيس الوزراء كير ستارمر (Keir Starmer) السابقة بعدم تطبيقها على المنازل الأساسية.
- إمكانية تطبيق ضريبة القصور (Mansion Tax) التي قد تجمع 600 مليون باوند وتطال نحو 1.3 مليون أسرة.
- احتمال إلزام المالكين (landlords) بدفع التأمين الوطني إذا كان التأجير عملهم الرئيسي أو يمتلكون عدة عقارات.
وتزداد حساسية هذا الملف بعد انتقادات طالت المستشارة لعدم حصولها على ترخيص تأجير منزلها العائلي سابقًا.
ضريبة الدخل والتأمين الوطني والقيمة المضافة: هل يكسر حزب العمال وعوده؟
الوعد الانتخابي لحزب العمال بعدم رفع هذه الضرائب الثلاث أصبح محل تساؤل، خصوصًا أنها تمثل أكبر مصدر دخل للمالية.
- ريفز قالت إنها تعمل لإبقاء الضرائب على “العاملين” منخفضة قدر الإمكان.
- كير ستارمر تجنّب مؤخرًا نفي احتمال رفعها عند استجوابه في البرلمان.
- ظهرت تكهنات بزيادة 2 بنس في ضريبة الدخل مقابل خفض مماثل في التأمين الوطني، لكن صحيفة فاينانشال تايمز (Financial Times) أشارت إلى تراجع ريفز عن الفكرة، مع تثبيت ضريبة الدخل لعامين مدفوعة بتوقعات اقتصادية أفضل من مكتب مسؤولية الميزانية (Office for Budget Responsibility – OBR).
ضرائب التقاعد: إصلاحات جديدة محتملة

تتداول مصادر حكومية خططًا لخفض نسبة الـ 25٪ من السحب المعفى من الضرائب من صناديق التقاعد عند بلوغ 55 عامًا — وهو تغيير كان متوقعًا العام الماضي ولم يُنفّذ.
كما يجري بحث:
- وضع حد أقصى قدره 2,000 باوند للمساهمات غير الخاضعة للتأمين الوطني ضمن نظام “التضحية بالراتب”.
- هذا الإجراء قد يجمع 2 مليار باوند وفقًا لتقارير صحيفة ذا تايمز (The Times).
تعديلات على ضريبة الميراث
تشمل التغييرات الموضوعة سابقًا والمحتمل توسيعها:
- فرض ضريبة الميراث على الأصول الزراعية بدءًا من أبريل 2026.
- إضافة القيمة غير المستخدمة من صناديق التقاعد إلى التركة الضريبية بدءًا من أبريل 2027.
الضرائب على السيارات الكهربائية: تعويض خسائر “ضريبة الوقود”
مع قرب انتهاء بيع سيارات البنزين والديزل بحلول 2030، تواجه الخزانة خطر فقدان 24.4 مليار باوند من ضريبة الوقود.
تقرير صحيفة ديلي تلغراف (The Daily Telegraph) كشف احتمال:
- فرض ضريبة لكل ميل على السيارات الكهربائية.
وتقول الحكومة إن الهدف هو “نظام أكثر عدلًا”، مع استمرار الدعم لشراء السيارات الكهربائية وتطوير شبكة الشحن.
ضريبة الثروة: مطالب تتزايد ولكن دون توافق حزبي

هناك دعوات لفرض ضريبة على أصحاب الثروات الكبيرة، بما في ذلك مجموعة Patriotic Millionaires UK، لكن المستشارة راشيل ريفز أكدت أن بريطانيا “لا تحتاج إلى ضريبة ثروة مستقلة”.
إجراءات محتملة لتخفيف أزمة تكلفة المعيشة
أكدت ريفز أنها ستتخذ خطوات “موجّهة” للتعامل مع ضغوط المعيشة المتزايدة، وسط استمرار التضخم في مستويات مرتفعة.
أبرز المقترحات:
- خفض ضريبة القيمة المضافة على فواتير الطاقة.
- إلغاء حد الطفلين في إعانات Universal Credit.
- ضمان وظائف للشباب العاطلين لأكثر من 18 شهرًا، مع إيقاف الإعانات لمن يرفض الوظيفة.
- توضيح تخصيص 2.2 مليار باوند للدفاع في خطة الإنفاق.
تأثيرات سياسية واسعة على حزب العمال
تأتي الميزانية في وقت حساس سياسيًا واقتصاديًا:
- احتمال كسر الوعود الانتخابية سيؤثر في الثقة مع الناخبين.
- عدم زيادة الإيرادات قد يؤدي لخفض الإنفاق على الخدمات العامة.
- ضغوط داخلية متزايدة على كير ستارمر مع دعوات لتعويضه بشخصيات مثل آندي برنهام (Andy Burnham)، عمدة مانشستر.
- استطلاع YouGov يظهر أن 79٪ من البريطانيين يرون الاقتصاد في “حالة سيئة”، و77٪ يعتبرون أداء الحكومة “ضعيفًا”.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن الميزانية المقبلة تشكل اختبارًا حاسمًا لحكومة حزب العمال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتوترة.
وترى المنصة أن أي توجه لرفع الضرائب يجب أن يتم بحذر شديد، خصوصًا الضرائب المتعلقة بالعقارات أو الدخل، لتجنّب زيادة العبء على الأسر العاملة التي تواجه بالفعل ضغوطًا معيشية كبيرة.
وترى المنصة أن تعزيز الشفافية، والالتزام بالوعود قدر الإمكان، يعدّان عنصرين أساسيين لاستعادة الثقة وتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي والسياسي في بريطانيا.
المصدر: مترو
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
