نحن في بريطانيا ولسنا في أمريكا… وعليه لدينا قوانين أفضل
بصفتي محاميًا عربيًا ممارسًا منذ سنوات طويلة، ورئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا، تابعت ما أُثير من قلق حول توقيف واستدعاء عدد من النشطاء الفلسطينيين البريطانيين في المنافذ الحدودية. وأتفهم تمامًا أن هذه الإجراءات مزعجة ومقلقة، لكنها لا تخرج عن إطار قانوني واضح، ولا علاقة لها بأصل الأشخاص أو بمواقفهم السياسية.
نعم، هناك مضايقات واستدعاءات، لكن علينا ألا نبالغ في رد الفعل أو نخلط بين الشعور المشروع بالقلق وبين الحقيقة القانونية. السلطات البريطانية تتصرف ضمن ما يسمح به القانون، وكل جلسات الاستجواب تُسجَّل صوتًا وصورة، وهذا في حد ذاته ضمان لحقوق المواطن كما هو ضمان لسلوك الشرطة.
حملة تخويف… لا سند قانوني لها
لقد بات من الواضح أن الحكومة البريطانية واقعة تحت تأثير وضغوط اللوبي الصهيوني، خاصة بعد فشلها في كبح التضامن الشعبي المتنامي مع فلسطين، والذي لم يقتصر على العرب والمسلمين، بل شمل قطاعات واسعة من المجتمع البريطاني. ومن هنا بدأت بعض الجهات الرسمية باللجوء إلى أساليب التخويف، كاستدعاء المتظاهرين للتحقيق أو الإيحاء بأنهم ربما ارتكبوا مخالفة قانونية، رغم أن هذه المزاعم في كثير من الأحيان لا تستند إلى نص قانوني واضح.
هذه الاستدعاءات طالت شخصيات عامة وعادية، بمن فيهم النائب جيرمي كوربن، وعدد من قادة الحراك التضامني، وآخرهم الناشطة رغد التكريتي.
رفع العلم الفلسطيني ليس جريمة
وهنا أؤكد: رفع العلم الفلسطيني، أو ترديد شعارات مثل “من البحر إلى النهر”، لا يُعدّ جريمة في بريطانيا. ما قيل من بعض الوزراء السابقين كان مجرد محاولات للترهيب، ولم يُبْنَ عليها أي إجراء قانوني فعلي.
الصدمة الموروثة من بلاد القمع
من المهم أن نفهم أن بعض ردود الفعل المبالغ فيها تعود إلى ما نحمله معنا من تجارب مريرة في بلدان لا تُحترم فيها كرامة الإنسان، حيث يعني استدعاء الشرطة الإهانة أو حتى الخطر على الحياة. في بريطانيا، الوضع مختلف تمامًا، وهناك منظومة قانونية تحمي الأفراد، لكن البعض ينقل هذه النظرة المتوجسة إلى الواقع البريطاني دون وعي، بل ويورّثها لأبنائه.
لسنا في أمريكا… ولا في جمهوريات الخوف
أسمع من البعض مقارنات بين ما يحدث في بريطانيا وما تفعله الولايات المتحدة من سحب للإقامات واحتجازات تعسفية. لكن في رأيي، هذا تخوّف لا أساس له في الواقع. في بريطانيا، لا يملك لا الملك ولا رئيس الوزراء صلاحيات لتجاوز القانون. القضاء هنا من بين الأنظمة القضائية الأكثر نزاهة واستقلالية في العالم. ولهذا، لا يجوز لنا أن نقيس على ما يحدث في أمريكا أو في جمهوريات الخوف العربية.
رسالة للمجتمع العربي في بريطانيا
رسالتي إلى الجالية العربية في بريطانيا واضحة:
- أي إجراء من الشرطة يتم وفق أحكام القانون.
- الاستدعاء أو الاحتجاز المؤقت في المطارات (الذي لا يتجاوز عادة أربع ساعات) لا يشكّل تهديدًا حقيقيًا، بل مجرد إزعاج لا يترتب عليه ضرر قانوني ما لم تُرتكب مخالفة فعلية.
- من حق الجميع التظاهر والتعبير عن الرأي بحرية، ما دام ذلك لا يخالف القانون.
- كل من يحمل الجنسية البريطانية يتمتع بحماية القانون، بغض النظر عن أصله أو ديانته أو موقفه السياسي.
- من المحزن أن بعض العرب لا يزالون لا يصدقون أنهم متساوون في الحقوق مع أي مواطن بريطاني آخر.
- علينا أن نواصل الضغط السلمي والقانوني على حكومتنا، التي نمولها من ضرائبنا، كي تتوقف عن دعم جرائم الإبادة المرتكبة بحق شعبنا في فلسطين، حتى لو سكت عنها العالم.
تعرفوا أكثر إلى الأستاذ صباح المختار:
___________________________________________________________________________________
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة