شركات بريطانية تقلّص أعداد موظفيها بأسرع وتيرة منذ فبراير 2025
أظهر مسح اقتصادي جديد أن الشركات البريطانية تقوم بتسريح الموظفين بأسرع وتيرة منذ شهر فبراير، وذلك في ظل ضغوط ضريبية متزايدة، وتباطؤ اقتصادي، وغموض عالمي ناتج عن تهديدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية.
وبحسب تقرير مؤشر مديري المشتريات PMI الصادر عن مؤسسة S&P Global لشهر يوليو، سجّل الاقتصاد انخفاضًا في الطلبات الجديدة، ما أثّر سلبًا على الوظائف، وأبطأ وتيرة النمو في قطاعات التصنيع والخدمات.
وجاء في التقرير: “أشار العديد من المشاركين إلى الحاجة لتقليص عدد الموظفين بسبب ارتفاع تكاليف الأجور وتراجع الطلب من العملاء.”
أرقام مقلقة قبل قرار الفائدة القادم
يضع هذا التباطؤ بنك إنجلترا أمام معضلة اقتصادية معقّدة، خاصة أن التضخم لا يزال أعلى من الهدف الرسمي البالغ 2%. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى إمكانية خفض سعر الفائدة من 4.25% إلى 4% خلال الأسبوعين المقبلين، في محاولة لتحفيز الاقتصاد المتعثر.
وتُظهر التقديرات الرسمية الأخيرة أن الاقتصاد البريطاني انكمش في شهري أبريل ومايو، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 4.7% في مايو، وهو أعلى مستوى منذ أربع سنوات. كما تباطأ نمو الأجور للشهر الثالث على التوالي، وقلّص أرباب العمل من وتيرة التوظيف.
رغم تباطؤ النمو، لا تزال نسبة التضخم عند 3.4%، ما يشكّل تحديًا إضافيًا لصناع القرار. وقال الخبير الاقتصادي في بنك ING، جيمس سميث، إن بيانات يوليو “تجسّد تمامًا الصداع الذي يواجهه بنك إنجلترا حاليًا”.
وأوضح سميث أن “ارتفاع الضرائب على الرواتب، والزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور في أبريل، يُمارسان ضغوطًا نزولية على الوظائف، لكنهما في الوقت نفسه يُبقيان الأسعار مرتفعة، خصوصًا في قطاعي الأغذية والضيافة.”
قطاع الخدمات يتباطأ والصادرات تنخفض
أشار التقرير إلى أن قطاع الخدمات شهد تراجعًا كبيرًا، حيث انخفض المؤشر من 52.8 إلى 51.2، بينما بقي النشاط الصناعي شبه مستقر عند 50، وهو الحد الفاصل بين النمو والانكماش.
كما سجّلت المبيعات التصديرية انخفاضًا للشهر التاسع على التوالي، لكن بوتيرة أضعف مقارنة بالأشهر الماضية. وعزت الشركات هذا التراجع إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية الأمريكية، والمنافسة المتزايدة من الشركات الصينية المحرومة من الوصول إلى السوق الأمريكية.
تفاؤل حذر للمستقبل
رغم هذه التحديات، عبّر عدد من الشركات عن تفاؤل حذر حيال العام المقبل، متوقعةً تحسّن الظروف الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار الفائدة. وأشارت التوقعات إلى احتمال تعافي إنفاق الأسر بعد فترة من الادخار، مما قد ينعش الطلب المحلي.
وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى S&P Global Market Intelligence، كريس ويليامسون، إن الاقتصاد البريطاني يواجه صعوبة في النمو خلال النصف الثاني من العام، مشيرًا إلى أن معدل النمو ربع السنوي الحالي لا يتجاوز 0.1% فقط، مع مخاطر كبيرة تميل نحو الاتجاه السلبي في الأشهر المقبلة.
تُظهر هذه الأرقام واقعًا اقتصاديًا هشًّا تعيشه بريطانيا، حيث تتقاطع الضغوط العالمية مع قرارات محلية تزيد من العبء على العاملين والأسر. في ظل التضخم، والركود، وتقلّص فرص العمل، تبدو الحاجة ماسّة إلى سياسات اقتصادية أكثر توازنًا وعدالة، تعيد الاعتبار لحماية الوظائف ودعم الطبقات المتوسطة والمحدودة الدخل.
في منصة العرب في بريطانيا، نرى أن دعم الاقتصاد لا يجب أن يمرّ فقط عبر خفض الفائدة أو تقديم التسهيلات للشركات، بل يجب أن يترافق مع استراتيجيات طويلة الأمد تُعيد الثقة للعامل البريطاني، وتوفّر شبكة أمان اجتماعي حقيقية قادرة على مواجهة العواصف القادمة.
المصدر الغارديان
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇