قيود جديدة تفرضها حكومة سوناك على التخصصات غير المرغوبة بسوق العمل
فرضت حكومة سوناك قيودًا جديدة؛ للحدد من عدد الطلاب الملتحقين بالتخصصات الجامعية غير المرغوب بها في سوق العمل، ما قد يؤثر في التحصيل الجامعي للطلاب المنحدرين من الطبقة العاملة، إلى جانب الطلاب من أصحاب البشرة السوداء والآسيويين وغيرهم من الأقليات في بريطانيا.
وقد أعلن ريشي سوناك يوم الإثنين خفض أعداد الطلاب في بعض الصفوف الدراسية التي لا يحظى خريجوها بفرص عمل في اختصاصاتهم، وتلك التي لا يتابع خريجوها الدراسات العليا.
وجاءت قرارات سوناك استجابة من الحكومة للمراجعة التي أجراها فيليب أوغار علمًا أنه المدير السابق لهيئة مراجعة سياسات التمويل للمراحل الدراسية الخاصة بالطلاب الذين تزيد أعمارهم على 18 عامًا، وذلك خلال فترة حكم رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي عام 2017.
سياسات جامعية جديدة تركز على سوق العمل
وقد تضمنت الإجراءات الحكومية الجديدة تعديلات على نظام قروض الطلاب في إنجلترا، وزادت نسبة القروض التي يسددها الخريجون، عبر خفض الحد الأعلى للأجور التي يُطلَب من أصحابها سداد قروضهم الدراسية، وستمدد فترة سداد قروض الدراسة من 30 إلى 40 عامًا.
لكن التغييرات الجديدة قد لا تؤدي إلى تحسين ميزانيات الجامعات الإنجليزية، التي أبقت رسوم الدراسة عند 9.250 باوند منذ عام 2017، ولا سيما أن التضخم أدى إلى خفض قيمة الرسوم الدراسية بمقدار الثلث.
وحذر بعض المستشارين في الحكومة من أن هذه الإجراءات قد تثني الطلاب عن التسجيل في بعض الصفوف الجامعية؛ خوفًا من عدم توفر فرص العمل المناسبة بعد التخرج، ما قد يكلف هذه المؤسسات خسائر كبيرة.
ومن المستبعد أن تؤثر الإجراءات الحكومية الجديدة في معظم الصفوف التي تنظمها جامعات (Oxbridge) و(Russell Group)، التي يميل طلابها إلى الالتحاق بالوظائف التي تتطلب مهارات خاصة، ويحصلون على أجور أعلى من المتوسط.
وانتقد بعض الناس قرار الحكومة البريطانية بالحد من عدد الطلاب في صفوف دراسية معينة، زاعمين أن هذا القرار من شأنه التأثير في الجامعات والصفوف الدراسية التي تضم نسبة كبيرة من الطلاب المنحدرين من الطبقة العاملة، وغيرهم من الطلاب الذين يعانون لتمويل دراستهم ولا يحظون بدعم من أسرهم وهم الأكثر عرضة لترك هذه الصفوف.
وفي هذا السياق قال مسؤول في إحدى الجامعات البريطانية: “إن الإجراءات الجديدة للحكومة البريطانية قد تكون بمثابة تحذير للطلاب من الالتحاق بالتخصصات الجامعية غير المرغوب بها، كما أن العديد من الجامعات قد تعيد النظر في قبول الطلاب الذين لا يُظهِرون رغبة في المنافسة على الوظائف المهمة”.
إضافة إلى أن تركيز الحكومة على اختيار التخصصات الجامعية بناء على توفر فرص العمل بعد التخرج، والحصول على أعلى الرواتب قد يحرم الطلاب المنحدرين من الأقليات العرقية من إكمال مشوارهم الأكاديمي والاستفادة من شهادتهم العلمية.
وأكدت مصادر في القطاع الجامعي أن الحد من عدد الطلاب في التخصصات الجامعية غير المرغوب بها في سوق العمل، سيُلحِق ضررًا كبيرًا بالصفوف الدراسية التي يلتحق بها الطلاب الفقراء أو ذوو الاحتياجات الخاصة.
ومع أن الحكومة تساهلت في تطبيق الحد الأدنى من متطلبات القبول الجامعي للطلاب، فإنها تفرض حدًّا أدنى من المتطلبات الأكاديمية التي يجب توفرها ليحصل الطلاب على قروض الدراسة، ما سيمكن الحكومة من التحكم بأعداد الطلاب. ووُصِفَت هذه المتطلبات بأنها غير عملية وأنها بحاجة إلى بعض التعديلات.
المعارضة البريطانية تنتقد القواعد الجديدة لحكومة سوناك
يُشار إلى أن الإجراءات الجديدة ستحد من عدد طلاب الجامعات للمرة الأولى بعد أن ألغت الحكومة البريطانية الحد الأقصى لعدد طلاب الجامعات عام2015، ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد المتقدمين لبعض الجامعات.
وبهذا الصدد ندد سياسيون معارضون بالإجراءات الحكومية الجديدة، وقال المتحدث باسم حزب العمال: “بعد 13 عامًا من التعليم الفاشل، يضع رئيس الوزراء وحكومته مزيدًا من العوائق أمام الطلاب، بدلًا من رفع معايير التعليم وتحسين مخرجات العملية التعليمية!”.
“أرى أن الفرق واضح للغاية بين سياسات حزب المحافظين وحزب العمال؛ فبينما يطالب حزب العمال بعدم الحد من عدد الطلاب في الجامعات، يعمل المحافظون على تكريس هذه السياسة!”.
وقالت منيرة ويلسون المتحدثة باسم دائرة شؤون التعليم في حزب الديمقراطيين الأحرار: “لقد نفدت الحلول من جعبة رئيس الوزراء، وها هو يُعلِن سياسة جديدة سبق أن تراجع عنها المحافظون مرتين!”.
“إن الجامعات تعارض مثل هذه القرارات التي تثني الطلاب القادمين من خلفيات فقيرة عن تحقيق أحلامهم ومواصلة مشوارهم الأكاديمي”.
هذا وسيعتمد الحد الأقصى لعدد طلاب الجامعات في عام 2024-2025 على المعايير التي تضعها هيئة تنظيم التعليم العالي في بريطانيا. وبحسَب مكتب الطلاب في بريطانيا فإن تحديد سقف عدد الطلاب في بعض التخصصات الجامعية يعتمد حاليًّا على مجموعة عوامل، منها: معدل النجاح ونسبة الطلاب الذين ينتقلون إلى مرحلة الدراسات العليا، أو الذين يحظون بوظائف بعد التخرج.
ويمكن لمكتب الطلاب أن يعاقب الصفوف الدراسية التي لا يستطيع 60 في المئة من طلابها على الأقل أن يتابعوا الدراسات العليا أو يعثروا على وظيفة، أو يحققوا أي مكسب مرتبط بدراستهم خلال 15 شهرًا من التخرج.
أما شروط (B3) التي يجري العمل بها حاليًا في بريطانيا فتُوجِب أن يكون 80 في المئة من الطلاب متفرغين لمواصلة دراستهم، وأن يلتزم 75 في المئة من الطلاب بدوام كامل.
خفض الرسوم الدراسية لطلاب السنة التأسيسية
يُذكَر أن السنوات التأسيسية للطلاب الجامعيين ستخضع لقيود جديدة، وسيخفض الحد الأعلى لرسوم السنة الدراسية التأسيسية من 9,250 إلى 5,760 باوند.
وبهذا الشأن رحّب روبن والكر رئيس لجنة التعليم على مضض بقرارات رئيس الوزراء البريطاني.
وقال والكر: “نظرًا إلى الدعم المالي الكبير الذي تقدمه الحكومة لطلاب الجامعات، أرى أنه يحق للحكومة تحديد أفضل آلية للاستفادة من الميزانية التي تُخصِّصها للتعليم، لكن لجنة التعليم ستنظر في أي مقترح تقدمه الحكومة”.
من جهة أخرى رحب السير فيليب أوغار بالسياسات الحكومية الجديدة، وقال أوغار: “إن مكتب الطلاب يمتلك الصلاحيات الكافية لفرض غرامات على الجامعات والصفوف الجامعية التي لا تراعي المعايير المطلوبة، ما يعني أنه يجب على المؤسسات الدراسية الالتزام بعدد الطلاب الذي حددته الحكومة”.
وأضاف: “آمل أن تكون الإجراءات الجديدة كافية لمنع الجامعات من تسجيل أعداد كبيرة من الطلاب في التخصصات غير المرغوب بها”.
وقالت سوزان لابورث مديرة مكتب الطلاب: “يحق للطلاب من جميع الخلفيات والمرجعيات أن يحصلوا على تعليم جيد يُحسّن حياتهم المهنية بعد التخرج”.
“نعلم أن العديد من الجامعات والكليات تعمل على تأمين مستقبل مهني لطلابها، لكن مكتب الطلاب سيتدخل لمعاقبة الجامعات التي لا تلتزم بذلك؛ لحماية مصلحة الطلاب ودافعي الضرائب على حد سواء”.
هذا وتضمنت توصيات السير فيليب أوغار خفض الرسوم الدراسية، وتخصيص مزيد من الأموال الحكومية لقطاع التعليم.
المصدر: الغارديان سكاي نيوز
اقرأ أيضاً :
لماذا يغادر الآلاف سوق العمل وسط أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا؟
بماذا يمتاز الخريج الجامعي عن غيره بسوق العمل في بريطانيا ؟
قوانين جديدة في بريطانيا لدفع متلقي المعونات نحو سوق العمل
الرابط المختصر هنا ⬇