ستارمر يدرس اعتماد الهوية الرقمية للحد من الهجرة غير الشرعية

أعلن رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، للمرة الأولى أنّ حكومته تدرس بجدية اعتماد نظام الهوية الرقمية كأداة للحد من الهجرة غير الشرعية. ستارمر أوضح أنّ الهوية الرقمية يمكن أن تُشكّل “جزءًا مهمًا” من الجهود الرامية إلى تقليل الحوافز لدخول البلاد دون تصريح، مشيرًا إلى أنّ الزمن قد تغيّر منذ الجدل الواسع الذي أثاره مشروع بطاقات الهوية في عهد حكومة حزب العمال منتصف العقد الأول من الألفية. وأضاف: “نحن نحمل اليوم بطبيعتنا الكثير من الهويات الرقمية مقارنة بما كان عليه الحال قبل 20 عامًا، وهذا يغيّر نظرة المجتمع للأمر”.
الجدل السياسي والحقوقي يتجدد
فكرة الهوية الرقمية من شأنها إعادة فتح نقاش واسع حول الحريات المدنية، خاصة بعد تجربة حكومة توني بلير التي طرحت بطاقات هوية بلاستيكية في أواخر العقد الأول من الألفية، قبل أن تُلغى الخطة ويُدمَّر السجل عام 2011 بقرار من حكومة الائتلاف المحافظ-الليبرالي. وزيارة وزير مكتب مجلس الوزراء، بات ماكفادن، إلى إستونيا مؤخرًا جاءت بهدف الاطلاع على تجربتها في هذا المجال، حيث تُستخدم الهوية الرقمية هناك للوصول إلى الخدمات الحكومية والخاصة مثل السجلات الطبية والتصويت والخدمات المصرفية.
لكن زعيمة حزب المحافظين، كيمي بادنوك، رفضت الفكرة بشدة، قائلة: “لن تساعد الهوية الرقمية في القضاء على العصابات أو إيقاف قوارب الهجرة”. وأكدت أنّ الكثير من المهاجرين ينخرطون في “الاقتصاد الرمادي أو الأسود”، وأن مجرد فرض هوية رقمية لن يحل المشكلة.
تعزيز الرقابة وسوق العمل
القوانين الحالية تُلزم أصحاب العمل بالتحقق من أهلية الموظفين للعمل في بريطانيا، وقد أُتيح منذ عام 2022 إجراء هذه الفحوصات رقميًا بالنسبة للمواطنين البريطانيين والأيرلنديين. كذلك يُستخدم نظام إلكتروني تابع لوزارة الداخلية للتحقق من أوضاع بعض المقيمين الأجانب. وتدرس الحكومة حاليًا ما إذا كان فرض الهوية الرقمية بشكل واسع سيجعل إجراءات التحقق أكثر اتساقًا ويحد من استخدام الوثائق المزيفة، بما يعزز الرقابة على سوق العمل غير النظامي.
وزارة الداخلية أعلنت في وقت سابق عن تشديد القوانين، بحيث تشمل التحقق من المتعاقدين المستقلين العاملين لدى الشركات، في خطوة تهدف إلى سد الثغرات في “اقتصاد الوظائف المؤقتة”. وزيرة الداخلية، يفيت كوبر، دافعت عن هذا التوجه معتبرة أنه ضروري لمكافحة التوظيف غير القانوني.
أزمة الفنادق وضغط متزايد
الجدل حول الهوية الرقمية يأتي في وقت تواجه فيه الحكومة ضغوطًا متزايدة لإيجاد بدائل لإيواء نحو 32 ألف طالب لجوء يعيشون في فنادق ممولة من دافعي الضرائب. الوزراء تعهدوا بوقف استخدام الفنادق كمساكن مؤقتة للاجئين قبل موعد الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها بحلول عام 2029. ستارمر أوضح أنّه طلب من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع “العمل بسرعة” لتحديد المواقع العسكرية الممكن استخدامها كمساكن بديلة.
ترى العرب في بريطانيا أنّ مقترح الهوية الرقمية يضع الحكومة أمام معادلة حساسة: من جهة، الحاجة لتعزيز الرقابة على الهجرة غير الشرعية والحد من استغلال سوق العمل؛ ومن جهة أخرى، المخاوف المشروعة حول الحريات المدنية واحتمال مراقبة المواطنين بوسائل رقمية واسعة النطاق. وبينما تتجه الحكومة نحو تشديد الإجراءات، يبقى السؤال الجوهري: هل ستعالج الهوية الرقمية جذور المشكلة، أم ستُضيف جدلاً جديدًا حول علاقة الدولة بحقوق الأفراد في عصر الرقمنة؟
المصدر: بي بي سي نيوز
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇