ستارمر: الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي سيخفض أسعار الغذاء في البلاد

في خطوة وُصفت بأنها “تاريخية”، أعلنت الحكومة البريطانية التوصل إلى اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي يهدف إلى إزالة القيود على صادرات الأغذية البريطانية، وهو ما وصفه رئيس الوزراء كير ستارمر بأنه بمثابة “إعادة ضبط” للعلاقة بين الطرفين بعد سنوات من التوتر عقب البريكست.
ووفقًا للحكومة البريطانية، فإن الاتفاق سيضيف ما يصل إلى 9 مليارات باوند إلى الاقتصاد البريطاني، إلى جانب خفض أسعار المواد الغذائية وفتح سوق الاتحاد الأوروبي مجددًا أمام مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية البريطانية.
إزالة القيود على الأغذية مقابل تمديد صلاحيات الصيد
ينص الاتفاق على إلغاء الفحوصات والقيود الروتينية على صادرات الأغذية والمشروبات، بما في ذلك منتجات مثل البرغر البريطاني الشهير والمأكولات البحرية، وذلك مقابل منح قوارب الصيد الأوروبية صلاحيات موسعة للوصول إلى المياه البريطانية لمدة 12 عامًا إضافية، وهي فترة أطول مما كانت لندن مستعدة لتقديمه في السابق.
وفي مقابل هذه التنازلات، وافقت بريطانيا على ما يُعرف باتفاق (SPS)، والذي يتضمن التزامًا جزئيًا بالمعايير الأوروبية وتفويضًا محدودًا لمحكمة العدل الأوروبية للإشراف على تنفيذ بنوده.
اتفاقات جديدة للشباب والتبادل الثقافي
لم يتوقف الاتفاق عند الجوانب الاقتصادية فقط، بل تضمن كذلك آفاقًا جديدة للشباب، إذ ستبدأ المحادثات قريبًا بشأن “برنامج تجربة الشباب”، وهو مخطط يتيح فرص العمل، أو الدراسة، أو التطوع، أو السفر للشباب البريطانيين إلى دول الاتحاد الأوروبي، والعكس.
كما أعرب الطرفان عن رغبتهما في إعادة بريطانيا إلى برنامج التبادل الجامعي “إيراسموس”، الذي انسحبت منه في أعقاب البريكست.
وصرحت الحكومة البريطانية بأن البرنامج سيكون “محدودًا من حيث العدد والزمن”، بينما لم تصدر المفوضية الأوروبية بعد موقفًا رسميًا من تفاصيل هذا المقترح.
دعم للمناطق الساحلية ومكاسب للمستهلكين
وفي محاولة للتخفيف من وقع التنازلات في ملف الصيد، خصصت الحكومة البريطانية مبلغ 360 مليون باوند لدعم المجتمعات الساحلية، ما يُعد إقرارًا ضمنيًا بحساسية هذا الملف سياسيًا واقتصاديًا.
ومن جهة أخرى، وصفت الحكومة اتفاق (SPS) بأنه “انتصار كبير” للمستهلكين البريطانيين، حيث يُتوقع أن يؤدي إلى خفض أسعار السلع الغذائية وزيادة تنوع المنتجات في الأسواق البريطانية.
كما سيسمح بإعادة تصدير بعض المنتجات التي كانت محظورة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد أن تراجعت الصادرات الغذائية بنسبة 21%، والواردات بنسبة 7% منذ البريكست.
انتقادات من الحكومة الاسكتلندية
رغم ما أُعلن من فوائد، وجهت الحكومة الاسكتلندية انتقادات حادة للاتفاق، واعتبرته تجاهلًا لصلاحياتها في ملف الصيد البحري، وهو ملف يخضع للاختصاصات المفوضة لإدنبره.
وقال أنغوس روبرتسون، وزير الشؤون الخارجية الاسكتلندي، عبر منصة “إكس”، إن الحكومة البريطانية “تجاوزت” إدنبره دون استشارة أو مشاركة، رغم الوعود المتكررة باحترام صلاحيات الحكومات المحلية.
كما أشار إلى أن الحكومة المركزية ألغت ثلاثة اجتماعات وزارية مشتركة حول البيئة والغذاء كانت مقررة مع الإدارات اللامركزية.
مزايا إضافية للمسافرين والاقتصاد
تضمن الاتفاق كذلك بنودًا من شأنها تسهيل حياة المواطنين، إذ سيتمكن المسافرون البريطانيون مجددًا من استخدام البوابات الإلكترونية الأوروبية في المطارات، ما يُنهي الطوابير الطويلة التي كان يُجبر غير الأوروبيين على الوقوف بها.
كما سيُعاد العمل بجوازات سفر الحيوانات الأليفة، ما يُجنب أصحاب الحيوانات الفحوصات الصحية المكلفة في كل مرة يسافرون فيها.
وفي الوقت ذاته، حمى الاتفاق صادرات الحديد البريطانية من رسوم جمركية أوروبية جديدة، ما وفر نحو 25 مليون باوند سنويًا للصناعة الوطنية.
كما تم التوافق على ربط نظام الانبعاثات البريطاني بنظيره الأوروبي لتجنب تعرض الشركات البريطانية لضريبة الكربون الأوروبية الجديدة.
اتفاق يمهد للمزيد من التعاون مستقبلاً
وفيما يتعلق بالتعاون الأمني، ستبدأ مفاوضات مستقبلية حول تمكين بريطانيا من الوصول إلى قاعدة بيانات التعرف على الوجوه الأوروبية، وهو مطلب رئيس لحكومة ستارمر في إطار جهودها لمحاربة الجريمة المنظمة وعصابات تهريب البشر.
غير أن هناك قضايا لا تزال معلقة، مثل السماح للشركات الدفاعية البريطانية بالمشاركة في صندوق الدفاع الأوروبي الذي تبلغ قيمته 150 مليار يورو. ومع ذلك، قالت لندن إن الاتفاق الجديد يمهد الطريق لهذا الانضمام في الأشهر القادمة.
ستارمر: بريطانيا تعود بثقة إلى الساحة العالمية
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أكد ستارمر أن هذا الاتفاق لا يسعى لإحياء “جراح الماضي”، بل يمثل تحولًا نحو صفحة جديدة في العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وقال: “حان الوقت للمضي قدمًا؛ لإيجاد حلول منطقية وعملية تصب في مصلحة الشعب البريطاني. هذا ما يفعله بلد مستقل ذو سيادة، يبني شراكات يختارها ويبرم صفقات تخدم مصلحته الوطنية”.
كما أشاد وزير شؤون مجلس الوزراء والمفاوض الرئيسي، نِك توماس-سيموندز، بالاتفاق، قائلًا: “اليوم تاريخي. نفتح صفحة جديدة في علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي تخدم مصالح المواطنين البريطانيين وتُعيد بريطانيا بقوة إلى الساحة العالمية”.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇