روبوتات تصنع الأغذية في بريطانيا.. هل سيتم الاستغناء عن اليد العاملة في المصانع قريبًا؟

وسَّعت المملكة المتحدة استثماراتها في مجال صناعة الروبوتات والأنظمة الآلية خلال فترة انتشار الجائحة؛ من أجل تطوير إنتاج القطاع الغذائي وزيادته.

وتُظهِر البيانات التي أصدرتها رابطة الروبوتات والأنظمة الآلية في بريطانيا ازديادًا بنسبة 35 في المئة في شراء الروبوتات من قِبل شركات إنتاج طعام الأغذية والمشروبات في بريطانيا في عام 2020، وبلغت 21 في المئة خلال العام 2021.

وبحسب مايك ويلسون الضابط المسؤول عن الأنظمة الآلية في مركز الصناعات التكنولوجية فإن اعتماد شركات إنتاج الطعام على أجهزة الروبوت يشهد زيادة غير مسبوقة منذ عام 2020، وقد عُرِف عن المملكة المتحدة نهجها البطيء في تبني تكنولوجيا الروبوت، لكن يبدو أن الأمور تسير باتجاه معاكس الآن.

إذ احتل قطاع إنتاج الأغذية المرتبة الثانية في شراء أجهزة الروبوت بعد قطاع الصناعات الآلية الذي احتل المرتبة الأولى وفق ما يقول ويلسون.

وبحسب إحدى الدراسات التي تناولت اعتماد الصناعات في المملكة المتحدة على أجهزة الروبوت أشارت الدراسة التي أُجرِيت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أن المملكة المتحدة تحتل المرتبة الـ 24 بين الدول التي تعتمد على الروبوت؛ حيث تستخدم نحو 10 آلاف روبوت بدلًا من الموظفين، الأمر الذي أكده مركز أبحاث السياسات الصناعية في المملكة المتحدة.

“مستقبل يدعو للتفاؤل”!

أعرب ويلسون عن تفاؤله حيث قال لمجلة (Foof Manufacture): “رغم تفاؤلي بزيادة استخدام الروبوت في قطاع إنتاج الطعام، لكن ما يزال لدي بعض القلق حيال ذلك؛ إذ إن رفع نسبة الفوائد لا يشجع الناس على الاستثمار في أي مجال”.

هذا واعتادت شركات تصنيع الروبوت إنتاج الأجهزة التي تنفذ المراحل النهائية من عمليات الإنتاج مثل التغليف ونقل البضائع، لكن مجالات استخدام الروبوت في هذه الأيام أصبحت واسعة للغاية.

وما زالت أجهزة الروبوت التي تُستخدَم في المراحل النهائية للإنتاج مهمة جدًّا في زيادة الكفاءة الإنتاجية، والتقليل من الاعتماد على اليد العاملة البشرية، وتوفير الأموال وغيرها من الفوائد ألأخرى.

وعلى كل الأحوال فإن هذا لا يدل على تطور تقني كبير إذ يقول ويلسون: “أعتقد أننا نشهد بعض التحسينات التدريجية في نظام عمل الروبوتات، ولكننا لا نشهد تطويرًا جذريًّا في آلية عملها. لقد أصبح نظام الرؤية أكثر سهولة في الاستخدام، كما ازدادت سرعة الروبوتات، وطُوِّرت الروبوتات القادرة على حمل الأوزان الثقيلة، وأصبحت تُستخدَم في كثير من القطاعات”.

ويجري التركيز حاليًّا على تزويد أنظمة الرؤية الآلية بمنظومة ذكاء اصطناعي؛ للتمييز بين المنتجات الرديئة والعالية الجودة.
التغليف الأولي

قال ويلسون: “لقد كانت الروبوتات تُستخدَم في تغليف البضائع الصُّلبة التي لا تتطلب عناية عالية عند التعامل معها، لكنها تُستخدَم اليوم في تغليف البضائع بدقة وعناية. على سبيل المثال: لطالما استُخدِمت أنظمة الروبوت الآلية في تغليف الخبز، لكن أجهزة الروبوت تتميَّز بإمكانية تغليف مختلف أنواع البضائع”.

“تُستخدَم أجهزة الروبوت اليوم في تغليف جميع المنتجات كاللحوم والأسماك والشطائر”.

تتميَّز أجهزة الروبوت اليوم بالحفاظ على جودة الخدمات التي تقدمها، وكذلك فهي لا تُخلِّف كثيرًا من الفضلات كما في حالة اليد العاملة البشرية. يقول ويلسون: تُستخدَم أجهزة الروبوت اليوم للتعامل مع البضائع والمنتجات الحساسة مثل الفواكه الطرية عبر تطوير أجهزة لالتقاط الفواكه أو اقتلاعها بتقنية الشفط.

وينصب اهتمام كثير من المزارعين على استخدام أجهزة الروبوت ضمن عملية التغليف، وفي هذا الصدد قال ويلسون: “تُستخدَم الأنظمة الآلية في تغليف البطاطا ونقلها، لكن الناس يرغبون في تطبيق الأمر نفسه على جميع أنواع الخضار والفواكه كالتفاح مثلًا، وإيصال تلك المنتجات إلى الباعة”.

جني الثمار

ويعمل بعض المزارعين على استخدام أجهزة الروبوت في جني الفواكه والثمار، وتقدير كمية المحاصيل، والتأكد من خلوها من الآفات والأمراض.

ويؤكد ويلسون أن أجهزة الروبوت يجري تطويرها في الآونة الأخيرة؛ بسبب نقص اليد العاملة في مجال الزراعة، وخاصة بعد انتشار الجائحة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما أدى إلى عودة كثير من المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية؛ حيث صعّب اتفاق “بريكست” من شروط تأشيرة العمل، في حين انتقل أناس كثيرون للعيش إلى جانب أقاربهم خلال فترة انتشار الجائحة.

وقال جوليان وير مدير المبيعات في شركة تصنيع أجهزة الروبوت: “لقد أسفر انتشار الجائحة واتفاق بريكست عن نقص في اليد العاملة، وارتفاع تكلفتها مما جعل شركات الأغذية تركز على استخدام أنظمة الإنتاج الآلي، وخاصة فيما يتعلق بالقطف والتغليف.

إن عائدات الاستثمار في هذ القطاع تغري العديد من المستثمرين، وكذلك تنافس شركات كبيرة مثل أمازون و(DHL) على اليد العاملة قد رفع من تكاليف اليد العاملة”.

سهولة العمل

إن أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى استخدام أجهزة الروبوت في كل الصناعات بحسب الاتحاد الدولي لأجهزة الروبوت هو سهولة استعمال هذه الأجهزة؛ إذ صرَّح الاتحاد الدولي لأجهزة الروبوت: “يتجه العالم بدرجة كبيرة نحو الاعتماد على البرمجيات ذات الواجهات والأيقونات البسيطة إلى جانب أجهزة الروبوت المزودة بدليل إرشادي”.

“تعتمد شركات إنتاج الروبوت على تزويد الأجهزة بأنظمة عمل معين؛ من أجل تسهيل العمل، كما يُركَّز على إنتاج أجهزة الروبوت وفق معايير بيئية حيث توفر هذه الأجهزة الكثير من الوقت والجهد في أثناء العمل”.

كما أن المزارعين أصبحوا أكثر مهارة في تطويع التكنولوجيا الحديثة لتلبية احتياجات المستهلكين، ويطبق المزارعون برامج معينة على أجهزة الروبوت كالقطاف ومراقبة جودة المحاصيل، وتطرح متاجر التطبيقات العديد من برامج تشغيل أجهزة الروبوت في مجالات مختلفة، وهو ما يدعم عمل أجهزة الروبوت دون دفع كثير من النقود.

ولعلّ أبرز أسباب الاعتماد على أجهزة الروربوت هو سهولة استخدامها كما يقول ويلسون ويضيف :”إنّ تقنيات البرمجة أصبحت بديهية للغاية وأسهل استيعابًا من الناس، لأنّها لا تتطلب استخدام رموز معقدة، حيث يمكن اقتياد الروبوت وبرمجته على الوضع المناسب للعمل”.

إنّ أجهزة الروبوت هي الأكثر سهوة في الاستخدام لأنّ أصحاب المعامل والمزارع لا يقلقون حيال عملها ولا يفرضون عليها أيّ رقابة تذكر، وتتجنب هذه الأجهزة الاحتكاك مع البشر خلال العمل، كما أنّها لا تشغل الكثير من المساحة.

ومع ذلك لا بدّ من تقييم مخاطر عملها فهي قد تكون أبطأ من أجهزة الروبوت التقليدية كونها مصممة بشكل مشابه لطريقة عمل البشر.

وحذّر ويلسون أنّه ليس من السهل تنظيف وغسيل أجهزة الروبوت، كما أنّ التقنيات المتطورة للعناية بأجهزة الروبوت ما زالت محدودة.

التمرين

مع ازدياد قدرات الروبوتات وإمكانياتها فإن تدريب الناس على استخدامها أصبح ضرورة ملحة.

يقول مجلس اتحاد أجهزة الروبوت في بيان له: “لا بد من تعليم الأجيال الجديدة كيفية استخدام الروبوتات والأنظمة الآلية في الأجهزة الحكومية والهيئات الصناعية والشركات”.

“وإضافة إلى تدريب الناس على استخدام الروبوتات للقيام بالخدمات المنزلية، فمن الممكن كذلك تعليم الناس كيفية استخدام الروبوتات خارج المنزل. وفي هذا السياق نظَّمت العديد من شركات إنتاج الروبوت دروسًا شارك فيها 30 ألف شخص في نحو 30 دولة؛ وذلك لتوضيح آلية استخدامها”.

وتطرح المملكة المتحدة مجموعة من المصادر المعرفية التي تقدم النصائح لأصحاب معامل الأغذية بما يمكِّنهم من الاعتماد على الأنظمة الآلية في كل مراحل العمل، ويؤكد ويلسون أن تقديم هذه المعلومات لا يخدم أجندات شركات الروبوت بقدر ما يساهم في تحسين إنتاجية شركات الأغذية.

ولتقديم الدعم والنصائح أطلق اتحاد الأطعمة والمشروبات في شهر آذار/ مارس موقعًا لتزويد الشركات بالمعلومات المطلوبة لتجاوز عقبات التكنولوجيا، وقد خُصِّص هذا الموقع للهيئات التجارية، ولكنه سيصبح متاحًا للجميع في وقت لاحق من هذا العام.

وقال ستيف بيرتون مدير المشاريع الاستراتيجية في رابطة محلات الأغذية البريطانية: “إن الهدف من تأسيس موقع (Gateway) هو تقديم الخبرة الكافية لشركات الأغذية فيما يخص الأمور المرتبطة بالتكنوولجيا بما يساهم في تعزيز الإنتاج. يقدم الموقع دعمًا كبيرًا، لكن ليس من السهل أن تعتاد المؤسسات ذلك مباشرة”. (ambien online pharmacy)

“يقدم الموقع المساعدة للشركات الكبيرة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة”.

“ويساعد الموقع شركات إنتاج الأغذية في معرفة أشكال الدعم المطلوب لتعزيز عملية الإنتاج. نحن نمثل أكبر جهة لإنتاج الأغذية في المملكة المتحدة، ونأمل أن نتمكن من تحسين الأداء والتنافسية عبر استخدامنا لموقع (Gateway)”.

المصدر : foodmanufacture

اقرأ أيضاً : 

أجهزة روبوت لقطف الثمار في بريطانيا بسبب نقص اليد العاملة

كيف نتجنب الهدر في طعامنا بشكل إيجابي ؟

مستشفيات في بريطانيا تبدأ باستخدام تقنية الروبوت لتحسين الخدمات