راشيل ريفز تؤجل ميزانية الخريف حتى نوفمبر.. ما تأثير ذلك على الأسر البريطانية؟

أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أنّ ميزانية الخريف ستُعلَن في الـ26 من نوفمبر 2025، أي بعد أسابيع مما كان يتوقعه كثيرون. هذا التأجيل غير معتاد، ففي الغالب تُعلَن الميزانية في أكتوبر، لكنه يعكس رغبة الخزانة في كسب مزيد من الوقت على أمل وصول أخبار اقتصادية أكثر إيجابية. الإعلان يفتح الطريق أمام مكتب مسؤولية الموازنة لبدء تقييم الوضع المالي للمملكة المتحدة، وتحديد ما إذا كانت لدى ريفز مساحة كافية للمناورة.
أسباب التأجيل
ترجّح تحليلات اقتصادية أنّ وزيرة الخزانة اختارت موعدًا متأخرًا؛ انتظارًا لنتائج اجتماع بنك إنجلترا في الـ6 من نوفمبر، إذ قد يُتخذ قرار بخفض أسعار الفائدة مجددًا. خبراء مثل جيسون هولاندز من مؤسسة “بيست إنفست” أشاروا إلى أنّ التأجيل يوحي بأن ريفز ليست صاحبة القرار النهائي وحدها، ولا سيما مع دخول تورستن بيل -أحد أبرز رموز اليسار العمالي والمدير السابق لمؤسسة “ريزوليوشن فاونديشن”- إلى فريق إعداد الميزانية. بيل معروف بمقترحاته المثيرة للجدل، من بينها إلغاء قاعدة “التريبل لوك” على معاشات التقاعد وإصلاح نظام ضريبة الميراث. كما أنّ تعزيز دور المستشارين الاقتصاديين في مقر الحكومة يشير إلى رغبة رئيس الوزراء كير ستارمر في الإسهام أكثر في صياغة القرارات الاقتصادية هذه المرة؛ تفاديًا لتكرار التراجعات السياسية التي حصلت في قضايا دعم التدفئة الشتوية وإصلاحات المساعدات.
انعكاسات على الأسواق والأسر
تأجيل الميزانية لم يهدّئ الأسواق، إذ سجّلت عوائد السندات الحكومية (غيلتس) لأجل 30 عامًا أعلى مستوى لها منذ عام 1998، ما رفع تكلفة الاقتراض الحكومي. ورغم عودة هذه العوائد للتراجع قليلًا، يتوقع المحللون بقاءها متذبذبة وفق المعطيات الاقتصادية وقرارات البنك المركزي. بالنسبة للمستثمرين، هذا الوضع يزيد من المخاطر، وقد ينعكس على الأسر البريطانية بمزيد من الضغوط. أما أسعار الرهن العقاري فقد لا تتأثر على المدى القصير بارتفاع عوائد السندات الطويلة الأجل، لكن من المرجح أن ترتفع تدريجيًّا مع استمرار تشدد الأسواق. وبالنسبة للمدخرين، فإن توقع بقاء معدلات الفائدة مرتفعة قد يبدو إيجابيًّا، غير أن الخبراء ينبّهون إلى أنّ العوائد لن ترتفع أكثر، في حين قد تتآكل قيمتها بفعل التضخم.
ضرائب جديدة تلوح في الأفق
مع التزام حزب العمال بعدم رفع ضريبة الدخل أو التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة، يبقى الباب مفتوحًا أمام ضرائب أخرى. التوقعات تشير إلى أنّ الميزانية قد تشمل تغييرات على ضريبة الأملاك المحلية (council tax) أو ضريبة الأرباح الرأسمالية (capital gains tax) أو حتى ضريبة الدمغة على العقارات. كما يُتداول احتمال إدخال تعديلات على ضريبة الميراث، ويشمل ذلك قواعد الهدايا المالية للعائلات والأصدقاء. هذه الخطوات المحتملة تدفع الأسر البريطانية إلى تأجيل قرارات مالية مهمة، بينما تواجه تكاليف معيشية متصاعدة.
يظهر أنّ قرار تأجيل الميزانية ليس تفصيلًا تقنيًّا فحسب، بل انعكاس لحساسية المرحلة التي يمر بها الاقتصاد البريطاني. فبين تضخم مرتفع وضغوط في الأسواق وتكلفة اقتراض قياسية، تبحث الحكومة عن توازن صعب بين وعودها الانتخابية ومتطلبات الاستقرار المالي. وترى منصة العرب في بريطانيا أنّ هذه المرحلة تفرض على الأسر البريطانية الحذر الشديد، إذ إن أي تغييرات ضريبية -سواء كانت علنية أو عبر تجميد الإعفاءات- ستترك أثرًا مباشرًا على مدخراتهم وممتلكاتهم. والمطلوب من الحكومة ليس تأجيل القرارات فقط، بل تقديم رؤية واضحة تضمن الشفافية وتحدّ من حالة القلق التي تعصف بالأسواق والمواطنين معًا.
المصدر: ذيس ايز موني
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇