ذا إيكونوميست تقرأ عودة جورج غالاوي وتأثيرها على الانتخابات البريطانية

فوز جورج غالاوي المفاجئ في الانتخابات الفرعية بروتشديل لم يكن مجرد صدمة سياسية بل دليل على تغيير جذري في المشهد الانتخابي، خصوصًا بين الأوساط المسلمة البريطانية. هذا الانتصار يكشف تزايد التيارات الفكرية المخالفة للخطابات السياسية السائدة، لا سيما تلك المتعلقة بحزب العمال، فيما يخص القضايا الدولية والسياسات الداخلية.
“ذا إيكونوميست” في تحليلها الأخير، تقلل من أهمية تأثير فوز غالاوي والتحول في ولاءات الجالية المسلمة البريطانية عقب الأحداث في غزة. برأي الصحيفة، فقد ظهر تصدع في الدعم التقليدي الذي كان يقدمه المسلمون البريطانيون لحزب العمال، خاصة منذ 7 أكتوبر.
تلك الفئة الديموغرافية، التي تشكل 6% من سكان بريطانيا، كانت تميل بأغلبيتها نحو دعم حزب العمال. لكن، تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة وتردد زعيم حزب العمال كير ستارمر في المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، أثارت خلافات داخل الحزب وطرحت تساؤلات بشأن استمرارية دعمه من قبل الناخبين المسلمين.
أثر جورج غالاوي على المسرح السياسي
في رده على خطاب رئيس الوزراء ريشي سوناك وشيطنته لاختيار الشعب.. يصف النائب البرلماني الجديد #جورج_غالاوي سوناك بالتافه الصغير ويقول: أنا والملايين من البريطانيين نحتقره!#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/KI4SUSz5Jf
— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) March 2, 2024
كشفت الانتخابات الفرعية الأخيرة في روتشديل، شمال غرب إنجلترا، عن هذا التغير الديموغرافي بشكل واضح. غالاوي، المعروف بموقفه المعاد لإسرائيل استطاع الفوز بالمقعد عبر استهداف الجمهور المسلم الكبير في المنطقة بحملة ركزت على دعم فلسطين.
وجاء خطاب النصر دلالة على ذلك، فاستهل غالاوي كلمته بـ “كير ستارمر، هذا من أجل غزة”، ما يبرز السياق الاستثنائي لهذه الانتخابات: تراجع حزب العمال من المرتبة الأولى إلى الرابعة بعد تعليق مرشحه على خلفية تصريحات معادية للسامية.
ومع ذلك، فإن القضية الأكبر المتعلقة بتناقص دعم حزب العمال بين الناخبين المسلمين بسبب أحداث غزة لا تزال موضع تساؤل. بحسب تحليل “ذا إيكونوميست” استنادًا إلى بيانات استطلاعية من (WeThink)، فقد تراجع تأييد حزب العمال بين المسلمين البريطانيين منذ أوائل 2023. قبل العدوان على غزة، كان حوالي 75% من المسلمين يدعمون حزب العمال، وهو رقم تراجع الآن إلى حوالي 65%، مقارنة بـ79% الذين صوتوا لصالح حزب العمال في الانتخابات العامة 2019. وفي المقابل، فإن حصة حزب العمال من الأصوات بين جميع الناخبين الآخرين لم تتزحزح إلا بعد بدء الحرب على غزة.

ولكن الصحيفة تزعم أن العواقب المترتبة على تراجع دعم العمال في الانتخابات العامة المقبلة سوف تكون محدودة لسببين:
- أولًا، لا يوجد مستفيد واضح بين الأطراف الأخرى.
يكشف التحليل أن المكاسب الناجمة عن تراجع الدعم لحزب العمال مقسمة بين المحافظين والديمقراطيين الليبراليين وحزب الخضر و”غيرهم”، ما يحول دون أن يلعب الناخبون المسلمون دورًا محوريًا في عدد كبير من المقاعد الهامشية لحزب العمال مقابل المحافظين. ويشير فوز غالاوي إلى أن المرشحين المستقلين أو مرشحي الطرف الثالث قد يكونون في وضع أفضل لكسب أصوات الناخبين المسلمين. لكن المرشحين المستقلين يميلون أيضًا إلى تحقيق أداء أفضل في الانتخابات الفرعية مقارنة بالانتخابات العامة، التي تشهد نسبة مشاركة أعلى وتركيزًا أكثر حدة على السياسة الداخلية.
- ثانيًا، يُتوقع أن يساهم التوزيع الجغرافي للانتخابات القادمة في حماية حزب العمال من خسائر كبيرة.
وذلك نظرًا لأن المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية، التي لطالما دعمت حزب العمال، ليست ضمن الأهداف الاستراتيجية الرئيسة للحزب في إنجلترا وويلز. العدوان على غزة يبقى قضية حساسة داخل حزب العمال، خصوصًا بين النواب الذين يمثلون دوائر بها تعداد كبير من المسلمين، والذين أبدوا استعدادًا للخروج عن الخط الحزبي، ولكن “ذا إيكونوميست ” ترى أن هذا سيكون له “مخاطر انتخابية محدودة”.
على الرغم من ظهور بوادر تعافٍ محتمل في دعم حزب العمال بين الجالية المسلمة البريطانية، فإن الأحداث المستمرة في الشرق الأوسط قد تزيد من تعقيد الديناميكيات الداخلية للحزب وتؤثر على جاذبيته لدى الناشطين من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
ومع ذلك، تزعم “ذا إيكونوميست” أن تأثير هذه الديناميكيات على النتائج الانتخابية، بالرغم من أهميتها، من المحتمل أن يكون أقل بكثير مما يوحي به فوز غالاوي الذي تصدّر عناوين الصحف.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇