العرب في بريطانيا | ديكلاسيفايد : "ضابط إسرائيلي سابق" يد...

1447 جمادى الثانية 23 | 14 ديسمبر 2025

ديكلاسيفايد : “ضابط إسرائيلي سابق” يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا

ديكلاسيفايد: "ضابط إسرائيلي سابق" يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا
صبا الشريف October 2, 2025

كشفت صحيفة ديكلاسيفايد عن حملة رقمية سرية يقودها ضابط استخبارات إسرائيلي سابق لتوظيف صحفيين ومؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف التأثير على الرأي العام البريطاني وتوجيه الخطاب السياسي لصالح حزب العمال.

في مطلع هذا الصيف، تلقى الصحفي أمون باينز رسالة غير متوقعة عبر منصة “تيك توك” من حساب باسم Good News Britain، عرّف نفسه بأنه جزء من شبكة تدعى The Amplifiers (المضخّمون). الرسالة عرضت على باينز الانضمام إلى مجموعة صانعي محتوى ذوي توجه إصلاحي لمواجهة خطاب اليمين المتطرف على الإنترنت، مقابل 50 باوند أسبوعيًا لنشر خمسة مقاطع فيديو على الأقل، مع وعود بمكافآت إضافية.

غير أن ما بدا في البداية مبادرة مستقلة لمكافحة التضليل، سرعان ما اتضح أنه مشروع يُدار من قبل وكالة اتصالات رقمية قليلة الشهرة تُعرف باسم 411، يتولى إدارتها عساف كابلان، الضابط السابق في وحدة 8200 التابعة للاستخبارات الإسرائيلية، إلى جانب كايتلين أوتواي التي عملت سابقًا في الحملة الرقمية لحزب العمال.

من يقف وراء شبكة 411 السرية؟

ديكلاسيفايد: "ضابط إسرائيلي سابق" يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا

تأسست شركة 411 في سبتمبر الماضي على يد مسؤولين سابقين في حزب العمال، الذين يصفون أنفسهم بأنهم “الفريق الذي قاد الانتصار التاريخي للحزب في انتخابات 2024 العامة” بعد حصده 411 مقعدًا.

وكشفت وثائق مسرّبة اطلعت عليها ديكلاسيفايد أن الشركة تسعى لتجنيد مؤثرين وصحفيين لبث محتوى يستهدف حزب Reform UK، ويعزز أجندة حزب العمال. وتشترط الشركة على المشاركين توقيع اتفاقيات سرية صارمة، مع التزام بعدم الكشف عن مصادر التمويل أو الجهة الراعية للمشروع.

ورغم التساؤلات المتكررة، اكتفى متحدث باسم حزب العمال بالرد: “لا نعلّق على الترتيبات السرية مع أي متعاقد”.

كما قال الصحفي والكاتب بول هولدن {مؤلف كتاب The Fraud} لـديكلاسيفايد : “هذه الحملات المدفوعة للمؤثرين سخيفة وتأتي بنتائج عكسية، فعندما يتم كشفها فإنها تقوض ثقة الجمهور وتزيد من قابلية الناس لتصديق دعايات أمثال فاراج. لا يمكن مواجهة التضليل بحملات مصطنعة، إنها حماقة”.

خطة 411 لإغراق الإنترنت بمحتوى ليبرالي

ديكلاسيفايد : "ضابط إسرائيلي سابق" يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا

خلال تواصل باينز مع مسؤولي 411، أرسل له كابلان وأوتواي وثائق تدريب أوضحت أن الهدف هو “إغراق الإنترنت بمحتوى تقدمي قصير وذكي وجذاب”، مع تزويد المؤثرين بموجز أسبوعي يتضمن “سرديات مقترحة وموضوعات مرتبطة بالأحداث الجارية” مثل الهجرة، هيئة الصحة الوطنية NHS، والهجوم على نايجل فاراج.

وأوضحت الوثائق أن صانعي المحتوى سيتلقون 50 باوند أسبوعيًا مع إمكانية الحصول على أدوار أكبر ورواتب أعلى مستقبلًا، فيما شددت على السرية التامة وأن جميع المواد المنتجة ستظل ملكًا للشركة.

من وراء 411 : روابط خفية بحزب العمال ومحتوى رقمي مشبوه

ديكلاسيفايد: "ضابط إسرائيلي سابق" يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا

رغم ادعاءات الشركة باستقلال مشروع “المضخّمون”، إلا أن صلاتها بحزب العمال واضحة. فقد شغلت مديرته الاستراتيجية كايتلين تشالمرز منصب مديرة الإعلانات الرقمية في الحزب حتى عام 2024، بينما عمل كابلان في وحدة “المتابعة والتنظيم” بالحزب منذ 2021.

كابلان سبق أن خدم في وحدة 8200 الإسرائيلية بين 2009 و2013، وهي الوحدة المرتبطة بعمليات تجسس وابتزاز ضد الفلسطينيين. ووفق تحقيق ديكلاسيفايد ، يعمل أو عمل خمسة موظفين آخرين في المشروع مع حزب العمال، بعضهم وصف دوره بأنه “تشكيل السرديات ودعم الحملات للنواب”.

وعلق الصحفي أمون باينز قائلاً: “بوصفي صحفيًا مستقلًا، شعرت بالانزعاج عندما اكتشفت أن صانعي محتوى آخرين يعملون مع ’المضخّمون‘ دون الإفصاح للجمهور. والأكثر قلقًا أنني قدّمت بيانات شخصية لضابط استخبارات سابق”.

حتى في حال عدم تورط الحزب مباشرة، فهو يستفيد من المشروع. فقد نشر حساب Good News Britain على “تيك توك” محتوى مطابقًا تقريبًا لحسابات الحزب الرسمية، بما في ذلك منشور بعنوان “5 أخبار جيدة في بريطانيا هذا الأسبوع”، الذي تبين أنه منقول حرفيًا عن حساب حزب العمال على “إنستغرام”.

وكشفت وثائق داخلية أن الشركة تقدم خدمات مباشرة لنواب حزب العمال، تشمل إدارة الحملات الرقمية وتقديم استراتيجيات إعلامية. كما أظهرت سجلات هيئة الشفافية البريطانية أن النائب أندرو ويسترن تلقى دعمًا مباشرًا من 411 لإدارة حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبينما تنص قوانين هيئة معايير الإعلانات البريطانية ASA على وجوب وضوح أي محتوى مدفوع الهوية، يبدو أن الشركة تتجاوز هذه القواعد، بإبلاغ المؤثرين بأنه “لا حاجة لمراجعة كل ما ينشرونه”.

البحوث المضادة والتمويل المظلم في الاستراتيجيات الانتخابية البريطانية

ديكلاسيفايد: "ضابط إسرائيلي سابق" يدفع لصحفيين مقابل النشر في السوشيال ميديا

في ظل الأزمة الانتخابية، يبدو أن حزب العمال يسعى للاستفادة من أدوات “البحوث المضادة” و”الفنون المظلمة” لمهاجمة حزب Reform UK. ووفق مجلة Spectator، شكّل الحزب “فريق هجوم” بقيادة كبير موظفي ستارمر، مورغان ماكسويني، الذي سبق أن تخصص في أنظمة جمع المعلومات عن الخصوم.

وتشير التقارير إلى أن هذه الاستراتيجيات ليست مقتصرة على بريطانيا، إذ شهدت الولايات المتحدة مبادرات تمويل مظلم لدعم الديمقراطيين، حيث عرض على المؤثرين آلاف الدولارات شهريًا مقابل نشر رسائل حزبية سرية.

الحملة الرقمية السرية تثير تساؤلات حول حدود التدخل الرقمي في السياسة البريطانية وشفافية الأحزاب تجاه الجمهور. استخدام مؤثرين مدفوعين دون الإفصاح عن مصادر التمويل يضعف الثقة في الخطاب السياسي ويخلق فجوة بين الناخبين والمعلومات التي تصلهم.

مواجهة التضليل الرقمي لا تتحقق عبر أساليب سرية، بل تتطلب إعلامًا مستقلًا، وشفافية في الحملات، وخطابًا واضحًا ومتوازنًا يحترم وعي الجمهور. كما تشير هذه الحملات إلى تحول كبير في أدوات التحكم بالسرد السياسي على المنصات الرقمية، ما يزيد الحاجة إلى آليات رقابة فعّالة لضمان نزاهة العملية الديمقراطية.


إقرأ أيضًا :

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة