العرب في بريطانيا | درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”...

1447 صفر 22 | 17 أغسطس 2025

درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”.. تحذير من شهادات بلا قيمة

درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”.. تحذير من شهادات بلا قيمة
اية محمد August 16, 2025

لطالما اعتُبرت الجامعة البوابة الذهبية لمستقبل وظيفي آمن وراتب مجزٍ، غير أن الواقع تغيّر. فبين تضخم أعداد الخريجين، وانتشار ما يُعرف بـ“الدرجات عديمة الجدوى”، وتنامي تهديد الذكاء الاصطناعي، لم يعد قرار الالتحاق بالدراسة العليا بالبساطة التي كان عليها في السابق. ورغم أن دوافع الالتحاق بالجامعة قد تتراوح بين الاستقلالية، والرغبة في التعلّم، والاستمتاع بالحياة الاجتماعية، يبقى العامل الأساسي دائمًا هو الأمل في زيادة الدخل مستقبلاً.

تخصصات منخفضة العائد

درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”.. تحذير من شهادات بلا قيمة

كشفت بيانات وزارة التعليم البريطانية أن تخصص التعليم يُعد الأدنى من حيث العائد المالي، حيث لا يتجاوز متوسط راتب خريجيه 27,700 باوند بعد عشر سنوات من العمل. كما شملت قائمة التخصصات ضعيفة العائد الفنون المسرحية والإبداعية والتصميم والدراسات الزراعية، إذ نادرًا ما تجاوزت دخول خريجيها 30,000 باوند حتى بعد عقد من التخرج.

للمقارنة، يبلغ متوسط راتب الخريجين بشكل عام بعد عشر سنوات 34,300 باوند.

تعلّق فيكتوريا ماكلين من شركة الاستشارات المهنية City CV قائلة: “من المؤسف أن بعض التخصصات الأكثر ثراءً فكريًا والأكثر أهمية اجتماعيًا لا تؤدي عادةً إلى رواتب مرتفعة، على الأقل في البداية. النجاح المالي من هذه الدرجات ممكن، لكنه يتطلب وقتًا أطول وتحولات مهنية متكررة.”

الدراسات العامة.. مستقبل محدود

التخصصات ذات الطابع العام أو المشترك، مثل “الدراسات العامة والمشتركة”، جاءت أيضًا في أسفل قائمة العائدات، إذ يبدأ خريجوها برواتب متواضعة تبلغ 24,100 باوند، ولا تتجاوز 30,700 باوند بعد عشر سنوات.

ويشير أوليفر سيدويل من منصة Higherin للوظائف المبكرة إلى أن هذه الدرجات غالبًا ما تعيق الوصول إلى وظائف تتطلب مؤهلًا جامعيًا من البداية، وهو ما يفسّر تدني الأجور لاحقًا. ويضيف أن الاعتقاد بأن الحصول على درجة جامعية كافٍ لتحقيق النجاح الوظيفي أصبح “نظرة متقادمة”.

الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف

درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”.. تحذير من شهادات بلا قيمة

حتى في حال وجود مردود مالي، قد لا يدوم هذا المردود إذا كانت الوظائف نفسها مهددة بالاستبدال. فقد أظهرت بيانات Adzuna أن الوظائف المخصصة للخريجين الجدد تراجعت بنسبة 32٪ منذ إطلاق ChatGPT في نوفمبر 2022.

ويؤكد ديفيد موريل من شركة Tiger Recruitment: “بدأنا بالفعل نشهد تقلصًا في فرص العمل للمبتدئين مع اتجاه الشركات لخفض التكاليف عبر الاستعانة ببرمجيات الذكاء الاصطناعي.”

أول القطاعات المتأثرة كانت إدخال البيانات وكتابة المحتوى، بينما بدأت وظائف التدقيق اللغوي وخدمة العملاء تدخل هي الأخرى مرحلة الأتمتة.

كما تشير لاسي كايلاني من منصة Metaintro إلى انخفاض بنسبة 31٪ في الوظائف الخاصة بخريجي الاتصالات، و25٪ في وظائف محللي الاقتصاد. لكنها تؤكد أن من يمتلك القدرة على دمج الذكاء الاصطناعي مع الخبرة التحليلية يظل قادرًا على تجاوز هذه المخاطر.

مؤشرات التعرّض للذكاء الاصطناعي

تشير مؤشرات التعرّض المهني للذكاء الاصطناعي (AIOE) إلى أن مجالات الرياضة والترفيه والهندسة وعلم الاجتماع أقل عرضة للاستبدال، بينما يُعد الاقتصاد والرياضيات والمحاسبة الأكثر هشاشة أمام الأتمتة.

وتقول فيكي هارفي من جامعة سالفورد إن سرعة التحولات تجعل من الصعب تحديد الصورة النهائية لتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، لكنها أشارت إلى أن الجامعات بدأت دمج هذه التقنيات في مناهجها لمساعدة الطلاب على التأقلم مع المستقبل.

تكلفة التعليم العالي تتصاعد

درجات جامعية “لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها”.. تحذير من شهادات بلا قيمة

لا يقتصر الأمر على العائد فحسب، بل تشمل المعادلة تكلفة الدراسة أيضًا. فقد بلغ متوسط ديون الطلاب في إنجلترا نحو 53,000 باوند، ومن المتوقع أن يرتفع مع زيادة سقف الرسوم إلى 9,535 باوند سنويًا اعتبارًا من سبتمبر المقبل، بدلًا من 9,250 باوند.

ورغم ضخامة الأرقام، فإن معظم الطلاب لا يسددون قروضهم بالكامل. ويخضع الخريجون الجدد لنظام الخطة 5، حيث تُقتطع 9٪ من الدخل الذي يتجاوز 25,000 باوند سنويًا. وبعد 40 عامًا، يُلغى الدين المتبقي.

هذا يعني أن صاحب الدخل المتوسط (34,300 باوند بعد عشر سنوات) سيدفع نحو 837 باوند فقط سنويًا، أي ما يعادل 70 باوند شهريًا، بينما قد يدفع أصحاب الدخول المرتفعة مبالغ أكبر تصل إلى 6,750 باوند سنويًا.

نصيحة قبل اختيار التخصص

تؤكد فيكتوريا ماكلين أن التفكير الاستراتيجي ضروري قبل اتخاذ قرار الدراسة الجامعية، قائلة: “ينبغي على الطالب أن يسأل: ما الوظائف التي أستهدفها؟ كم تدفع؟ ما مستقبلها خلال 3 إلى 5 سنوات؟ وهل الراتب يكفي لتبرير الدين؟”

وتضيف: “لا أحد يطلب من الشباب أن يحسموا مستقبلهم بالكامل عند سن 18، لكن ذلك لا يمنع من التفكير بخطة واضحة. فالجامعة واحدة من أكبر الاستثمارات في حياتهم.”

وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن قضية جدوى التعليم الجامعي لم تعد تُقاس فقط بالعائد المادي المباشر، بل بقدرة الطالب على التكيّف مع سوق عمل سريع التغيّر. فبينما قد تكون بعض التخصصات محدودة العائد، فإن قيمة الجامعة تكمن في إكساب الطلاب التفكير النقدي والمرونة والقدرة على التعلّم المستمر، وهي مهارات ستظل ضرورية مهما تسارع تطور التكنولوجيا.

وتؤكد المنصة أن الاستثمار في التعليم ينبغي أن يكون قرارًا استراتيجيًا مبنيًا على دراسة دقيقة للتكاليف والفوائد، مع مراعاة التوجهات المستقبلية لسوق العمل.

المصدر: التايمز


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
4:52 am, Aug 17, 2025
temperature icon 13°C
clear sky
85 %
1025 mb
5 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 0%
Visibility 10 km
Sunrise 5:49 am
Sunset 8:20 pm