إرث دار الساقي.. حملة جمع تبرعات لافتتاح متجر بيع كتب عربية في بريطانيا
أطلق محمد مسعود، وهو بائع كتب سابق في مكتبة دار الساقي التي تُعَدّ أكبر مكتبة عربية في لندن، حملة تبرعات لإنشاء مكتبة جديدة، تستقطب المثقفين ومحبي المطالعة العرب المقيمين في لندن أو الزائرين لها.
ويأتي ذلك بعد أن أسدلت مكتبة الساقي في 31 ديسمبر الستار على مسيرتها التي استمرت 45 عامًا في نشر الثقافة العربية بين هواة الأدب والثقافة والمطالعة في لندن ومختلف المدن البريطانية.
وقد جاء قرار الإغلاق بعد أن أخفقت المكتبة في تحمّل الأزمات المتتالية: من جائحة كورونا إلى الارتفاع الحاد في أسعار الكتب، مرورًا بالفوضى السياسية والاقتصادية في لبنان حيث تُطبع معظم كُتب المكتبة.
“مقام”…مكتبة جديدة للحفاظ على إرث دار الساقي الثقافي
وعقب إغلاق المكتبة أطلق محمد مسعود حملة تبرعات (للتبرع إضغط هنا)؛ لإنشاء مكتبة جديدة أطلق عليها اسم “مقام” (Maqam). وتمكّن حتى الآن من جمع قرابة 13000 باوند من المبلغ المستهدف البالغ 90 ألف باوند.
بهذا الصدد قال مسعود لصحيفة الغارديان: إن مكتبة “مقام” ستكون ملاذًا لعشاق اللغة العربية والباحثين عن الانتماء، وسترحب بأي شخص بغض النظر عن خلفيته الثقافية؛ ليستمتع بالفن والأدب العربي، وباللغة العربية وثراء مفرداتها وغنى تراكيبها وأصالتها.
وأشار مسعود إلى أنه منذ انتقاله إلى لندن عام 2020 شهد إغلاق عدد من الأماكن التي تركز على الثقافة والمجتمع العربي، وأكد أن المكتبة ستكون مُلتقى للكُتّاب والقُرّاء من جميع الدول العربية، ومساحة لمشاركة الأجيال الشابة لأفكارهم وقصصهم وممارسة فنون الخط والتطريز.
ومن المقرر أن تُخصص أول 25 ألف باوند من التبرعات لشراء مخزون من الكتب وإنشاء موقع إلكتروني وإيجار مستودع للكتب، في حين سيُدفع إيجار نصف عام للمتجر إن تأمّن مبلغ 50 ألف باوند.
أما إذا نجحت الحملة في جمع 75 ألف باوند فسيساعد هذا المبلغ في تعيين فريق من الموظفين وتغطية تكاليف الطباعة والشحن والتخزين لمدة 6 أشهر. هذا وسيغطي مبلغ التبرعات كاملًا (90 ألف باوند) إيجار عام كامل للمتجر وتكاليف الطباعة والشحن والفعاليات لمدة 12 شهرًا بعد افتتاح المكتبة.
مكتبة تشبه قرّاءها!
أسَّس دار الساقي أندريه وسلوى غاسبار، مع صديقتهما الراحلة مي غصوب عام 1978. وحط الثلاثي رحالهم في لندن آتين من بيروت التي مزقتها الحرب، وافتتحوا المكتبة في منطقة بايزواتر غرب لندن؛ لتكون أوّل مكتبة عربية في بريطانيا.
وكانت المكتبة اسمًا على مُسمّى؛ إذ باتت أشبه بالساقي الذي يحمل الماء في الصحراء ليروي ظمأ المتعطشين إلى الثقافة العربية. وكانت تضمّ بين رفوفها مؤلفات باللغة الإنجليزية، أسهمت في تغيير الصورة النمطية التي تتناقلها محطات التلفزيون أو الصحف الغربية عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولطالما كانت دار الساقي ساحة لإطلاق مؤلفات الكُتّاب العرب، وملجأً لمن اقتلعتهم حروب المنطقة العربية من بلدانهم أو اضطرتهم أزماتها الاقتصادية إلى الهجرة.
نودع نهاية هذا الشهر مكتبة Al Saqi Bookshop الشهيرة في لندن.
مكتبة الساقي في لندن، وهي أكبر مكتبة متخصّصة بالكتب عن الشرق الأوسط في أوروبا، ستغلق أبوابها في 31 كانون الأول/ديسمبر 2022.
1/2 pic.twitter.com/LJnt0gcW96— Dar Al Saqi (@DarAlSaqi) December 6, 2022
وقد اختبرت كثيرًا من التحديات على مر السنين، بدءًا من حملات الرقابة، وتحطيم نوافذ المتجر أثناء حرب العراق سنة 2003، ونضوب المخزون؛ بسبب قصف أحد المستودعات، والحصار البحري خلال حرب عام 2006 في لبنان. وفي يوليو عام 2021 غمرت المياه الطابق السفلي للمتجر وأتلفت مئات الكتب.
على كل حال، وعلى رغم توقف البيع في مكتبة الساقي فإن إرث الدار سيبقى موجودًا في داري النشر المستقلتين: دار الساقي وكتب الساقي اللتين أُسِّستا في عامي 1983 و1991 على التوالي؛ امتدادًا لنشاط المكتبة، وستواصلان عملهما المعتاد.
اقرأ أيضًا:
دار الساقي في لندن تغلق أبوابها بعد 44 عاما من خدمة الكتاب العربي
الرابط المختصر هنا ⬇