كيف غطى الإعلام البريطاني المواقف العربية من خطط ترامب لغزة؟
![كيف غطى الإعلام البريطاني المواقف العربية من خطط ترامب لغزة؟](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2025/02/ترامل.webp)
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته المثيرة للجدل بشأن غزة موجةً من الغضب والاستنكار لم تقتصر على أوساط الفلسطينيين والعرب، بل شملت المستوى الدولي أيضًا. وجاءت الخطة لتكشف عن رؤية استعمارية حديثة، حيث اقترح ترامب “السيطرة” على القطاع، وتهجير سكانه بشكل دائم، وتحويله إلى ما أسماه بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”، وكأن غزة قطعة أرض معروضة للبيع في سوق العقارات.
سرعان ما أشار المطلعون والخبراء إلى أن الخطة التي طرحها ترامب خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تنتهك كل القوانين الدولية، فهي لا تكتفي بفرض واقع الاحتلال، بل تسعى إلى تغيير ديمغرافي قسري يُشرّد ما يزيد على 2.2 مليون فلسطيني، مع وعودٍ غامضة بإعادة توطينهم في أماكن أخرى، ربما في الأردن أو مصر. ومع أن الرفض جاء سريعًا وقاطعًا من عدة دول عربية، فإن تباين مواقف الزعماء العرب في مواجهة هذا الطرح كان لافتًا، ما انعكس بوضوح على تغطية الإعلام البريطاني للمشهد.
الغارديان: مصر والأردن في مأزق صعب
![محاولات تهجير سكان غزة تضع الأردن ومصر في مأزق صعب](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2025/02/قطاع-غزة.webp)
أبرزت صحيفة “الغارديان” الموقف السياسي الحرج لكل من مصر والأردن بسبب خطة ترامب لغزة، إذ طالبت الولايات المتحدة كل من مصر والأردن باستيعاب أكثر من مليوني فلسطيني من غزة، وهو ما يعتبره العديد من المحللين “كارثة سياسية” قد تؤدي إلى تدهور استقرار هاتين الدولتين.
هذا وقد يعاني الأردن من تأثيرات سلبية محتملة للخطة الأمريكية بسبب الوضع الاقتصادي، ويواجه تحديًا كبيرًا في مواجهة الضغوط الأمريكية.
وتحدثت الغارديان عن المحاولات السابقة لتهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة إلى المملكة الأردنية، حيث يرى سكان المنطقة أن الموافقة على مثل هذه الخطة تمثل خيانة للقضية الفلسطينية.
وأشارت الغارديان إلى أن الأمر ذاته ينطبق على مصر، حيث يتعين عليها التعامل مع القضايا الأمنية الحساسة في شبه جزيرة سيناء، في ظل عجزها عن استيعاب أعداد ضخمة من اللاجئين بشكل دائم.
ويرى المسؤولون في القاهرة أن هذا النوع من التهجير سيكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي، وربما يشعل صراعات جديدة، وفقًا لما ورد في الغارديان.
وخلال زيارته للبيت الأبيض أمس، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني موقف بلاده في رفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغرب. جاء ذلك في أعقاب ضغوط مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقناع الأردن بقبول الفلسطينيين النازحين ضمن خطته التي تتضمن سيطرة أمريكية على غزة وتحويلها إلى “منطقة سياحية”.
وقال الملك في تغريدة على تويتر عقب الزيارة: “هذا هو الموقف العربي الموحد، إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين ومعالجة الوضع الإنساني المزري يجب أن يكون الأولوية للجميع”.
من ناحية أخرى، موقع ميدل إيست آي كان من أكثر المنصات التي سلطت الضوء على ضعف الموقف الأردني العلني، حيث أبرزت تغطيتها كيف تفادى الملك عبد الله التصريح بأي موقفٍ حاسم ضد الخطة أثناء المؤتمر الصحفي المشترك، مكتفيًا بالإشارة إلى وجود “إجماع عربي” سيُناقَش في قمة الرياض المرتقبة.
يستشهد التقرير بتصريحات الباحث في شؤون الشرق الأوسط، معين رباحي، الذي أوضح أن الملك التزم بسياسة عدم التصادم العلني مع ترامب، وهو أمرٌ يُعزى إلى اعتماد الأردن الكبير على الدعم الاقتصادي والعسكري الأمريكي. ويشير التقرير إلى أن الملك اكتفى بإعلان قبول بلاده استقبال ألفي طفل فلسطيني من مرضى السرطان للعلاج، في خطوة رأى فيها بعض الناس محاولةً لاسترضاء واشنطن دون تبني موقف حاسم تجاه القضية الأساسية: رفض تهجير الفلسطينيين.
فاينانشال تايمز: محاولات أردنية لرفض خطة ترامب
![هل ينجح الأردن في التصدي لمحاولات ترامب؟](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2024/11/WhatsApp-Image-2024-11-18-at-11.23.59.webp)
بدورها أفادت صحيفة “فاينانشال تايمز” بأن الملك عبد الله الثاني ملك الأردن كان أول زعيم عربي يلتقي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة خطته بشأن غزة.
وناقش الجانبان قضايا متعددة، من بينها تهجير الفلسطينيين من القطاع، وهو ما اعتبره المسؤولون الأردنيون مسألة تتجاوز العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأردن يتلقى مساعدات مالية ضخمة من واشنطن سنويًا، إذ تعتبر هذه المساعدات نقطة ضغط أمريكية رئيسية على عمان، وفقًا لفاينانشيال تايمز.
من جهة أخرى، أكدت الصحيفة أن كلًا من مصر والأردن لا تملكان خيارًا آخر سوى مقاومة هذه الخطة، رغم الضغوط المالية والعسكرية التي تتعرضان لها من قبل الولايات المتحدة.
وتعتبر الصحيفة أن أي تجاوب مع هذه الخطة قد يؤدي إلى تشويه سمعة هذه الدول في العالم العربي، وهو ما سينتهي بعواقب سياسية كارثية على صعيد الداخل.
بي بي سي: “رفض التهجير ثابت لا يتغير”
![إجماع أردني مصري على رفض خطط تهجير الفلسطينيين من غزة](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2024/12/Artboard-4-5-scaled.webp)
تناول موقع بي بي سي البريطاني الموقف الأردني من خطة ترامب، مسلطًا الضوء على تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وتأكيده على أن “رفض التهجير موقفٌ ثابت ولا يتغير”.
وقد أكد الصفدي موقف الأردن الرافض لتحويل المملكة إلى وطن بديل للفلسطينيين، مؤكدًا أن “فلسطين للفلسطينيين، والأردن للأردنيين”، وهو الموقف الذي يحظى بدعم شعبي كبير داخل الأردن.
ونقل الموقع عن مصدر مطلع قوله أن الشعب الأردني يدرك الضرر العميق الذي قد تلحقه خطة ترامب بالتوازن السكاني في المملكة، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الداخلي واستقرار النظام.
أما في مصر، فقد أشار الموقع إلى تأكيد المصريين موقفهم الرافض لأي محاولات تهجير، مؤكدين أن ذلك سيتسبب في تصفية القضية الفلسطينية.
التايمز: ردود فعل عالمية على خطة ترامب
هذا وغطت صحيفة “التايمز” ردود الفعل العالمية على خطة ترامب، بما في ذلك تصريحات سكرتيرة البيت الأبيض كارولين ليفيت التي حاولت التراجع عن الاقتراح، مشيرة إلى أن التهجير سيكون مؤقتًا.
لكنها أضافت أن دولًا مثل الإمارات وقطر كانت قد أعربت عن رفضها التام لأي محاولة للمساس بحقوق الفلسطينيين.
هذا وأعلنت مصر على لسان وزير خارجيتها بدر عبد العاطي رفضها القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين، مؤكدةً أن أي إعادة إعمار لغزة يجب أن تتم دون تغيير ديمغرافي قسري.
وقد أبرزت وسائل الإعلام البريطانية هذا الموقف، حيث أشارت فايننشال تايمز إلى أن القاهرة أبدت موقفًا حاسمًا، لكنها لم تشر إلى أي خطوات تصعيدية قد تتخذها مصر لمواجهة الضغوط الأمريكية.
المملكة العربية السعودية، التي لطالما تبنّت نهجًا براغماتيًا في التعامل مع الملف الفلسطيني، أبدت هذه المرة موقفًا أكثر تشددًا. فقد وصف ولي العهد محمد بن سلمان خطة ترامب بأنها “غير مقبولة أبدًا”، مؤكدًا أن بلاده لن توافق على أي تسوية لا تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
اللافت أن الغارديان نقلت عن مسؤول سعودي تصريحات ساخرة قال فيها: إن “ترامب ونتنياهو يمكنهما أخذ الإسرائيليين إلى ألاسكا بدلًا من غزة”، وهو تعبيرٌ نادر في الخطاب الدبلوماسي السعودي، ما يعكس تغيرًا في المزاج السياسي داخل المملكة تجاه السياسات الأمريكية في المنطقة.
وبينما التزمت الدول العربية بمواقفها الرافضة، برز الموقف الأردني كأحد المواقف المعارضة، حيث أكد العاهل الأردني عبد الله الثاني عقب لقاءه بالأمس مع ترامب أن الأردن لن يقبل بأي محاولات تهجير فلسطينيين من غزة إلى أراضيه، بحسب ما ورد في التايمز.
وتواصلت المواقف الفلسطينية الرافضة لهذا الاقتراح، حيث يرى الفلسطينيون أن أي محاولة تهجير هي محاولة لتصفية قضيتهم.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇