خطة بريطانية جديدة لتنشئة الأطفال على الديمقراطية بعد خفض سن التصويت

تستعد بريطانيا لإطلاق خطة تعليمية واسعة النطاق تستهدف إعداد الأطفال لممارسة حق التصويت عند بلوغهم سن الـ16، في خطوة تأتي ضمن جهود الحكومة لتحديث الديمقراطية وزيادة مشاركة الشباب في العملية الانتخابية، حسب قولها.
وقال فيجاي رانغاراجان، الرئيس التنفيذي للجنة الانتخابات البريطانية: إن الأطفال سيحتاجون إلى تلقي دروس في الديمقراطية بدءًا من سن الـ11، بهدف إعدادهم لفهم النظام السياسي وكيفية المشاركة في الانتخابات عند سن الـ16.
وأضاف رانغاراجان أن التعليم الديمقراطي سيبدأ أولًا للفئة العمرية من 14 عامًا فما فوق، قبل توسيعه ليشمل جميع المراحل الدراسية؛ لضمان جاهزية الشباب للتصويت.
المعلمون والحياد السياسي في الصفوف الدراسية
وأشار الرئيس التنفيذي للجنة الانتخابات البريطانية إلى أن المعلمين سيُطلب منهم ترك ميولهم السياسية خارج الصفوف الدراسية؛ لضمان حصول الطلاب على صورة شاملة وحيادية عن النظام السياسي، دون التأثر بآراء المعلمين.
وأكد رانغاراجان أن المعلمين سيحتاجون إلى “مواد تعليمية ممتازة وإرشادات لكيفية تدريس هذه الموضوعات بطريقة فعالة”، مع إتاحة مناقشات واسعة بشأن القضايا السياسية وفهم آليات عمل النظام الانتخابي.
وأضاف: “هناك مخاوف من بعض الأحزاب السياسية بشأن الحياد، لذلك نقضي وقتًا طويلًا لضمان أن تكون المواد التعليمية محايدة بالفعل”.
وتأتي هذه التصريحات بعد أن أشار نايجل فاراج، زعيم حزب ريفورم البريطاني (Reform UK)، إلى أن المدارس والجامعات “حافلة بالتحيز اليساري” و”الانحياز ضد حزبه”، حسب زعمه.
وأظهر استطلاع أجرته منصة (Teacher Tapp) وشمل 6 آلاف معلم أن أكثر من 80 في المئة منهم لا يعتقدون أن المنهج الوطني الحالي يُعد الشباب بما فيه الكفاية لممارسة التصويت عند بلوغ سن الـ16.
دروس مستفادة من استفتاء اسكتلندا
وأكد رانغاراجان أن الحكومة استخلصت دروسًا مهمة من استفتاء استقلال اسكتلندا، الذي منح الحق في التصويت للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا، مشيرًا إلى أن التعليم الديمقراطي في ذلك الوقت لم يكن كافيًا لدعم المشاركة بطريقة فعّالة.
وأضاف: “أبرز الدروس التي تعلمناها هو أن التجربة كانت متفاوتة جدًّا بين المدارس في اسكتلندا، لهذا بدأنا العمل مبكرًا على تحسين التعليم في هذا المجال”.
وأشار إلى أن العديد من المعلمين أبدوا ترددهم في المشاركة في التحضيرات للاستفتاء الاسكتلندي؛ بسبب حساسية الموضوع، ما أوجب توفير دعم إضافي لهم؛ لضمان نجاح العملية التعليمية.
وفي تموز/يوليو الماضي، أعلنت الحكومة أن الانتخابات العامة المقبلة ستشهد للمرة الأولى مشاركة الناخبين الذين يبلغون من العمر 16 عامًا، ضمن خطة شاملة لتحديث الديمقراطية في البلاد.
وقد التزمت حملة حزب العمال الانتخابية بتخفيض سن التصويت في الانتخابات البرلمانية إلى 16 عامًا؛ تماشيًا مع الانتخابات في اسكتلندا وويلز، في حين تتضمن الخطط الجديدة مزيدًا من الإجراءات لتعزيز المشاركة الشبابية في الانتخابات.
ومن بين هذه الإجراءات، اقترحت الحكومة اعتماد نظام التسجيل التلقائي للناخبين، المستخدم بالفعل في أستراليا وكندا، والسماح باستخدام بطاقات البنوك البريطانية بوصفها وثائق تعريف مقبولة في مراكز الاقتراع.
وقالت وزارة الإسكان والمجتمعات والحكم المحلي: إن “عددًا كبيرًا جدًّا من المواطنين” عزف عن التصويت؛ بسبب قواعد الهُوية التي فرضتها الحكومة السابقة، حيث وجدت لجنة الانتخابات أن نحو 750 ألف شخص لم يتمكنوا من التصويت لعدم امتلاكهم بطاقة هُوية مناسبة.
ردود الفعل بشأن خفض سن التصويت
من جانبه نبّه زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، إلى أهمية خفض سن التصويت، مشيرًا إلى أن الشباب البالغين 16 عامًا قادرون على العمل ودفع الضرائب، ومن ثَمّ “يجب أن تتاح لهم الفرصة للتعبير عن رأيهم في كيفية إنفاق أموالهم”.
ومع ذلك، كشف استطلاع أجرته مؤسسة (Merlin Strategy) لمصلحة ITV News وشمل 500 شاب تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا أن نصفهم فقط يعتقد أنه ينبغي السماح له بالتصويت.
وأظهر الاستطلاع أن حزب العمال هو المستفيد الأكبر من هذا التغيير، حيث أعرب 33 في المئة عن دعمهم له، مقابل 20 في المئة لحزب ريفورم البريطاني و18 في المئة لحزب الخضر.
وقالت نعومي سميث، الرئيسة التنفيذية لمجموعة “الأفضل لبريطانيا” (Best for Britain): إن التغيير يمثل “خيارًا جريئًا سيعود بالنفع على الأجيال المقبلة”، وحثت الأحزاب السياسية على بذل المزيد لكسب أصوات الشباب البريطاني.
وفي الوقت نفسه، انتقد بول هولمز، وزير الظل المحافظ لشؤون المجتمعات، الحكومة في مجلس العموم واصفًا إياها بأنها “مرتبكة تمامًا” بشأن سن الرشد القانوني، متسائلًا: “لماذا تعتقد هذه الحكومة أن الشاب البالغ 16 عامًا يمكنه التصويت، ولكن لا يُسمح له بالزواج، أو المشاركة في الحرب، أو حتى الترشح في الانتخابات التي يصوّت فيها؟”.
أهمية المبادرة في تعزيز وعي الشباب بالديمقراطية
ترى منصة “العرب في بريطانيا” أن هذه الخطوة الحكومية تمثل فرصة مهمة لتعزيز وعي الشباب البريطاني بالنظام الديمقراطي منذ سن مبكرة، وهو ما قد يسهم في تنشئة جيل أكثر وعيًا بمسؤولياته السياسية والاجتماعية.
وتؤكد المنصة أن دمج دروس الديمقراطية ضمن المناهج المدرسية منذ سن الـ11 يعد قرارًا استراتيجيًّا يسهم في إعداد الشباب للمشاركة الفعّالة في الانتخابات مستقبلًا، ويعزز من قدرتهم على اتخاذ قرارات حكيمة بعيدًا عن أي تأثيرات حزبية أو شخصية.
ويعتمد نجاح هذه المبادرة كثيرًا على حيادية العملية التعليمية ودعم المعلمين بالمواد والإرشادات المناسبة؛ لضمان تقديم صورة متوازنة وشاملة عن النظام السياسي.
وتؤكد “العرب في بريطانيا” أن مشاركة الشباب في الانتخابات يجب ألا تكون مجرد حق شكلي، بل تجربة تعليمية متكاملة تساعدهم على فهم أهمية مشاركتهم في صياغة السياسات العامة ومراقبة أداء المسؤولين المنتخبين، بما يعزز الديمقراطية ويحمي الحقوق المدنية على المدى الطويل.
المصدر: الإندبندنت
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇