“حوارات معمقة”.. مؤتمر جديد للمجلس الثقافي البريطاني بحضور عربي مميز

في مشهد أكاديمي يعكس تحولات عميقة في فهم التعليم العابر للحدود، شهدت مدينة كارديف البريطانية، خلال الفترة من 25 إلى 27 يونيو 2025، انعقاد النسخة الرابعة من مؤتمر “حوارات معمّقة” الذي نظّمه المجلس الثقافي البريطاني، بمشاركة لافتة من وفود عربية تمثّل مصر وتونس والسعودية، إلى جانب أكثر من 43 شخصية من صناع السياسات وقادة الجامعات والخبراء من 21 دولة.
وحمل المؤتمر هذا العام طابعًا نوعيًا، إذ شكّل حضور الوفود العربية خطوة متقدمة في توطين الخطاب التربوي العالمي ضمن سياقات محلية، لا سيما في ظل ازدياد الحاجة إلى نماذج تعليمية تستجيب للتحديات المتسارعة على مستوى السياسات، وسوق العمل، وتحولات المجتمع.
وقد مثّلت وزارات التعليم العالي، والهيئات التنظيمية، والجامعات الرائدة في مصر وتونس والسعودية ركيزة أساسية في نقاشات المؤتمر، حيث عُرضت استراتيجيات وطنية تتناول سبل تطوير التعليم العالي وربطه بفرص التعاون الدولي.
التعليم العابر للحدود.. بين العولمة والتجذّر المحلي
تناولت جلسات المؤتمر عددًا من المحاور الجوهرية، تمثّلت في:
- بناء نماذج مستدامة ومنصفة للتعليم العابر للحدود (TNE)
- تعزيز السياسات العامة القادرة على ضمان الجودة في البيئات المتنوعة
- تمكين صوت الطالب وإشراكه في صياغة البرامج
- التركيز على استراتيجيات “المحلنة العالمية” (Glocalisation) كأداة لتحقيق حلول محلية لتحديات ذات أبعاد كونية
وجاءت هذه النقاشات في وقت تتجه فيه أنظار الدول إلى التعليم العابر للحدود كمسار بديل للتدويل التقليدي للتعليم العالي، في ظل توقعات بارتفاع الطلب العالمي على التعليم الجامعي بنسبة 70% بحلول عام 2030، وفق تقديرات البنك الدولي.
شراكات مؤسساتية ورؤية تشاركية
نُظم المؤتمر بالشراكة بين المجلس الثقافي البريطاني ومؤسسات أكاديمية بريطانية بارزة، من بينها جامعات ويلز، ومنظمة الجامعات البريطانية الدولية، وجامعة كارديف متروبوليتان، وبمساندة من جامعتي سوانزي وجنوب ويلز.
وتوزعت الفعاليات على مواقع مختلفة في مدينة كارديف، حيث استضافت الجامعات المحلية جلسات النقاش، وورش العمل، والحوارات الاستراتيجية التي جمعت بين الخبرات الأكاديمية وصانعي القرار.
“نقل التجربة.. لا تصدير النموذج”
في تعليقها على الدور العربي ضمن المؤتمر، قالت سوزانا كارمودي، المديرة الإقليمية للتعليم في المجلس الثقافي البريطاني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
“لقد أتاح التركيز على استراتيجيات ‘المحلنة العالمية’ لوفودنا من السعودية وتونس ومصر فرصة عميقة للتفكر في كيفية توظيف التعليم العابر للحدود لتطوير حلول محلية لتحديات عالمية. وقد شارك الزملاء استراتيجياتهم الوطنية والمؤسساتية بتركيز واضح على تحسين مخرجات التعليم لصالح الطلبة.”
وتُبرز تصريحات كارمودي تحوّلاً لافتًا في مقاربة التعليم العابر للحدود، من كونه وسيلة لتصدير النماذج الغربية، إلى مساحة تبادل معرفي متوازن، يُراعي السياقات الثقافية والتربوية للمجتمعات المختلفة.
ورش تنفيذية وخطوات عملية
لم يقتصر المؤتمر على الطروحات النظرية، بل تخللته ورش عمل ركّزت على:
- تطوير الأطر التنظيمية للتعليم العابر للحدود
- إشراك الطلبة في تقييم البرامج
- دمج التعليم الدولي في استراتيجيات الجامعات طويلة المدى
وشكّلت هذه الورش مساحة تفاعلية بين المشاركين لتبادل التجارب وبناء مسارات تعاون جديدة.
تُثمّن منصة “العرب في بريطانيا” (AUK) هذا النوع من المؤتمرات التي تمنح الصوت لصنّاع القرار والخبراء العرب ضمن الفضاءات الدولية، وتعتبر أن التحول نحو نماذج تعليمية عابرة للحدود لا يمكن أن يُكتب له النجاح إلا حين يرتكز على العدالة السياقية والانفتاح النقدي.
وتؤمن المنصة أن مشاركة وفود من مصر وتونس والسعودية في هذا المؤتمر تمثل خطوة نوعية نحو إعادة تشكيل العلاقة بين الجنوب العالمي والمراكز الأكاديمية الغربية، ليس باعتبارها علاقة تبعية، بل كشراكة معرفية تقوم على الاحترام المتبادل وإنتاج الحلول المشتركة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
آخر فيديوهات القناة
Error 403: The request cannot be completed because you have exceeded your quota..
Domain code: youtube.quota
Reason code: quotaExceeded
Error: No videos found.
Make sure this is a valid channel ID and that the channel has videos available on youtube.com.