شبح جيرمي كوربين يلاحق كير ستارمر
فريق التحرير
December 6, 2022
وصل حزب المحافظين إلى سدة الحكم في بريطانيا بعد أن شكَّل تحالفًا مع حزب الديمقراطيين الأحرار الذي ضحَّى بشعاراته السياسية التي صوَّت الناس من أجلها في سبيل تحقيق أهداف حزب المحافظين، الذي لطالما اعتُبِر خصمًا عقائديًا للديمقراطيين الأحرار.
وقد اتخذ العمل السياسي في بريطانيا منذ ذلك الحين أحد هذين الاتجاهَين: “إما أن يعمل السياسيون على تحقيق الأهداف التي يؤمنون بها، ويجعلوا العالم مكانًا فاضلًا وصالحًا للعيش، وإما أن يسعوا للفوز بالانتخابات بأي ثمن كان”.
ولكن معظم السياسيين في بريطانيا تخلَّوا عن الاتجاه الأول في السنوات الماضية، وأصبح دعم الأحزاب السياسية يشبه تشجيع الفِرَق الرياضية! وغدا الناخبون يركزون على فوز أحزابهم في الانتخابات، متناسين الأدوار والأهداف التي يجب أن تحققها هذه الأحزاب بعد وصولها إلى السلطة.
كيف منح ستارمر حزب المحافظين نصرًا سياسيًا؟
وكان النصر الحقيقي لحزب المحافظين خلال السنوات العشر الماضية هو وصول قيادة جديدة لحزب العمال تعمل على تطهيره من كل مَن يعارض سياسات المحافظين، وبهذه الطريقة يضمن المحافظون تطبيق أجنداتهم دائمًا حتى لو فاز حزب العمال بالانتخابات القادمة، ما سيسبب ضررًا للنظام السياسي في البلاد.
وبمعنى آخر عمل حزب المحافظين على صنع نسخة من حزب العمال مشابهة له تمامًا، ويبدو ذلك واضحًا في تصريحات زعيم حزب العمال كير ستارمر، الذي يرى أن ترشح جيريمي كوربين ليكون نائبًا عن العمال في الانتخابات القادمة أمرًا غير مناسب.
وتعكس هذه التصريحات الشرخ بين قيادة حزب العمال الممثلة بكير ستارمر والأسس الأيديولوجية التي يمثلها كوربين.
لقد مثل كوربين دائرة إيسلينجتون نورث منذ عام 1983، لذا فإن تمثيله لتلك الدائرة الانتخابية لا يعني انتصار حزب العمال في ذلك الجزء من لندن فقط، بل يعكس الثقة الكبيرة بكوربين بين حزب العمال وجماهيره التي تمتد لأربعة عقود في إيسلينجتون نورث.
لكن يبدو ستارمر عازمًا على فقدان ثقة الناخبين في إيسلينجتون نورث، بعد أن خسر ثقة الشريحة الكبرى من مناصري حزب العمال، فضلًا عن خسارة جزء من أعضاء حزب العمال الذين سيتعين عليهم في المستقبل تحمل تبِعات سياسة الكراهية التي يعتمدها ستارمر ضد كوربين، ويتساءل كثيرون: ما سبب هذه السياسة؟!
تضييق الخناق على جيرمي كوربين يعمق الشرخ في حزب العمال
كان وصول ستارمر إلى قيادة حزب العمال عام 2020 منطقيًّا جدًّا، ومع أن التخلي عن كوربين في تلك الفترة أسهم في إضعاف الحزب وتعزيز الشرخ الأيديولوجي فيه، فلا بد من ضح دماء جديدة في قيادة حزب العمال بعد خسارة كوربين الانتخابات في حينها.
لكن الأمور بدأت تنحو منحًا شخصيًّا منذ ذلك الوقت، وبدأ خصوم جيرمي كوربين في حزب العمال بإظهار كراهيتهم علانية، عبر إبعاد مؤيديه وتضييق الخناق عليهم؛ لكي تثبت قيادة حزب العمال الجديدة تراجع شعبية كوربين وعدم وجود حلفاء له.
وقد هاجم العديد من النواب جيرمي كوربين بشراسة، والغريب في ذلك أن الهجمة الإعلامية ضد جيرمي كوربين كانت دائمًا مبررة أخلاقيًّا من قبل الإعلام البريطاني! ومع أن معظم الاتهامات التي طالت الرجل لا أساس لها من الصحة، فإن منتقديه يستمرون في تكرار هذه الاتهامات!
قلب المعايير في السياسية البريطانية
لطالما تشدَّق الجناح اليميني في بريطانيا بالفضائل والمثل الأخلاقية عند مناقشة قضايا معينة، لدرجة أن القضية تفقد أهميتها على حساب المُثُل والقِيَم التي يتغنى بها نواب اليمين البريطاني.
لكن يبدو أن ستارمر يعتمد سياسة معاكسة تمامًا؛ فهو لا يدَّعي التمسك بالمُثُل الأخلاقية على الإطلاق، وكأنه يصارح ناخبيه بأنه سيخذلهم تمامًا كما فعل حزب المحافظين بكل مَن صوَّت له بعد أن وصل إلى السلطة! هكذا إذن قُلِبت المعايير السياسية في بريطانيا، فصار السياسيون الجيدون يُوصَفون بالسُّذَّج رغم نياتهم الحسنة، وصار النفاق والازدواجية السياسية نوعًا من “الحنكة والدهاء”!
اقرأ أيضًا:
فلسطينيو بريطانيا يحيون تراثهم بحضور جيرمي كوربن
جيريمي كوربين مرشحا محتملا لمنصب عمدة لندن
النائب جيرمي كوربين يزور مسجد شمال لندن مهنِّئًا بحلول شهر رمضان 2022
الرابط المختصر هنا ⬇
نسخ إلى الحافظة
أخبار ذات صلة
london
London, GB
6:03 pm,
Nov 21, 2024
0°C
broken clouds