جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا ترتفع 20% وسط قلق متزايد
أبدت قيادات المجتمع الإسلامي في بريطانيا قلقها العميق إزاء المستويات غير المسبوقة من القلق بين أفراد المجتمع، بعد أن أظهرت بيانات حكومية ارتفاعًا كبيرًا في جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة تقارب الخُمس، وسط شعور متزايد بعدم الأمان والخوف من تصاعد الهجمات والتحريض.
وقالت شيستا غوهر، عضو مجلس اللوردات ورئيسة شبكة المرأة المسلمة، إن صمت الوزراء تجاه هذه الظاهرة أمر مقلق للغاية، معتبرة أن الأرقام المعلنة “تقدير أقل من الواقع الفعلي”. وأوضحت أن تصاعد الأحداث في الأسابيع الأخيرة جعل المسلمين يشعرون بقلق جماعي واكتئاب لم يشهدوه في أي وقت مضى خلال نشاطاتها المجتمعية.
تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين في إنجلترا وويلز

وأظهرت بيانات وزارة الداخلية الصادرة يوم الخميس ارتفاع جرائم الكراهية المسجلة في إنجلترا وويلز للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، بما في ذلك الجرائم العنصرية والدينية. ففي إنجلترا وويلز، حيث يعرّف 3.9 مليون شخص أنفسهم كمسلمين، ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين من 2,690 إلى 3,199 حالة خلال 12 شهرًا حتى مارس 2025.
وجاءت هذه الأرقام بعد أسبوع من الهجوم على كنيس في مانشستر، الذي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من حدوث توترات مجتمعية بسبب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في غزة. كما أظهرت البيانات ما وصفته الحكومة بـ”ارتفاع واضح” في الجرائم بعد جرائم القتل في ساوثبورت الصيف الماضي، التي أعقبتها أعمال شغب في أنحاء البلاد.
وترى غوهر أن الأرقام الرسمية أقل من الواقع، بالنظر إلى تصاعد الحوادث الأخيرة وانتشار التحريض ضد المسلمين من بعض السياسيين والشخصيات العامة. وقالت: “أعتقد أن هذه الأرقام أقل من الواقع، بالنظر لما حدث في الأسابيع والأشهر الأخيرة”، مشيرة إلى إحراق مسجد في شرق ساسكس الأسبوع الماضي، إلى جانب حوادث أخرى استهدفت المسلمين أو من يُعتقد أنهم مسلمون.
وأضافت: “نشعر بقلق عميق جدًا. لم أذكر في كل نشاطاتي فترة شهد فيها المجتمع المسلم هذا الكم من القلق والاكتئاب الجماعي”. وأردفت: “أنا محبطة جدًا من صمت الحكومة”، مشيرة إلى أن الجمعية التي ترأسها هي الوحيدة على المستوى الوطني المعنية بالمرأة المسلمة في بريطانيا.
المساجد تحت الهجوم وجرائم الكراهية تصل لأعلى مستوى

خلال العام المنتهي في مارس 2025، سجّلت الشرطة في إنجلترا وويلز 137,550 جريمة كراهية، منها ارتفاع جرائم الكراهية العنصرية بنسبة 6% مقارنة بالعام السابق، فيما ارتفعت الجرائم الدينية بنسبة 3% من 6,973 إلى 7,164، وهو أعلى رقم سنوي يُسجل على الإطلاق.
وسجلت المساجد والمراكز المجتمعية سلسلة من الهجمات على المصلين والممتلكات في يوليو 2024 بعد انتشار شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن منفذ هجوم ساوثبورت مسلم. إلا أن التحقيقات لاحقًا أظهرت أن أكسل روداكوبانا، الذي قتل ثلاث فتيات صغيرات، وُلد في عائلة مسيحية وكان يمتلك كتبًا معادية للإسلام.
أحداث حديثة ضد المسلمين في بريطانيا تثير القلق المجتمعي

في يوم الخميس، نظرت محكمة الاستئناف في قضية رجل أقدم في فبراير على إحراق نسخة من القرآن أمام القنصلية التركية في لندن، وادعى أنه يمارس حقه في حرية التعبير. وفي يونيو، أُدين حميت جوشكون بتهمة ارتكاب اعتداء على النظام العام بدوافع دينية، بعد أن صرخ بعبارات مثل “تبًا للإسلام” و”الإسلام دين الإرهاب” أثناء حمله للنص الديني المشتعل أمام القنصلية، ما أثار استنكارًا واسعًا في الأوساط المجتمعية.
وقالت غوهر: “الطريف في الأمر، أنه عند التصويت بعد أربع سنوات سيبحثون عن المسلمين للتواصل معهم. سيكون الوقت قد فات. نحن بحاجة للدعم الآن، في أسوأ فترة ممكنة لأن تكون مسلمًا في بريطانيا. أين الإدانة من الأحزاب الأخرى؟”
الحكومة البريطانية تزيد الأمن حول أماكن العبادة بعد تصاعد جرائم الكراهية

ردًا على هذه البيانات، قالت وزيرة الداخلية شابانة محمود إن الأرقام تُظهر أن “الكثير من الناس يعيشون في خوف”، وأعلنت زيادة الدوريات الشرطية حول الكنائس والمساجد بعد هجوم كنيس مانشستر، وتخصيص 50 مليون باوند لتأمين أماكن العبادة. وأضافت: “لا يمكن التسامح مع استهداف المجتمعات اليهودية والمسلمة جرّاء دينها أو عرقها أو هويتها”.
وأوضحت غوهر أنها تخطط للقاء محمود لمناقشة سلامة المجتمع، مرحبة بتصريحاتها، لكنها شددت على ضرورة حماية أماكن العبادة وضمان الأمن اليومي للمسلمين. وقالت: “عند النظر إلى ما حدث للمجتمعات المسلمة بشكل جماعي، الأمر صادم. الحكومة ترسل رسالة ضمنية للمسلمين مفادها أننا لا نهتم بكم وأنكم غير مهمين”.
وحذر الوزراء من الانخفاض المعلن بنسبة 18% في جرائم الكراهية الدينية ضد اليهود — من 2,093 إلى 1,715 — مشيرين إلى أن البيانات لم تشمل شرطة العاصمة لندن بسبب تغيير في نظام تسجيل الجرائم. وتُظهر إحصاءات 2021 أن أكثر من نصف اليهود البريطانيين يعيشون في لندن.
مبادرة لدعم المسلمين وإتاحة الإبلاغ عن الحوادث المعادية

لتشجيع الإبلاغ عن جميع أنواع الحوادث المعادية للمسلمين، أطلقت شبكة المرأة المسلمة خطًا وطنيًا للطوارئ تحت اسم “شبكة الأمان للمسلمين”، إلى جانب حملة وطنية تستمر لشهر كامل مع لوحات إعلانية في برمنغهام ولندن ومانشستر.
وأوضحت غوهر أن أبحاث الجمعية وجدت أن 80% من الحوادث المعادية للمسلمين لا يتم الإبلاغ عنها، وتهدف هذه المبادرة لسد تلك الفجوة.
تعكس هذه الأرقام المخاطر المتصاعدة التي تواجه المجتمع المسلم في بريطانيا، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز الأمن وحماية الأفراد وأماكن العبادة، إلى جانب تقديم دعم نفسي واجتماعي يساعد المسلمين على التعامل مع ضغوط الحياة اليومية ويخفف شعورهم بالتهديد والعزلة.
وتبرز الحاجة لتطوير برامج توعية ومبادرات مجتمعية تشجع على الإبلاغ عن أي حادثة معادية للمسلمين، إلى جانب تعزيز الأمن في المساجد والمراكز المجتمعية. الاستثمار في هذه الجهود يعزز قدرة المسلمين على المشاركة الكاملة في الحياة العامة بسلام وأمان، ويشكل خطوة نحو تعزيز قيم المساواة والعدالة وإعادة بناء الثقة بين المجتمع والمسؤولين.
المصدر : الغارديان
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
