ثمانون ألفًا تحت المطر في لندن رفضًا لتجويع غزة

خرج أكثر من 80 ألف متظاهر إلى شوارع لندن يوم السبت متحدّين الأمطار، في رسالة احتجاج واضحة ضد استمرار دعم الحكومة البريطانية للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة. وطالب المشاركون بوقف المجازر الجماعية ورفع الحصار والتجويع القسري الذي يتعرض له الفلسطينيون منذ أكثر من 21 شهرًا من القصف المتواصل.
صوت غزة في قلب لندن: “لن نصمت”
دعا المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، بالشراكة مع التحالف المتضامن مع فلسطين، إلى تنظيم هذه المظاهرة، التي عُدّت من بين أكبر المسيرات في التاريخ البريطاني الحديث. وهتف المشاركون بصوت واحد: “لننصمت”، في إشارة إلى رفضهم للصمت الدولي تجاه الإبادة التي يتعرض لها سكان غزة.
وعلى منصة الخطابات في شارع “وايتهول”، اعتلى الجراح الفلسطيني المقيم في بريطانيا، الدكتور محمد مصطفى، المنصة مرتديًا ملابس العمليات الطبية الملطخة بالدماء التي كان يرتديها أثناء علاجه للمصابين في غزة. وقال أمام الجماهير:
“تحملهذهالملابسدماءمنلمأستطعإنقاذهم؛نساءً،أطفالًا،ومرضىلنأنسىأسماءهمماحييت. أرتديهاهنالأنهملميعودواقادرينعلىالكلام… ويجبأنيتحدثأحدباسمهم.”
وأضاف:
“مُنعتمندخولغزة،ليسبسببعمليالطبي،بللأنيقلتالحقيقة. لكنهملنيستطيعواإسكاتصوتي،واليومأرفعهباسمغزة،باسممنيصمد،وباسممنقضىولميُذكر.”
وأشار الدكتور مصطفى إلى مقتل أحد أقاربه بالرصاص أثناء انتظاره في طابور لتوزيع الغذاء، قائلاً:
“لميكنيحملسلاحًا،ولميكنفيساحةمعركة،كانفقطيريدإطعامأطفاله. هذهليستمأساة،بلسياسةممنهجة.”
مواقف متضامنة ورسائل حاسمة للحكومة البريطانية
ومن جانبه، قال فارس عامر، ممثل المنتدى الفلسطيني في بريطانيا:
“شاركالمنتدىاليومفيواحدةمنأكبرالمسيراتفيالتاريخالحديث،احتجاجًاعلىاستمرارسياسةالتجويعبحقالفلسطينيين. نطالبالحكومةالبريطانيةبوقفتصديرالسلاحللاحتلال الإسرائيلي،وبذلكلمافيوسعهالوقفهذهالإبادةالجماعية.”
وشهدت التظاهرة مشاركة واسعة من شخصيات سياسية ونقابية وفنية، من بينهم: جيريمي كوربن، ريتشارد بورغن، زوي غاربت، ليان محمد، جو غريدي (اتحاد الجامعات)، ستيف أودونيل (يونيت)، جين بريستر، نادين شاه، السفير حسام زملط، أحمد الدين، روث لوكوم (الكتلة اليهودية)، وآخرون.
وتحدثت رغد تكريتي، ممثلة عن الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB)، مشيرة إلى أوجه الشبه بين ما يجري في غزة ومجزرة البوسنة والهرسك التي أحيا العالم ذكراها الثلاثين قبل أيام، وقالت:
“عبارة ‘لنيتكررذلكمجددًا’ تحوّلتإلىكذبة. لقدتحطّمتتحتالقنابلالتيتنهالعلىغزة،وتحتصمتالعالمالذييحميالجناة… هذهالحكومةأسرعفيمعاقبةفنانمنإدانةالمقابرالجماعية.”
وأضافت:
“سيأتييومالحساب،لكلمسؤولوافقعلىتصديرالسلاح،ولكلوسيلةإعلامشوّهتالحقيقة،ولكلحكومةوفّرتالغطاءالسياسيللإبادة.”
أما أحمد بكر، الممرض الفلسطيني والناشط، فأحيا ذكرى 1580 من العاملين في القطاع الصحي الفلسطيني الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية، قائلاً:
“هؤلاءهمأبطالي… قدوتي. أشعربالفخرلأننيزاملتهم،وبالمرارةلأنهماغتيلواأمامأعينالعالم.”
كما وجهت الناشطة البريطانية من أصول فلسطينية، ليان محمد، رسالة مؤثرة للحشود، قالت فيها:
“جئنااليوملنرثيالآلافالذينقُتلوا،ولنكرّمشجاعةمنبقواعلىقيدالحياة. لكنناجئناأيضًا لنطالببالتحرك،لأنالصمتتواطؤ،وصمتبريطانيايصمّالآذان. إنلميتحدثقادتنا،فنحنسنعلوبأصواتنا.”
ووجّه المشاركون رسالة إلى الحكومة البريطانية أدانوا فيها استمرار بيع الأسلحة للاحتلال، واستقبال قائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، في لندن قبل أيام فقط من المظاهرة. وقال إسماعيل باتل، مؤسس منظمة “أصدقاء الأقصى”:
“هذهليستحربًا خرجتعنالسيطرة،بلإبادةمدبّرةومقصودة… يريدونلناأننصمت،لأنهميخشونقوةأصواتنا.”
وتُعدّ هذه التظاهرة جزءًا من أطول سلسلة احتجاجات متواصلة في التاريخ البريطاني الحديث، إذ تتجدد المسيرات في لندن كل بضعة أسابيع منذ أكتوبر 2023، في تعهّد جماهيري واضح بالاستمرار حتى تتحقق العدالة للفلسطينيين في غزة.
إذ إنّ الصمت السياسي والإعلامي في وجه هذه الجرائم لا يمثل فقط تواطؤًا، بل يعكس أزمة أخلاقية عميقة داخل مؤسسات الحكم والمجتمع الدولي. والاحتجاجات التي نشهدها في لندن وغيرها من العواصم الغربية تؤكد أن الشعوب قادرة على قلب المعادلات حين تتحرك بقوة، وأن العدالة للفلسطينيين لم تعد قضية هامشية، بل باتت في صلب الضمير الإنساني العالمي.
في منصة العربفيبريطانيا، نرى أن استمرار الحراك الشعبي بهذا الزخم يمثل بارقة أمل، ورسالة إلى صانعي القرار بأن المحاسبة قادمة، مهما طال الزمن.
اقرأ أيضًا
الرابط المختصر هنا ⬇