العرب في بريطانيا | ثروتك أمانة، فهل تجعلها وقودًا لإبادة جماعية؟

1447 صفر 22 | 17 أغسطس 2025

ثروتك أمانة، فهل تجعلها وقودًا لإبادة جماعية؟

مقالArtboard-2-copy-2_2 (3)
معاذ المصري July 24, 2025

في الإسلام، نؤمن بأن ثروتنا ليست ملكًا خالصًا لنا. ولهذا السبب، لا يمكننا أن نسمح باستخدامها وقودًا لإبادة جماعية.

يقول الله تعالى: “آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ” [الحديد: 7].

الآية واضحة تمامًا: أنت لست إلا مؤتمنًا على هذا المال، ومستخلفًا فيه.

لا يهم إن كنت تعتقد أن أفعالك قادرة على وقف الإبادة الجماعية أم لا، فالـ”نتيجة” ليست سوى جزء من سبب تحركك، أما الجزء الآخر فهو “سلامة المبدأ”.

لنأخذ مثالًا: مدير أي شركة مسؤول عن ضمان استخدام أموال شركته بطريقة مسؤولة وقانونية.

وهذا يعني الإشراف على:

  1. الإنتاج: لا يمكن للشركة أن تكسب المال بوسائل غير مشروعة.
  2. الاستهلاك: لا يمكن استخدام المال لشراء منتجات من السوق السوداء، مثلًا.
  3. الاستثمار: لا يمكن استثمار المال في مخططات احتيالية.

كأفراد، علينا أن نتحلى بنفس القدر من المسؤولية وسلامة المبدأ.

وفي الإسلام، كون النشاط “قانونيًا” شرط ضروري، لكنه غير كافٍ ليكون “مشروعًا” — بل يجب أن يندرج أيضًا ضمن حدودنا الأخلاقية.

وهذا يعني أننا بحاجة إلى طرح أسئلة صعبة على أنفسنا:

  1. الإنتاج: ما هو الموقف الأخلاقي للشركات التي نعمل بها ونكسب رزقنا منها؟
  2. الاستهلاك: ما هو الموقف الأخلاقي للشركات التي نشتري منتجاتها؟
  3. الاستثمار: من وماذا ندعم باستثماراتنا؟

أما الحجة القائلة: “مقاطعتي لن تُحدث فرقًا”، فهي حجة واهية.

فمدير الشركة لا يتجنب التعامل مع شركات غير مشروعة بهدف إفلاسها فقط، بل من منطلق “المبدأ”.

يفعل ذلك لحماية نزاهة وسمعة شركته. وهكذا يجب أن نفعل نحن أيضًا.

لكل شخص ظروفه الخاصة، وربما لا يمكننا تجنب جميع الشركات التي لا تتماشى مع مبادئنا بالكامل. وهذا مفهوم.

لكن عندما يوجد بديل حقيقي، فلا عذر لنا.

نحن لا نخسر شيئًا عندما يتوفر البديل. كل ما علينا هو تحمّل عناء بسيط للانتقال إليه.

هذا هو أقل ما يمكننا فعله، بينما هناك أناس يموتون جوعًا بالمعنى الحرفي. وهم كذلك فعلًا.

دائمًا ما ننظر إلى مآسي التاريخ وبعض الأشخاص والشركات المتواطئة فيها، ونقول: “كيف أخطؤوا إلى هذا الحد؟ لو كنت حيًا آنذاك، لتصرّفت بشكل مختلف”.

نحن نعيش حدثًا مأساويًا “اليوم”. فهل نحن مختلفون؟ هل نحن أفضل؟

اليوم، في عام 2025، نشاهد إبادة جماعية تُبث على الهواء مباشرة. نرى كيف يُستخدم الغذاء سلاحًا في الحرب.

لا تأخذوا كلامي كأمرٍ مسلّم به. بل استمعوا لكلام دول مثل بريطانيا وفرنسا و26 دولة أخرى أصدرت بيانًا مشتركًا تتهم فيه حليفتها بقتل المدنيين، وبتقديم المساعدات “بالتقطير”، واستمعوا لتصريحات خبراء دراسات الإبادة — وبعضهم، مثل عمير بارتوف، يوجّه الاتهام ضد بلده وجيشه الذي خدم فيه.

هناك شركات تمكّن هذه الإبادة، ليس فقط عبر توريد الأسلحة، بل من خلال الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة السحابية أيضًا.

هذا الموقف لن يصمد أمام اختبار الزمن.

فهل ستصمد أفعالنا نحن؟

أم سنطأطئ رؤوسنا خجلًا عندما يسألنا أطفالنا وأحفادنا عمّا حدث؟

تبرع غزة

 


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
9:47 am, Aug 17, 2025
temperature icon 19°C
clear sky
68 %
1025 mb
10 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 0%
Visibility 10 km
Sunrise 5:49 am
Sunset 8:20 pm

آخر فيديوهات القناة