تييري بريسيلون: مخطط ترامب لغزة.. خدعة التهجير الطوعي في المشروع الصهيوني
أوضح الكاتب تييري بريسيلون في مقاله على “ميدل إيست آي” أن ما يُسمى بخطة “تطهير” غزة تتماشى مع النهج الصهيوني الطويل الأمد، ولا سيما مع الأهداف التي حددها اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اقترح يوم الأحد نقل مليون ونصف مليون فلسطيني من غزة إلى الأردن أو مصر ضمن خطة “التطهير العرقي”، في حين أن مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اقترح نقل جزء من السكان إلى إندونيسيا.
وأضاف بريسيلون: إن وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف السابق، إيتمار بن غفير، سارع إلى تأييد اقتراح ترامب، منبّهًا إلى أن “الهجرة الطوعية” يجب أن تكون جزءًا من السياسة الإسرائيلية، قائلًا: “عندما يطرح رئيس أعظم قوة في العالم، ترامب، هذه الفكرة شخصيًّا، فإن الأمر يستحق أن تنفذها الحكومة الإسرائيلية”.
التهجير وسيلة للاستعمار
وأشار الكاتب إلى أن هذه الخطة تتماشى مع أهداف الحرب التي حددها اليمين الإسرائيلي، حيث تسعى إلى إفراغ غزة من سكانها؛ تمهيدًا لمشاريع الاستعمار اليهودي وتحويل القطاع إلى مركز تقني مستقبلي كما يحلم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأضاف: إن هذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها مقترح “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، فقد كرر بن غفير في الـ20 من ديسمبر/كانون الأول دعوته إلى تشجيع الفلسطينيين على المغادرة من أجل إعادة استعمار الأراضي التي انسحب منها الاحتلال عام 2005.
ذريعة الأمن الإسرائيلي
وأوضح بريسيلون أن بن غفير يرى في التهجير “ضرورة لأمن إسرائيل”، بل إنه يعتبره “حلًّا أفضل” لسكان غزة، حيث صرح قائلًا: “غزة غير صحية في حين تحتاج دول أخرى إلى عمال، سيكونون أفضل حالًا هناك”. ولفت إلى أن هذه التصريحات ليست جديدة، فقد قدم بن غفير في مايو 2024 اقتراحه بوصفه “حلًّا إنسانيًّا”، معتبرًا أن “تشجيع المغادرة الطوعية” أمر “أخلاقي وعقلاني وصحيح”.
وفي السياق نفسه، أشار الكاتب إلى أن النائب الإسرائيلي تسفي سوكوت ذهب أبعد من ذلك، حين قال: “إذا كانت دول العالم تهتم بسكان غزة، فعليها استقبالهم”، مقترحًا أن تأخذ جنوب إفريقيا سكان مخيم جباليا.
التطهير العرقي بوصفه سياسة رسمية
أكد بريسيلون في مقاله أن هذه الأفكار ليست جديدة، بل تعود إلى جذور الصهيونية. واستشهد بتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في ديسمبر/كانون الأول 2023، الذي قال بصراحة: “إذا كان هناك في غزة 100 آلاف أو 200 ألف فلسطيني بدلًا من مليوني عربي، فإن النقاش حول ‘اليوم التالي’ سيبدو مختلفًا تمامًا”.
وأضاف: إن نتائج استطلاع رأي أُجري في أوائل عام 2024 كشفت أن 76 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، ما يعكس مدى رسوخ فكرة “التطهير العرقي الناعم” في العقلية الإسرائيلية.
“الهجرة الطوعية”.. مفهوم زائف
أوضح بريسيلون أن مصطلح “الهجرة الطوعية” يبدو وكأنه خدعة لغوية، وبخاصة في ظل العنف والتجويع المنهجي الذي يتعرض له سكان غزة. وأكد أن هذه الفكرة مستمدة من الفكر الاستعماري الصهيوني منذ بداياته، حيث كان القادة الصهاينة يرون في الوجود العربي عقبة يجب إزالتها.
واستشهد الكاتب بما قاله إسرائيل زانغويل، أحد أوائل منظّري الصهيونية في بريطانيا، عام 1916: “إخراج العرب من فلسطين شرط مسبق لتحقيق الصهيونية”. كما أشار إلى أن ديفيد بن غوريون كتب في 1918 أن الفلسطينيين يمكن أن ينتقلوا إلى أماكن أخرى، وهو النهج الذي تبناه لاحقًا العديد من القادة الإسرائيليين.
سياسة الأمر الواقع.. فرض التهجير بالقوة
نبّه بريسيلون إلى أن القادة الصهاينة لم يقصدوا بالهجرة “الطوعية” خيارًا حرًّا للفلسطينيين، بل سعوا إلى إيجاد ظروف لا تترك لهم أي بديل سوى المغادرة. وأوضح أن هذا النهج بلغ ذروته عام 1937 عندما اقترحت لجنة بيل البريطانية تقسيم فلسطين مع نقل السكان العرب خارج المناطق المخصصة لليهود.
وأضاف: إن الصهاينة استخدموا وسائل متعددة لإجبار الفلسطينيين على الرحيل، مثل فرض الضرائب الباهظة، ومصادرة الأراضي، وإيجاد ظروف معيشية مستحيلة. وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية لا تزال تُطبق اليوم عبر تدمير البنية التحتية في غزة وتجويع السكان، ما يجعل فكرة “المغادرة الطوعية” تبدو خيارًا وحيدًا.
مخطط ترامب.. امتداد للنهج الصهيوني
اختتم بريسيلون مقاله بالإشارة إلى أن مقترح ترامب لا يختلف كثيرًا عن المخططات الصهيونية السابقة، حيث إنه يسعى في جوهره إلى فرض التهجير القسري على الفلسطينيين تحت ستار “الهجرة الطوعية”. وأكد أن هذا الطرح ليس مجرد اقتراح سياسي، بل يعكس استراتيجية استعمارية تستهدف إعادة رسم الخريطة الديموغرافية للمنطقة لمصلحة المشروع الصهيوني.
وأنهى حديثه قائلًا: “بينما يحاول قادة إسرائيل تسويق فكرة الهجرة الطوعية بوصفها حلًّا إنسانيًّا، فإن الواقع يكشف أنها ليست سوى استمرار لسياسة التطهير العرقي التي بدأت مع تأسيس الصهيونية ولا تزال قائمة حتى اليوم”.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇