تورط لورد بريطاني في الضغط لحظر “بال أكشن” بطلب من شركة أمريكية
أعرب ضابط شرطة عن قلقه إزاء محاولة رئيس الجيش السابق، وهو مستشار لدى شركة Teledyne، التدخل في تحقيق حول هجوم على مصنع.
حثّ عضو في مجلس اللوردات الوزراء على اتخاذ إجراءات صارمة ضد مجموعة Palestine Action، بناءً على طلب من شركة دفاع أمريكية يعمل لديها كمستشار. ريتشارد دانات، القائد السابق للجيش البريطاني، وجّه رسائل خاصة إلى وزيرين في وزارة الداخلية طالبًا منهما معالجة “التهديد” الذي تمثّله المجموعة، وذلك بعد استهداف ناشطيها مصنعًا في عام 2022.
وقد ألحق الناشطون أضرارًا جسيمة بالمصنع الذي تديره شركة Teledyne، وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات متخصصة في تكنولوجيا الاستخدامات العسكرية والفضائية وغيرها. وكان اللورد دانات يشغل منصب مستشار مدفوع الأجر لدى الشركة منذ عام 2022. وأثار تدخّل دانات في أعقاب الهجوم على المصنع في ويلز مزاعم استُعرضت لاحقًا في المحكمة، تفيد بأن اللورد كان “يسعى للتأثير” على التحقيق الجنائي الذي أجرته الشرطة بشأن ناشطي Palestine Action.
اللورد دانات يواجه تحقيقًا برلمانيًا بسبب مزاعم ضغط لصالح شركة مرتبطة بإسرائيل
ووفقًا لشهادات قُدّمت خلال محاكمة إحدى الناشطات، فقد حذر ضابط الشرطة المسؤول عن التحقيق مسؤولي شركة Teledyne من أن “من غير الحكمة أن يتدخل عضو في مجلس اللوردات في قضية جنائية لا تزال قيد التحقيق”.
ونفى دانات علمه بتلك الرسائل أو بالمداولات التي جرت خلال المحاكمة، ووصف المزاعم بأنها “لا أساس لها”.
ومع ذلك، فإن تصرفاته بالنيابة عن الشركة تُظهر مدى أهمية وجود عضو في مجلس اللوردات كمستشار للشركات الراغبة في التأثير على السياسات الحكومية.
وقد جلس دانات، البالغ من العمر 74 عامًا، في مجلس اللوردات منذ عام 2011، وهو يخضع حاليًا لتحقيق من قبل سلطات المجلس في إطار مزاعم مزدوجة بانتهاكه القواعد البرلمانية التي تحظر ممارسة الضغط السياسي. وتعود إحدى المزاعم إلى تصوير سري أجرته صحيفة الغارديان.
وقد أنكر دانات هذه المزاعم، مؤكدًا: “أنا مطّلع جيدًا على قواعد السلوك في مجلس اللوردات، ودائمًا ما تصرفت وفقًا لمبادئي وقيمي”.
وفي يوليو من هذا العام، أعلنت الحكومة البريطانية حظر مجموعة Palestine Action، بدعوى تورطها في أنشطة إرهابية. في المقابل، اعتبر مؤيدو المجموعة أن القرار “سخيف واستبدادي”. وتقوم المجموعة حاليًا بالطعن في قانونية الحظر أمام القضاء.
دور مثير للجدل للورد دانات في قضية نشطاء فلسطين
قبل عامين، أُدين 4 ناشطين بتهمة التآمر لإلحاق أضرار بمصنع Teledyne في بلدة بريستين في ويلز، بعد اقتحامهم المنشأة احتجاجًا على بيع معدات عسكرية لإسرائيل. وقد قاموا بتحطيم النوافذ وشاشات الحواسيب، وثقبوا السقف، ورشّوا طلاءً أحمر، وأطلقوا قنابل دخانية. وأبلغ الادعاء المحكمة أن الأضرار تجاوزت مليون باوند. وقضت المحكمة بسجن الناشطين لفترات تتراوح بين 23 و27 شهرًا.
في حين أقرّ 3 من المتهمين بالذنب، اختارت الناشطة الرابعة المثول أمام المحكمة. وقد حصلت صحيفة الغارديان على نصوص محاكمتها، والتي كشفت عن مزاعم تفيد بأن دانات سعى للتدخل في تحقيق الشرطة بشأن العملية.
وفي 19 ديسمبر 2022، بعد عشرة أيام فقط من اقتحام المصنع، بعث الرقيب أليكس ستيوارت، من شرطة Dyfed-Powys ، وهو المسؤول عن التحقيق، رسالة إلكترونية إلى 4 من رؤسائه. وأوضح في الرسالة أنه تحدّث مع المديرة العامة لمصنع Teledyne في بريطانيا، والتي أخبرته بأن مسؤولًا بارزًا من الشركة في الولايات المتحدة “تحدّث إلى اللورد ريتشارد دانات بشأن مجموعة Palestine Action”.
وكتب ستيوارت: “اللورد دانات هو القائد السابق لأركان الجيش، ويشغل حاليًا مقعدًا دائمًا في مجلس اللوردات. وله مصلحة شخصية في هذا الجانب من التجارة والاستثمار في بريطانيا، خصوصًا في ما يتعلق بالمشاريع العسكرية. وبشكل أساسي، تمّت الإشارة إلى أنه يرغب في فهم هذه القضية وأن يكون له رأي فيها. ولم يُوضّحوا بالضبط ما الذي يريده، لكنني أبلغتهم أن من غير الحكمة أن يتدخل عضو في مجلس اللوردات في قضية جنائية قيد التحقيق”.
وأضاف: “أوضحت لهم أنه ينبغي عليهم تحديد ما الذي يريده اللورد دانات”. وأشار إلى أنه إذا كان دانات قلقًا من الناحية العامة بشأن أساليب Palestine Action، فعليه أن يتواصل مع قيادات شرطية على المستوى الوطني. “ليس من الملائم له أن يُجري نقاشًا مباشرًا مع فريق التحقيق بالطريقة التي أعتقد أنه يرغب بها”.
توترات متصاعدة بين الشرطة وشركة تسليح بعد اقتحام مصنع في ويلز
وفي وقت لاحق من نفس اليوم، ردّ كبير مفتشي المباحث على ستيوارت قائلًا: “القائد العام على علم بالقضية وقد تلقى تحديثًا عنها. ومن حق اللورد دانات أن يتواصل مع الشرطة في ما يتعلق بمسائل تثير قلقه، لكن ذلك لا يعني أن هذه المسائل ستُقابل بالاستجابة التي يرغب بها”. وخلال المحاكمة الجنائية في مايو 2023، سأل المحامي جيمس مانينغ، المدافع عن أحد المتهمين، الضابط ستيوارت إن كان يشعر بالقلق من محاولة دانات التدخل في التحقيق، فأجاب: “نعم، إلى حد ما”.
وسأله مانينغ: “هل رأيت أن هذا التصرف غير مناسب؟ وهل أبلغت شركة Teledyne بذلك؟” فأجاب ستيوارت: “نعم”.
لكن المدعية العامة، إلين أوين، أبلغت المحكمة أنه “لا يوجد أي دليل على الإطلاق” يشير إلى محاولة دانات “التأثير” على التحقيق. وأضافت: “كان فقط يطلب معلومات، وسلسلة الرسائل الإلكترونية تُظهر بوضوح أن الشرطة قررت أنه من غير المناسب التواصل معه، وانتهى الأمر عند هذا الحد”.
وقد وافق القاضي ريس رولاندز على أن دانات ليس ذا صلة بالقضية، ولا يوجد ما يدل على تدخله. وقد استند حكمه إلى ما إذا كان ينبغي السماح باستجواب الضابط بشأن قلقه. وسمح بطرح الأسئلة، لكنه قرر حجب اسم دانات عن المحكمة.
من جانبه، وصف دانات هذه المزاعم بأنها “بلا أساس”، مشيرًا إلى أن القاضي اعتبر “أنه لم يكن له علاقة بالمحاكمة”. وأضاف أن المديرة العامة ربما حاولت استغلال اسمه لدعم موقفها. ولم ترد شركة Teledyne أو المديرة العامة على طلب الغارديان للتعليق.
شركة تسليح تواجه تحديات متزايدة إثر نشاطات احتجاجية مستمرة
في 22 ديسمبر 2022، عقد دانات اجتماعًا افتراضيًا مع المديرة العامة للمصنع ومسؤول رفيع آخر من شركة Teledyne. وأكد للغارديان أن الشركة “اتصلت بي وطلبت مساعدتي لرفع مخاوفها إلى الحكومة بشأن الهجمات على منشآتها”. وأضاف: “عرضوا عليّ تفاصيل هجمات Palestine Action، ووافقت بعد ذلك على إرسال رسالة إلى وزيرة الداخلية”.
وفي الرسالة، أشار دانات بوضوح إلى دوره كمستشار مدفوع الأجر للشركة، وقال إنه يعتقد أن “التهديد من Palestine Action له تداعيات واسعة على الأمن والاقتصاد في بريطانيا”. وجّهت الرسالة إلى سويلا برافرمان، تحت عنوان “الجنرال اللورد دانات GCB CBE MC DL”، وصيغت على ورق مجلس اللوردات الرسمي. واستعرض دانات فيها تفاصيل أنشطة مجموعة Palestine Action ضد مصنع Teledyne، إضافة إلى مصنع آخر تديره شركة أسلحة في إدنبرة.
وكتب يقول: “إن البطء الذي يتعامل به النظام القضائي البريطاني مع اتخاذ إجراءات ضد المتورطين في التعدي والتخريب المرتبط بما يسمّى ‘العمل المباشر’، ساهم في تشجيع Palestine Action على الاستمرار وتوسيع جهودها لتجنيد أفراد مستعدين لارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون”. وأضاف أنه سيكون “ممتنًا لتلقي تأكيد بأن التهديد الذي تمثله Palestine Action يُؤخذ على محمل الجد من قبل الأجهزة الأمنية، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة أو تم التخطيط لها”. وأشار إلى أنه “تعهّد بإبلاغ مجلس إدارة Teledyne الرئيسي في الولايات المتحدة بأن التهديد الذي تمثله Palestine Action تتم معالجته بشكل ملائم داخل بريطانيا”.
وفي سبتمبر 2024، تواصل دانات مع الحكومة مرة أخرى عقب “استمرار الهجمات على منشآت Teledyne وطلب الشركة منه نقل مخاوفها مرة أخرى”.
وفي رسالة موجهة إلى دان جارفس، وزير الأمن من حزب العمال، كرّر دانات الإفصاح عن دوره، وتحت العنوان الرسمي نفسه، قال إنه سيكون “ممتنًا لتلقي تأكيد من الحكومة الحالية بأن التهديد المستمر من Palestine Action لا يزال معترفًا به من قبل الأجهزة الأمنية، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنه”.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :
تكشف قضية تدخل اللورد ريتشارد دانات، القائد السابق للجيش البريطاني ومستشار شركة دفاع أمريكية، في تحقيقات جنائية بريطانية، عن تحديات حقيقية تواجه نزاهة مجلس اللوردات وشفافية العمل البرلماني. إذ يشكل وجود أعضاء في المجلس لهم مصالح مباشرة مع شركات تسعى للتأثير على السياسات الحكومية مسألة جدية تستوجب إعادة النظر في آليات الرقابة والمساءلة.
من جهة أخرى، يسلط الحظر الحكومي على مجموعة Palestine Action تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الضوء على جدل واسع حول التوازن بين ضمان الأمن الوطني واحترام حق التعبير والاحتجاج السلمي، وهو حق يكفله النظام الديمقراطي لأي مواطن. في ظل هذه التطورات، تبرز الحاجة الملحة لوضع قواعد واضحة تمنع استغلال النفوذ البرلماني لصالح مصالح خاصة، ولحماية حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم.
ما رأيكم أنتم؟
كيف ترون دور أعضاء مجلس اللوردات في الحفاظ على الشفافية والنزاهة؟
شاركونا آرائكم في التعليقات.
المصدر : الغارديان
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
19°C
