تقرير: نظام الرعاية الصحية في إنجلترا يعقّد معاناة المرضى بدلًا من تخفيفها

حذّر تقرير رسمي صادر عن هيئة التحقيق في سلامة الخدمات الصحية في بريطانيا (HSSIB) من أن تعقيدات نظام الصحة والرعاية في إنجلترا تدفع المرضى ومُقدّمي الرعاية إلى الإرهاق والانهيار، وليس هذا فحسب، بل تعرّضهم لأضرار جسدية ونفسية مباشرة. وخلص التقرير إلى أن غياب التنسيق بين مؤسسات هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) ومقدمي خدمات الرعاية يُفاقم معاناة المصابين بأمراض مزمنة، الذين يُشكّلون نسبة كبيرة من السكان.
وبحسَب التقرير، فإن 41 في المئة من البالغين و17 في المئة من الأطفال في إنجلترا يعانون من حالات صحية مزمنة واحدة على الأقل، إلا أن النظام الصحي المعقّد يُصعّب عليهم الوصول إلى الرعاية، ما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم، وتأخر العلاج، أو حتى نسيان بعض الحالات، وهو ما قد يفضي إلى الحاجة إلى تدخلات أكثر تكلفة أو فترات أطول من الإقامة في المستشفى.
تدهور صحة المرضى النفسية والجسدية
ونقل التقرير شهادات مؤثرة لمرضى ومُقدّمي رعاية وصفوا شعورهم بالإرهاق، وخيبة الأمل، والغضب، وفقدان الثقة بنظام يُفترَض أنه وُجِد لخدمتهم. وأفاد بعضهم بأنهم اضطروا إلى الانسحاب كليًّا من متابعة العلاج؛ بسبب التعقيدات المستمرة، ما يُهدّد بتدهور إضافي في حالتهم الصحية.
وأوضح التقرير أن المرضى يُجبرون على إعادة سرد تاريخهم الصحي مرارًا وتكرارًا لمُقدّمي الرعاية المختلفين، في ظل غياب نظام مُوحَّد لتبادل المعلومات بين الجهات الصحية والاجتماعية. وقد وصف التقرير هذا الخلل بأنه سبب مباشر في تدهور الصحة النفسية والجسدية للمرضى، الذين يُتركون لتدبّر أمرهم دون دعم فعّال.
كبير المحققين في هيئة (HSSIB)، نيل ألكسندر، أشار إلى أن الرعاية الطويلة الأمد “معقّدة بطبيعتها”، لكنه نبّه إلى أن غياب التنسيق يجعل النظام نفسه عبئًا على المرضى بدلًا من أن يكون عونًا لهم. وقال: “القصص التي استمعنا إليها تكشف عن ألم حقيقي: مشاعر الغضب، والحزن، والخذلان من نظام شعر كثيرون بأنه يعاندهم بدلًا من أن يساعدهم. الحلّ يبدأ بتوفير رعاية منسّقة وشخصية، والتقليل من العبء الإداري عن المرضى ومرافقيهم”.
ودعت الهيئة إلى تعزيز قدرات الكوادر العاملة في مجال الصحة والرعاية، وتعيين نقطة اتصال واضحة ومباشرة للمرضى ومقدّمي الرعاية؛ لتسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات.
نظام يعاني من ثغرات في الرعاية
وأثار التقرير أيضًا مخاوف بشأن فجوات كبيرة في خدمات الرعاية خارج ساعات العمل، حيث لا يتوفّر لمُقدّمي الخدمة ما يكفي من المعلومات للتعامل مع الحالات الطارئة أو المعقّدة، ما يُفاقم من احتمالات التأخير أو الخطأ في الرعاية.
كما أشار التقرير إلى تفاوت كبير في تنفيذ دور “منسق الرعاية في NHS”، وهو الدور المفترض أن يضمن المتابعة المنتظمة للحالات المزمنة، داعيًا الحكومة إلى تطوير هذا الدور ليكون أكثر فعالية وشمولية.
وفي أول تعليق رسمي، قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: إن الحكومة الحالية “ورثت نظامًا صحيًّا متدهورًا”، لكنها تعهدت بتطويره ليخدم مصالح الجميع، ولا سيما الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. وأضاف متحدث باسم الوزارة: إن خطط إنشاء “مراكز صحية مجتمعية” ستُمكِّن المرضى من تلقّي مختلف أشكال الرعاية في موقع واحد داخل أحيائهم، بما يُسهّل المتابعة ويُقلّل التعقيدات الإدارية.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇