تقرير: ثلث أطباء NHS مرهقون لدرجة تؤثر على علاج المرضى

أظهرت نتائج تقرير جديد أن نحو ثلث الأطباء في هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS) يعانون من مستوى عالٍ من الإرهاق لدرجة أن قدرتهم على تقديم الرعاية الطبية للمرضى تأثرت بشكل ملحوظ.

الدراسة تكشف عن تفاقم الأزمة الصحية في المملكة المتحدة، التي تفاقمت بسبب نقص الموظفين وزيادة الطلب على الرعاية الصحية في أعقاب جائحة كوفيد-19.

إرهاق الأطباء: تأثيرات بعيدة المدى على سلامة المرضى

بحسب مسح أُجري على 500 طبيب عبر المملكة المتحدة، أقر 35% من الأطباء بأن التعب الشديد قد أثر على قدرتهم في تقديم الرعاية الصحية بشكل مناسب. هذا الرقم يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالعام 2022، حيث كان 26% من الأطباء فقط يشعرون أن الإرهاق قد عطل قدرتهم على تقديم العلاج. يعكس هذا التحول الخطير ضغوط العمل المستمرة والتي تضع حياة المرضى في خطر.

في هذا السياق، أشار تقرير “الاتحاد الطبي للدفاع” (MDU) إلى أن الإرهاق المتزايد للأطباء يتسبب في مشاكل صحية ونفسية خطيرة لهم، بما في ذلك فقدان التركيز، وفقدان الذاكرة، وزيادة الأخطاء الطبية. وبحسب الاستطلاع، كان 69% من الأطباء يعانون من تأثيرات الإرهاق الشديد على عملهم، بينما أكد 26% منهم أن هذا الإرهاق تسبب في ضرر أو شبه ضرر لأحد المرضى.

زيادة معدلات التعب: تحديات مستمرة في نظام NHS

على الرغم من الجهود المبذولة لتخفيف الضغوط على الأطباء، إلا أن معدلات التعب تواصل الارتفاع. في عام 2022، كان نحو 9% من الأطباء يشعرون بنقص شديد في النوم على أساس يومي أثناء العمل، بينما في عام 2025 ارتفعت هذه النسبة إلى 22%. في الوقت نفسه، قال 22% من الأطباء إن التعب أثر على قدراتهم التقنية، مما يزيد من قلق السلطات الصحية حول سلامة المرضى.

أطباء NHS يعانون من ساعات العمل الطويلة، ونقص الكوادر، وضغوط إضافية على نظام الرعاية الصحية الذي لم يستطع التعافي من تراكم الأعمال الذي تفاقم بسبب جائحة كوفيد-19. هذه الظروف تجعل من الصعب على الأطباء تقديم رعاية طبية آمنة وفعالة، وهو ما يعكس تدهور الوضع الصحي في بريطانيا.

حالات خطيرة: الأخطاء الطبية الناجمة عن الإرهاق

وفقًا للدراسة، وُثقت 69 حالة ناتجة عن الإرهاق الشديد كان لها تأثير مباشر على سلامة المرضى. وشهد عام 2025 زيادة كبيرة في عدد الحالات مقارنة بعام 2022، حيث تم الإبلاغ عن 40 حالة متأثرة بالإرهاق، سبع منها تسببت في أضرار مباشرة للمرضى.

وتحدث أحد الأطباء في التقرير عن تجربته الشخصية، حيث أقر بأنه فاتته منطقة صغيرة من الهواء في صورة أشعة سينية لصدر أحد المرضى بسبب الإرهاق، مما أدى إلى تأخير تشخيص ثقب في الأمعاء. وقال: “لا أريد أن أبرر ما حدث، لكنني متأكد أنني لو كنت في حالة أفضل، لما ارتكبت هذا الخطأ.”

تسعى الجمعيات الطبية مثل “الأطباء في الضيق” إلى تغيير السياسات المتعلقة بفترات الراحة للأطباء، مؤكدة على ضرورة إعطاء الأولوية للراحة الجسدية والنفسية للممارسين الطبيين. سوزانا باسيلي، الرئيس التنفيذي المؤقت للجمعية، دعت إلى توفير بيئة عمل تحترم وقت الاستراحة، بما في ذلك فترات نوم كافية، لحماية الأطباء من الإرهاق المفرط.

وأوضحت باسيلي أن “إعطاء الأطباء فرصة للاستراحة المناسبة مهم للغاية لضمان تقديمهم لأعلى مستوى من الرعاية الصحية. ويجب أن يتم احترام هذه الفترات بصرامة في جدول العمل لضمان راحة الأطباء.”

الحكومة أمام اختبار حاسم: هل سيتحسن الوضع؟

أدى هذا الوضع المتفاقم إلى مطالبات متزايدة من الأطباء والجمعيات المهنية بضرورة توفير موارد كافية لضمان أن الأطباء يمكنهم أخذ فترات استراحة منتظمة دون التأثير على جودة الرعاية الصحية. الحكومة البريطانية أقرت بأن الأطباء يعانون من ضغط عمل متزايد منذ سنوات، وأكد متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن النظام الصحي في بريطانيا “يعاني من بنية تحتية متهالكة”، وهو ما يزيد من صعوبة عمل الأطباء.

وأعلنت الحكومة عن خطط لتقديم إصلاحات في النظام الصحي لتحسين الظروف للممارسين الطبيين. وقال المتحدث باسم الوزارة: “من خلال استثماراتنا وإصلاحاتنا، نسعى لتحويل هيئة الصحة الوطنية إلى مكان أفضل للعمل حيث يمكن للموظفين تقديم خدمة عالية الجودة للمرضى. نُخطط أيضًا لإصدار خطة طموحة للتوسع في القوى العاملة في NHS خلال الصيف المقبل.”

الأزمة المستمرة التي يواجهها الأطباء في هيئة الصحة الوطنية البريطانية تدق ناقوس الخطر بشأن سلامة المرضى وجودة الرعاية الصحية في بريطانيا. مع استمرار الإرهاق وزيادة ضغط العمل، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للحفاظ على مستوى الرعاية الصحيحة.