تقرير: تدخلات أمنية عنيفة تعرض حياة الأطفال المهاجرين للخطر أثناء عبور القنال

تعرض الأطفال والرضع القادمين إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة من شمال فرنسا لقنابل الغاز المسيل للدموع، وتعرضوا لتكتيكات مثل إطلاق الرصاص المطاطي وقطع القوارب الصغيرة بالسكاكين، وفقًا لتقرير حديث.
صدر يوم الثلاثاء تقرير “نريد أن نكون بِأمان”، الصادر عن المنظمة غير الحكومية الفرنسية “بروجيكت بلاي” (Project Play)، بالتزامن مع وصول أحدث الأرقام الخاصة بعبور القنال يوميًا التي أصدرتها الحكومة البريطانية إلى رقم قياسي بلغ 19,982 لأول ستة أشهر من العام، بزيادة 40% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
حدثت هذه الزيادة رغم التعهدات المتكررة من حكومة العمال بـ”القضاء على العصابات”.
تصاعد العنف على الحدود يُهدّد حياة الأطفال المهاجرين
يشير تقرير “بروجيكت بلاي” إلى أنه بالرغم من زيادة تدخلات السلطات الفرنسية، الممولة من الحكومة البريطانية بملايين اليوروهات، على شواطئ شمال فرنسا، فإن السياسة ببساطة زادت من حصيلة الوفيات وأعداد الأشخاص الذين يتعرضون للعنف، وجعلت العبور أكثر خطورة.
قال طفل يبلغ من العمر 13 عامًا، شاهد هذا العنف، للمنظمة: “الشرطة الفرنسية تخرج السكاكين ورذاذ الفلفل، ثم الأسلحة النارية. أنا مجرد طفل. لماذا تفعلون هذا؟”
تُظهر بيانات جديدة في التقرير أن عام 2024 كان أسوأ عام من حيث وفيات الأطفال والبالغين، مع وفاة 15 طفلًا على الأقل أثناء محاولتهم العبور العام الماضي، وثلاثة على الأقل منهم بسبب إصابات سحق. تراوحت أعمارهم بين 3 أيام و 16 عامًا. تجاوز عدد الأطفال الذين توفوا أثناء محاولتهم عبور القنال ما تم تسجيله خلال السنوات الأربع الماضية مجتمعةً.
ويُبيّن التقرير أن “الحدود بين بريطانيا وفرنسا أصبحت مساحة مميتة متزايدة للأطفال”.
أطفال المهاجرين بين العنف والخطر على شواطئ شمال فرنسا
في العام الماضي، سجّل الصليب الأحمر الفرنسي استقبال 879 طفلًا غير مصحوبين بذويهم في شمال فرنسا. يواجه هؤلاء الأطفال، خصوصًا الفارّون من السودان، صعوبة في دفع مبالغ مهربي البشر، مما يدفع بعضهم لمحاولة الصعود خلسة على الشاحنات، وهو أمر يحمل مخاطر عالية تشمل الاختناق والدهس، فضلاً عن احتمال تعرضهم للعنف من سائقي الشاحنات إذا اكتُشف أمرهم.
في نفس الفترة، تواصلت المنظمة غير الحكومية الفرنسية “يوتوبيا 56” مع 14,538 شخصًا شاركوا في 659 محاولة عبور فاشلة، من بينهم 1,131 طفلًا، منهم 268 طفلًا غير مصحوبين بذويهم.
وترى منظمة “بروجيكت بلاي”، التي تقدم خدمات اللعب والدعم للأطفال والعائلات في مناطق كاليه ودنكيرك، أن تصاعد مستويات العنف والصدمات ووفيات الأطفال يُعزى بشكل مباشر إلى السياسات التي تتبعها الحكومة البريطانية.
وقال أحد أعضاء فريق “بروجيكت بلاي”: “في 16 أكتوبر، شاهدنا طفلًا يبلغ من العمر 3 سنوات يرتب سيارات الألعاب وكأنها سيارات شغب، وهو يصرخ بكلمة ‘شرطة’، وكان يعاني من اضطراب نفسي شديد”.
من جانبها، أكدت كاتي هول، رئيسة قسم المناصرة في “بروجيكت بلاي”، أن فرنسا وبريطانيا لا تقتصران على الفشل في حماية حقوق الأطفال الإنسانية فحسب، بل تتبنيان سياسات تهدد هذه الحقوق وتقوّضها بشكل فعال.
ولفت التقرير إلى أن العديد من الأطفال أظهروا علامات واضحة على الصدمة نتيجة تعرضهم للترهيب والعنف من قبل قوات الشرطة.
دعوات لوقف العنف على الحدود ومطالب بحماية آمنة للأطفال واللاجئين
يدعو التقرير إلى وقف فوري للعنف الذي يتعرّض له الأطفال على الحدود، ويطرح مجموعة من التوصيات السياسية التي تستهدف الحكومتين البريطانية والفرنسية.
تشمل هذه التوصيات نشر بيانات شفافة عن الوفيات، ووقف العمليات العنيفة التي تنفذها الشرطة الفرنسية في مناطق السكن وعلى الشواطئ، ووقف الدعم المالي البريطاني الذي يمكّن هذه الإجراءات.
كما يطالب التقرير بإنشاء مسارات آمنة ومتاحة للجوء في فرنسا وبريطانيا، لتوفير الحماية الحقيقية للأطفال والعائلات.
كرّست “بروجيكت بلاي” هذا التقرير لأرواح الأطفال الذين توفوا على الحدود خلال عام 2024، من بينهم عباده، محمد، رولا، سارة، عبد العزيز، إيشان الله، سابيلا، ميري، منصور، مريم، صلاح، وغيرهم ممن ضاعت أسماءهم.
تم التواصل مع وزارتي الداخلية البريطانية والفرنسية للتعليق، لكن لم يصدر أي رد حتى الآن.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK):
تُعدّ الشهادات المروّعة الواردة في تقرير “بروجيكت بلاي” تذكيرًا صادمًا بعواقب السياسات الحدودية العنيفة التي تُمارَس بحقّ الأطفال والأسر الهاربة من الحروب والفقر. إن استخدام أدوات الردع مثل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ضد مهاجرين، بينهم رُضّع وأطفال، لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، ويشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية حقوق الطفل.
ترى المنصة أن استمرار تمويل بريطانيا لممارسات كهذه، بدلًا من توفير مسارات لجوء آمنة وإنسانية، يُعرّض حياة الأبرياء للخطر ويقوّض القيم التي تدّعي بريطانيا الدفاع عنها. ينبغي للحكومتين الفرنسية والبريطانية أن تتحمّلا مسؤوليتهما الأخلاقية، وأن تعملا على حماية الأطفال لا إيذائهم، وعلى بناء حلول عادلة بدلًا من ترسيخ العنف كأداة للردع
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇